دبوس
بلا منًة ولا تفضّل…
انه لمن واجب الوجوب، بلا منّة ولا تفضّلاً، أن تُقدّم يد العون من ممالك وإماراتٍ دفعت أطناناً من الأموال لضرب وتدمير سورية، وطارت الصيدة.
بلا منّةٍ ولا تفضّلاً، ما قد تبذلوه من المال لمساعدة وإعادة إعمار سورية هو دين في أعناقكم، وهو بذل وعطاءٌ لمصلحة الأمة برمّتها، وليس منّةً ولا تفضّلاً، ففي القلب تقبع سورية التي أنزفت واستنزفت بلا داعٍ، إلّا امتثالاً وارتهاناً للوحش القابع هناك في أقصى الغرب أذهله وأطار صوابه أن قالت سورية لا، لا للهيمنة، ولا للكيان المصطنع، ولا لمصادرة القرار والأرض واستباحة الأوطان والمقدسات، في القلب وفي الصميم تنتصب الشام مباركة شامخة منذ ما قبل التاريخ، تقارع وتنازل كلّ صولات وجولات المارقين من الشرق ومن الغرب، ومن الشمال ومن الجنوب فلا تكلّ ولا تملّ ولا يعتريه السأم فتستوعب الغزوات والصدمات موجات وموجات عبر التاريخ، بصدرها متحمّلة تغوّل الأعداء، وخذلان الأشقاء، وتثعلب الأقرباء، ولا تبالي، لا منّةً ولا تفضّلاً، فالمصلحة العليا للأمة تستدعي هبّةً للمساعدة…
سورية لا تؤاخذ ولا تلوم ولا تسترجع الماضي المفعَم بالآلام، سورية تقول دعونا نطوي صفحةً ونستقبل الآتي من الأيام، فلا منّةً ولا تفضّلاً، بالأخوّة والمحبة والتشبيك والتطبيع في ما يصبّ في مصلحة الجميع، فلا منّةً ولا تفضّلاً، دعونا نتعالى فوق الجراح، وفوق الآلام وفوق التشفّي والمراوغة، فلا منّةً ولا تفضّلاً، دعونا نلتقي في واحات المحبة والأخوّة والعروبة والتضامن في ما يصبّ في مصلحة الأمة.
ليس منّةً ولا تفضّلاً حينما تمدّون يد العون الى سورية، ذلكم هو دين في أعناقكم، والتزام لا تملكون ان تتحللوا منه، وليس منّةً ولا تفضّلاً ان يتدفق العون لبناء سورية ولإغاثة شعبها العظيم الذي يتألم بصمت ويتلظّى بلا شكوى، ليس منّةً ولا تفضّلاً، فسورية هي هي، تقاتل بصمت، وتمدّ يد العون بصمت، وتحقق النصر بصمت، وتُطعن فتصمت، وتُخذل فتصمت، ويتآمر عليها المتآمرون فتؤثر الصمت، ثم تتعالى وتتسامى ولسان حالها يقول، وإنّ الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمّي لمختلف جداً، إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم، وانْ هدموا مجدي، بنيت لهم مجداً، فإنْ مددتم يد العون، فلا منّةً ولا تفضّلاً، وسلام القدس والشام عليكم.
سميح التايه