أولى

توتر روسي أميركي وروسي تركي؟

– لا يمكن الفصل بين التصعيد الأميركي في سورية، واستنهاض الجماعات الإرهابية على خط الحدود السورية العراقية، وقناعة واشنطن بأن الانخراط التركي في خطة المصالحة مع الدولة السورية برعاية روسية إيرانية، بما يضمن الالتزام بالانسحاب التركي من سورية بعد التعاون في تفكيك الجماعات الإرهابية والكانتون الانفصالي الذي أقامته تحت العباءة التركية، وعندما كانت تركيا تتقدم في هذا الاتجاه ارتبك الأميركيون وبدأوا يشعرون بخطر تعرّضهم لحملة مقاومة، ويبحثون جدياً بالانسحاب، وينصحون جماعة “قسد” بتعزيز التواصل مع دمشق.
– ما حدث على جبهة العلاقات الأميركية التركية واستطراداً الأوروبية التركية، يقول إن فترة البرود التركي نحو الانخراط الجديد بخطوات تترجم صدق التوجّه نحو المصالحة مع سورية، سوف يستمر لفترة غير قصيرة تحتاج تركيا أن تختبر خلالها مدى وجود فرص لتنفيذ الوعود الأوروبية بفتح الطريق أمامها نحو الاتحاد الأوروبي ولو تدريجياً، وترى خلالها حجم الدعم الأميركي لاقتصادها ومساعدته برفع العقوبات لتخفيف حدة الأزمة. وقد نفذت تركيا بعض تعهداتها بإطلاق معتقلي كتيبة آزوف الأوكرانيين بخلاف اتفاقها مع روسيا، ورفعت تحفظاتها عن انضمام السويد إلى حلف الناتو.
– التصعيد الأميركي شمال شرق سورية، كان أحد أسباب تسريع زيارة رئيس الحكومة العراقية إلى سورية، ولم تكن إيران بعيدة عن التشجيع على الزيارة، والموقف الواضح المشترك من السياسات التركية في ملفات المياه والإرهاب والحدود، يؤكد الخلفية السياسية لما يجري، وفي مواجهة الحراك الأميركي العسكري عبر الحدود السورية العراقية لصالح الجماعات الإرهابية لربط التنف بشرق الفرات، يبدو أنه لقي اهتماماً سورياً عراقياً لإحباطه بانتشار منسّق للجيشين السوري والعراقي، لكن هذا لا يختصر الصورة حيث المواجهات في منطقة شرق الفرات تبدو مرشحة للتصاعد، وروسيا التي كانت عامل ضبط لمنع التصعيد، بدأت تتحدّث عن سقوط اتفاقيات عدم التصادم مع الأميركيين، بل ربما باتت تجد أن الأميركيين لا يعبأون بحجم الخسائر الأوكرانية فيمدون الحرب بأسباب الاستمرار لأنهم لا ينزفون هناك، بينهم هم موجودون في سورية، وإذا نزفوا فيها سوف يعيدون النظر في الكثير من السياسات.
– الردّ الروسيّ على ما فعله الأتراك بالنكول بالتعهدات، لم يتأخر كثيراً، لأن الفيتو الروسي الصيني المنسق مع الدولة السورية بوجه مشروع قرار تمديد إدخال المساعدات الأممية الى شمال غرب سورية عبر الحدود التركية السورية، هو رسالة روسية لأنقرة لأن هذه المساعدات تدخل وتدار تحت العباءة التركية، ولم يمض وقت طويل حتى جاءت رسالة وقف اتفاقية الحبوب التي رعتها تركيا وجوهرها كان تسهيل روسيا لتجارة الحبوب الأوكرانية ومنح تركيا مكانة اللاعب الإقليمي والدولي الفاعل، دون أن تكسب روسيا شيئاً، لأن الشق الخاص بتسهيل تصدير الحبوب الروسية لم يتم، وبقيت العقوبات على السفن وشركات التأمين تحول دون تصدير ملايين الأطنان من الحبوب المخزّنة في المستودعات الروسية.
– شمال غرب سورية بدوره يشهد توتراً يتصاعد، حيث يبدو أيضاً أن ثمة حاجة لرسائل عسكرية مع الانسداد السياسي، خصوصاً أن الحديث عن معارضة مسلحة تكذّبه السيطرة العسكرية الشاملة لجبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام وفق تسميتها الأخيرة، على كامل المناطق المحسوبة على النفوذ التركي.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى