أولى

الهدنة الروسية في أوكرانيا

– عندما أعلنت موسكو بلسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن هدنة عيد الميلاد وفق التقويم الشرقي، جاء الرد الأوكراني وما لحقه من مواقف أميركية على لسان الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وأوروبية بلسان مفوض السياسة الخارجية جوزيب بوريل، بصيغ قاسية غير متوقعة، لأن هدنة الأعياد تقليدية في أشدّ الحروب قسوة، نادراً ما يتمّ رفضها.
– مضمون الردود الأوكرانية والأميركية والأوروبية تركز على القول بأن موسكو تريد التقاط أنفاسها عبر وقف الهجوم الأوكراني بذريعة الهدنة. وهذا يستدعي الاستنتاج أن هناك هجوماً أوكرانياً موجوداً متصاعداً على أهبة تحقيق نتائج بارزة ومشهودة خلال يوم أو يومين يريد الروس إيقافه مستغلين الأعياد، وبصورة جانبية تضمّنت الردود إشارة الى الخداع الروسي متهمة موسكو بعدم الالتزام بالهدنة رغم إعلانها.
– أيام الهدنة انتهت، ورغم البيانات الأوكرانية العسكرية لمحاولة إثبات أن الجيش الروسي لم يلتزم بالهدنة، لم تحمل البيانات العسكرية أي إشارة الى قصف بالصواريخ والطائرات المسيرة الروسية لكييف والعمق الأوكراني كانت قد أصبحت روتينياً يومياً عسكرياً يستهدف محطات الكهرباء خصوصاً. وبالتوازي لم تحمل البيانات العسكرية الأوكرانية أي أنباء عن نتائج الهجوم الذي قالت وقال معها حلفاء أوكرانيا الأميركيون والأوروبيون أن الدعوة للهدنة جاءت لتفاديه.
– بالمقابل اضطرت الدعاية الأوكرانية، التي باتت أذرعتها العربية أقوى من أي أذرعة أخرى، وتستند إليها المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، لتقول إن موسكو لا تستطيع تكذيب تقارير قناة الجزيرة، أن تتعامل مع حقيقة أن هناك هجوماً روسياً في محاور استراتيجية حساسة، دعا الجيش الروسي إلى التمهل في التحدّث عن نتائجه، ولم يُبرزه الإعلام الروسي إلا متأخراً للإعلان عن تقدّم مهم في محاور باخمونت، ليليه بعد نهاية الهدنة إعلان روسي عن ضربة عسكرية نوعية استهدفت فندقين في كراماتورسك تتخذها القوات الأوكرانية كمقار إقامة لجنودها، ومقتل 600 جندي أوكراني كحصيلة.
– ما جرى يؤكد أن فشل الحرب النفسيّة ليس فقط بانكشاف المزاعم والادعاءات، بل بمصير مصداقية مَن يضع سقوفاً يعجز عن ملاقاتها بالوقائع.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى