مقالات وآراء

الحياة في العراق بين الصدمة والرعب

‭}‬ محمد حسن الساعدي
على الرغم من مرور 20 عاماً على سقوط النظام السابق، إلا أنّ العراقيين لا يزالون يعيشون خيال ووهم ذلك الحكم، وظلّ أبناء الشعب العراقي البالغ تعدادهم 40 مليوناً يتذكرون تلك الأحداث المؤلمة التي مرّت بهم وببلادهم.
وعلى الرغم من تلك التحديات التي واجهها العراقيون إلا أنّ الكثير منهم لا يزال يعتقد بأنّ هناك فرصة حقيقية للاستقرار، فهناك حركة سياسية قائمة وهناك قوة سياسية بدأت تأخذ مكانها في هذه الحركة، حيث هناك حراك شبابي (التشرينيون) بدأ يأخذ طريقه نحو المشاركة الإيجابية في القرار السياسي وينافسون القوى السياسية في أيّ انتخابات تجري ولديهم مقاعد برلمانية، وستكون لهم مشاركة في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في كانون الأول المقبل.
‏مع وجود التحدي الأكبر وهو الفساد الذي أخذ ينخر بجسد الدولة العراقية ويهدّد كيانها، باتت جهود حكومة محمد شياع السوداني واضحة في مكافحة مافيات الفساد والاقتصاص منها، بالإضافة إلى نقص الخدمات وارتفاع نسبة البطالة، كلها أسباب تقوّض حركة السوداني، وتجعله عاجزاً أمام القضاء عليها، والتي بالتأكيد أمامها قائمة طويلة من الأولويات التي يجب معالجتها إذا كانت هناك إرادة في الخروج من هذه المشاكل والذهاب نحو الاستقرار والخروج من الفوضى التي خلفها الغزو الأميركي للعراق والمصالح الغربية والأميركية التي لعبت دوراً في هذه الفوضى بالإضافة إلى الإرهاب والطائفية التي لا تزال تعصف بالبلاد وتهدّد استقرارها.
‏واقعاً يبدو أنّ العراق قد حقق قدراً من الاستقرار وأصبحت هناك حكومة مستقرة تعمل وتحاول سدّ الفراغ السياسي الذي دام لأكثر من عام، على أثر تشكيل التحالف الثلاثي بزعامة الصدر، بالإضافة إلى انخفاض العمليات الإرهابية إلى أدنى معدلاتها منذ عام 2003 وعلى الرغم من الهدوء النسبي في العراق والذي يعدّه المراقبون «مخادعاً»، إلا أنّ الهدوء والاستقرار ودخول مرحلة جديدة تأتي بالاتساق مع حالة الهدوء والاستقرار التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط ومنها العراق والتي هي من الأهداف التي تسعى لها واشنطن وتعتقد انّ خفض التصعيد الإقليمي ضروري للسماح لها بالتفرّغ لخصمها اللدود (الصين).
لذلك ينبغي على القوى في المنطقة أن تركز على استقرارها وعدم السماح لأيّ تأثير سلبي يحاول تعكير هذا الاستقرار، خصوصا أنّ العراق هو ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، وأيّ انهيار في العراق سيؤدّي بالتأكيد إلى زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها من خلال انتشار النازحين واللاجئين والإرهاب.
‏هناك من يرى أنّ على واشنطن أن تكون جادة ومهتمة باستقرار العراق، وتطوّره وازدهاره وتطوير قدراته الإدارية والاقتصادية، وان تنفذ ما عليها من التزامات، وأن تكون صادقة في ذلك… وإلا فإنّ العراق بقدراته البشرية والمالية، يمكن أن يكون متقدّماً في المجال الاقتصادي، وسط الانفتاح على الوضع الإقليمي والدولي، الذي بالتأكيد سيؤثر بالإيجاب، على اتساع رقعة الاستثمار في البلاد .
‏المنافسة الشرسة بين القوى السياسية التي بدأت تضغط بقوة من أجل مكاسبها في حكومة السوداني وتماشياً مع أهدافها وأولوياتها المعلنة ينبغي على حكومته أن تعمل باستقلالية تامة وأن تتعامل مع هذه القوى السياسية على أساس الاتفاق السياسي الذي وقعت عليه والذي على أساسه تمّ تشكيل حكومته لذلك في ظلّ هذه الظروف يبقى السؤال الأهمّ هو قدرة هذه الحكومة على الوفاء بتعهّداتها أمام الشعب العراقي وتكون قادرة تماماً على الاستفادة من الوضع الاقتصادي والزيادة في أسعار النفط والهدوء والاستقرار السياسي في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى