أخيرة

آخر الكلام

في ذكرى استشهاد
الرفيق الشاعر خليل حاوي
‭}‬ الياس عشي
عندما أطلق الأديب والشاعر خليل حاوي على نفسه الرصاص في السادس من تموز عام 1982 بعد أن رأى جنود الاحتلال اليهودي يعربدون في شوارع بيروت، إنما كان يطلق رصاصة الشرّف اليتيمة في خزانة المثقفين؛
يومها انعقدتِ الخناصر،
وارتفعت المناديل،
وزغردتِ النساء،
وتهيّب الرجال…
يومها ولدت المقاومة.
***
رصاصة خليل حاوي هي نقطة العبور بين مشاتل التبغ في الجنوب، وبساتين الليمون في طرابلس، وكروم الزيتون في الكورة، وسهولِ عكّار.
إنها دهشة الغضب، ودهشة الرفض، في لحظة من لحظات البطولة.
إنها الجسر الذي عبر منه، في ما بعد، وجدي، وسناء، وبلال، وعلي، ولولا، وكلُّ الذين دفنتهم «إسرائيل» بين أنقاض بيوتهم.
***
في سبعة أيام قصفت «إسرائيل» لبنان، وقتلت، وشرّدت. ولكنها، في سبعة أيام، فضّت بكارة العالم العربي، تماماً كما فعلت في الخامس من حزيران عام 1967.
وغداً سترفع سواعد اللبنانيين أنقاض ما تهدّم، وسيبني اللبنانيون مكان البيت بيتين، ويزرعون حقولهم بمشاتل التبغ، ورائحة الياسَمين، وأصوات العصافير.
لكنّ عذرية العالم العربي ستبقى وشم عار. ولن يرحم التاريخ، مهما زُوّر، جريمة الشرف التي سكت عليها أمراء البداوة، وشيوخ الجاهلية.
***
تُرى هل تستطيع الأيام السبعة أن تعيد «خربطة» الأشياء من جديد؟ فتولد سناءُ أخرى، وخليل آخر، وتزدحم طرقات الجنوب بأبطال يأتون من كلّ مكان؟
أم أنّ الأيام السبعة ستكون بنداً على طاولة المفاوضات، تلعبه «إسرائيل» بساديّة «يهوه»، ويقبله العرب كأمر واقع؟
***
مهما كان النفق طويلاً ومظلماً، فثمّةَ ضوء في نهايته. وأيام الفرح، ووقفات العزّ قد تكبو، لكنها دائماً تعود إلى التألق، ودائماً نرى، في مجاهل الجاهلية، من تمتدّ قامته، من يزرع جبينه في الشمس، من يؤمن بأرضه، وتراثه، وحضارة فكره.
هذا الـ «من» قد يأتي كما «غودو» ليردّ إلى العالم العربي عذريته المفضوضة، ومعه تعود مواسم الشهادة …
ونحن بانتظار «غودو»…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى