أخيرة

نافذة ضوء

الويل الذي أصاب أمتنا قاتل

يوسف المسمار*

لقد نُكبت أمتنا بويلٍ قاتل ولا سبيل الى النجاة من هذا الويل الا بنظرة جديدة الى الكون والوجود والحياة والمصير تقوم على العقل القوميالاجتماعي الذي من أولوياته الاهتمام بالأساسي الأصلي ليستقيم بعد ذلك الشكلي الثانوي.

 فما لم يعالج الأصلي الأساسي العمودي، فكل معالجة ثانوية أفقية شكلية هي نوع من الشعوذة والثرثرة الفارغة والشرود في متاهات الضياع، «ولائحة العقاقير لا تصنع طبيباً»، كما قال سعاده.

إن الذين يُنَظّرون ويعتقدون ان اللوائح التي يدوّنونها وينقلونها عن علماء وفلاسفة ومفكري ونوابغ الأمم الأخرى تنقذ الأمة مما هي فيه ومن الويل الذي حلّ بها، فاتهم أن تلك الأمم عالجت وحلّت مسائلها الأساسية منذ زمن بعيد فانصرفت لحل المشاكل والأمور الثانوية الشكلية من دساتير وشرائع وقوانين وإدارات وتنظيمات وسياسات، فأعطت كل هذه الأمور الشكلية نتائج ملموسة وصفها عبقرينا الخالد جبران خليل جبران بقوله:

«إن الغربيين إذا نظّموا سيئاتهم بدت كأنها حسنات، وحين ينظمون حسناتهم تبدو كأنها معجزات».

لقد صدق العبقري الموهوب في قوله الحكيم الخالد لأن الصالحين هم وحدهم الذين بمقدورهم أن ينتجوا الصالح ويصنعوا النافع.

الشكليّ لا يقوم مقام الأصليّ

فالغربيون الذين عالجوا مسائلهم الأصلية الأساسية وشَفَوا من أمراضهم الاجتماعية القاتلة وتعافوا، صاروا اذا نظّموا سيئاتهم تبدو للآخرين كأنها حسنات، واذا نظّموا بعض حسناتهم التي مهما ارتفعت درجاتها لا تصل الى الحد الأدنى من حسنات حضارة أمتنا وثقافتها ومدنيتها، بدت كأنها معحزات لمرضى أبناء أمتنا الذين خرجوا عن محور طبيعة أمتنا الخيّرة فراحوا يلملمون من مكبات فضلات الأمم التي تتربّص بنا لوائح الأفكار والنظريات والعقاقير والمقاييس والنظم والشرائع والدساتير والقوانين والتقاليد والعادات والأعراف متوهمين أن التقليد يغني عن الأصيل والشكلي يحلّ محل الأصليّ، والمستورد والاجتماعي يُستبدل بالسياسي، والأفقي يتغلب بالأولوية على العمودي حتى غابت فكرة بعث النهضة السورية القوميّة الاجتماعيّة عن بصائر ونفوس بنات وأبناء الأمة بتفعيل فلسفة الحياة الجيّدة، وفكر الحياة الناهضة، وأدب الحياة الراقية، وتحقيق النهضة في الأرواح والنفوس والعقول والضمائر التي تستطيع أن تكيّف كل عوامل الحياة في شتى الميادين لمصلحة الأمة في جيلها الحالي وأجيالها الآتية التي لا تزال في رحم المستقبل، فحلت فيهم تقاليد الاتكال على الغير، وعادات الاعتماد حتى على الذين يريدون بهم شراً، وأعراف خرافات انتظار الخلاص مائدة تهبط عليهم من السماء.

*باحث وشاعر قومي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى