مقالات وآراء

الاتفاق السعودي الإيراني صفعة قوية لـ «إسرائيل»

‭}‬ رنا جهاد العفيف
اتفاق سعودي إيراني بوساطة صينية حظيت بخطوات دبلوماسية كبيرة أدّت إلى خلل داخلي عنيف في تل أبيب. كيف تنظر «إسرائيل» وحليفتها أميركا إلى هذا الاتفاق وهل ستسعى كلّ منهما إلى التعطيل؟
لم يتوقف الحديث حول الاتفاق السعودي الإيراني المفاجئ، والذي ترجم صداه إلى الداخل «الإسرائيلي» والأميركي، بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية وسرعان ما تحوّل إلى مناوشات تسبّبت بفشل ذريع مع تبادل الاتهامات حول هذا بين نتنياهو وخصومه، بكلّ تأكيد كانت لهذا الاتفاق أبعاد استراتيجية ارتدّت على الجغرافية الذكية التي كانت تحيك لها الولايات المتحدة وحليفتها «إسرائيل» لرسم خارطة سياسية جديدة لهما في الشرق الأوسط، وما حصل كان بمثابة صفعة قوية إزاء هذا التحرك، ما جعل «إسرائيل» تفقد الثقة بأميركا، وأميركا لا ترغب بشخصية نتنياهو، أيّ أنه لا توجد ثقة كما يجب ان يكون أو كان في السابق ونرى تفككا يطرح علامات استفهام حول مصير اتفاقيات التطبيع من جهة وتبدّد الحلم «الإسرائيلي» مع حلف عربي دولي ضدّ إيران من جهة ثانية، فكان تأثير الاتفاق ساحقا وجعل كلّ من «إسرائيل» وأميركا في صدمة سياسية وأمنية متأزمة جراء الانزياح العربي الكبير على المنطقة وارتدادته الإيجابية ستعود بالفائدة والازدهار على الجميع، وهذا لا يروق لتل أبيب بين قوسين بنيامين نتنياهو خاصة أنّ السعودية خرجت من إطار مخططاته، وردود الفعل هذه التي نراها ما هي إلا فرصة ذهبية قوية للانتصار المباشر لإيران، مقابل هزيمة كبرى أيضاً للمنظومة الاستخبارية الأميركية و»الإسرائيلية» معاً، وبالتالي كان لهذا الأمر ثقل كبير ومن الصعب امتصاص مثل هكذا صدمة في ظلّ الظروف الصعبة التي تعيشها تل أبيب ويتهرّب من مسؤوليتها الجميع هذا من جانب .
أما من ناحية النظرة الأميركية لهذا الاتفاق، فقد أتت نوبة هستيرية لبايدن دون الإعلان عنها وترجمها مسؤولون على أنه ترحيب قد يساعد على تخفيف التوتر كنوع من المواساة لأنفسهم، وأكد الأمر مسؤولون أميركيون أثناء ربما مؤتمر صحافي أو ما شابه، وقد سألت إحدى الصحافيات الرئيس الأميركي بايدن عن هذا التقارب فردّ بلهجة غريبة فاترة بسبب نوبة الصرع السياسي التي لازمته عقب التقارب، هذا الاتفاق هو لمصلحة التقارب بين «إسرائيل» والدول العربية، أيّ بمعنى تصرفوا على أساس انّ هذا الاتفاق لم يكن موجوداً، وهذا دليل على شيخوخة بايدن السياسية التي بدأت علاماتها تظهر على شاكلة زهايمر، وهذا ربما يجعلنا نطرح سؤالاً عن قدراته العقلية والسياسية وما تبقى منها على تعطيل الاتفاق؟
نعم لا يخفي على أحد اليوم بأنّ هناك ودائماً عملاً سرياً مشتركاً بين أميركا وطفلها المدلل «إسرائيل» لمواجهة إيران على مختلف الأصعدة إذا ما كان في الخارج فهو في الداخل، عدا عن الحديث حول منظومة التسليح الأميركية و»الإسرائيلية» أيضاً للقضاء على طهران، ولكن اليوم الوضع مختلف كلياً عن السابق لأنّ دول الخليج لن تنخرط مع الولايات المتحدة بهذا الشأن، وبالتالي قد تلجأ الى خيارات الضغط المفتوحة او قد تدفع بـ «إسرائيل» لفتح جبهة مع إيران عسكرياً ربما، أو ستمارس العرقلة لنسف الاتفاق وطبعاً لا تستطيع ذلك لأسباب تتعلق بالأزمات المتراكمة والتفكك الميداني واللوجستي في ما بينهما ناهيك عن تورّط واشنطن بالحرب الأوكرانية، لذا تراجعت ثقة «الإسرائيلي» بالموقف الأميركي حتى بات لا أحد يثق بالآخر ولا حتى بنفوذه بعد أن نسف الاتفاق السعودي الإيراني نظرية التطبيع المتعلقة بصفقة القرن الهاجس الأكبر لـ «إسرائيل»، وهذا أحد أسباب السجال العنيف الذي يدور بين مسؤولين أميركيين و»إسرائيليين» وخبراء بعد أن انصدموا جميعاً بالواقع الحقيقي، لا سيما الأمر الذي جعلهم في دوامة جيوسياسية هو أن كانت واشنطن تنظر إلى روسيا بعين العداوة، أيّ بمعنى أنّ روسيا العدو اللدود لها، ولكن مع دخول الصين على هذا الخط إطاحة بالولايات المتحدة لأن لا وجود لأميركا بعد هذا التحالف وتحديداً أنّ المنافس الأكبر لها هو الصين الذي شكل عنوان التحوّل في انتقال الصين من أنها قطب دولي اقتصادي كان لا يتدخل في الشؤون الدبلوماسية والسياسية الدولية واليوم تقوم مبادرات للسلام في أوكرانيا وبعد ذلك الاتفاق وتحديداً في منطقة حيوية من العالم هذا بحدّ ذاته بالمعنى السياسي يدلّ على تفعيل هشاشة الدور الأميركي في المنطقة ما لم يكن تلاشى لتتفرّد القوى العظمى لترتيب توازن أمن المنطقة خاصة أنّ انعكاسات هذا الاتفاق على جميع الملفات الساخنة في المنطقة بالمجمل سيكون له مدخل إيجابي لتخفيف التوترات الإقليمية وبرمجة الصفيحة العربية إلى مكانها الطبيعي لتفتح صفحات جديدة مع بعضها البعض، وهذا يتطلب أيضاً التزامات وإدارة تتمكّن من إدارة المرحلة المقبلة لتخطي محاور الصراع، أيّ أنّ هناك مقاربات جديدة تعمل على إسقاط المقاربة الاستراتيجية الأميركية «الإسرائيلية» القائمة على استغلال الخلافات بين الدول، وفي المحصلة نتائج هذة المباحثات والمفاوضات بين البلدين السعودي والإيراني والتواصل المباشر دبلوماسياً سترفع مشعل الحق والانتصار على جميع الملفات الإقليمية وسيصبّ في مصلحة الجميع عدا «إسرائيل» بناء على تحليلات الصحف الأميركية وكذلك التصريحات والتحليلات التي تقول إنّ هناك قلقاً أميركياً كبيراً من هذا الاتفاق وهو بمثابة نكسة تاريخية لنهج بايدن الذي كان يشجع على التقارب السعودي «الإسرائيلي» وفشل بذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى