مانشيت

لودريان يصل اليوم والبداية في البحث مع بري عن فرصة دمج المبادرتين وتطويرهما/ وقف نار في المخيمات تحت مظلة الأمن العام… وتساؤلات عن صاحب مشروع التفجير؟/ الحكومة تكلف بوحبيب بدء الحوار مع سورية حول ملف النزوح الذي بلغ درجة الخطر/

كتب المحرّر السياسيّ
مع تأكيد وصول المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت اليوم الثلاثاء، بعد مشاركته في الحوارات التي جمعت الفريقين السعودي والفرنسي المولجين بملف الرئاسة اللبنانية في باريس، تقول مصادر نيابية إن الأولوية التي تنتظر لودريان مع الأجواء السلبية التي تلقاها حول رسالة الأسئلة التي وجّهها للأطراف النيابية الرئيسية، هي في تعديل مبادرته بصورة تتيح إحداث اختراق بدا أنه ممكن مع انطلاق مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، رغم المواقف المترددة لدى بعض الكتل النيابية والمعارضة من بعضها الآخر. وتقول المصادر النيابية إن لودريان سوف يفتتح جولته بلقاء الرئيس بري للتدقيق في بنود المبادرتين وبحث إمكانية دمجها بنصوص واضحة غير قابلة للتأويل، حول ماهية الحوار وعناوينه ومهلته، وحول المقصود بالجلسات الانتخابية المتتابعة، لجهة الذهاب إلى الدورة الثانية دون تعطيل النصاب، وليس تكرار عقد دورات أولى فقط.
بالتزامن نجح المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس بيسري في التوصل إلى وقف لإطلاق نار في مخيم عين الحلوة، بدأ تنفيذه مساء أمس، وساد بعده الهدوء الحذر، وسط تساؤلات تطال الروايات والتحليلات المتضاربة حول هوية الجهة المستفيدة من الاشتباكات والتي تقف وراء إشعالها. فمن جهة يتم ترويج سردية تقول إن حركة فتح تريد السيطرة على المخيم لإقامة توازن مع توسع نفوذ حركتي حماس والجهاد الإسلامي في سائر مخيمات لبنان وصعود حضورهما في الضفة الغربية، وتوضع زيارة مسؤول المخابرات في السلطة الفلسطينية اللواء ماجد فرج إلى بيروت قبل أسابيع في سياق التحضير للعملية؛ ومن جهة مقابلة رواية معاكسة تطرح الأسئلة كيف عاد مسلحو وقادة الجماعات الإسلامية الذين تمّ إبعادهم إلى تركيا بعد اشتباكات 2019 الى المخيم ومَن أعادهم، وما هي مهمة العائدين، وتتم الإشارة بأصابع الاتهام نحو قطر ودورها في رعاية هذه المجموعات، ووظيفة التفجير لإرباك الساحة أمنياً وفتح الطريق نحو سيناريوات عديدة يتصل ببعضها بإنشاء بؤرة متفجرة قابلة للتوظيف، وبعضها الآخر بتحويل الاشتباكات الى منصة لتصعيد أسماء في بورصة الانتخابات الرئاسية اسوة بما جرى مع اشتباكات نهر البارد، التي يعتقد كثيرون أنها كانت محطة هامة في صعود اسم قائد الجيش يومها ميشال سليمان الذي أصبح في ما بعد رئيساً.
الملف الشائك المتصل بقضية النزوح السوري كان عنوان الاجتماع الذي عقدته الحكومة وخرج بقرار بتشكيل لجنة برئاسة وزير الخارجية عبد الله بوحبيب وتضمّ أمين عام المجلس الأعلى للدفاع ومدير عام الأمن العام بالإنابة، مهمتها فتح الحوار الرسمي بين الحكومتين اللبنانية والسورية، حول ملف النزوح السوري في لبنان، سواء نتائج عملية النزوح الكارثية على لبنان، او عجز الدولة اللبنانية عن تحمل المزيد من موجات النزوح. ويفترض بالزيارة أن تفتح كوة في جدار العلاقات بين البلدين. وكان اجتماع الحكومة مساء أمس قد خرج بمجموعة قرارات تتصل بانعكاسات قضية النزوح وكيفية التعامل معها، مشيرة الى أن الأزمة قد بلغت مرحلة خطيرة.

ولا تزال الملفات الأمنية في واجهة المشهد الداخلي بانتظار أن يعود الاستحقاق الرئاسي ليخطف الأضواء بدءاً من اليوم مع وصول مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان الى بيروت. وكان لافتاً التوصّل الى اتفاق لإطلاق النار في عين الحلوة قبل ساعات من وصول لودريان الى لبنان.
وتمكنت الاتصالات والجهود السياسية من فرض اتفاق لوقف إطلاق النار بعد الاجتماع الذي عقد في مكتب المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري بحضور هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، ورئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور باسل الحسن.
وتم الاتفاق على وقف فوري ودائم لإطلاق النار، ومتابعة تسليم المطلوبين باغتيال اللواء العرموشي ورفاقه، وكذلك عبد الرحمن فرهود للسلطات اللبنانية وفق آلية تمّ التوافق عليها، وفق وما أشارت مديرية الأمن العام في بيان.
وعصر أمس، ساد الهدوء الحذر كافة محاور الاشتباكات في عين الحلوة بعد ساعات من القتال العنيف، ولم تسجل ساعات الليل أي إطلاق للنار أو اشتباكات في المخيم.
في وقت وصل عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، والمشرف على الساحة اللبنانية، عزام الأحمد، إلى بيروت، استقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وجرت متابعة التطورات في مخيم عين الحلوة.
وتربط أوساط مطلعة بين ما يجري في مخيم عين الحلوة وبين التطورات على الساحة الفلسطينية لا سيما بين حركتي فتح وحماس وتوازن القوى بينهما لا سيما بعد حرب جنين. وتلفت لـ”البناء” إلى أن حركة فتح تحاول التعويض في عين الحلوة عن خسارتها في مخيم جنين والضفة الغربية.
وتشير مصادر فلسطينية لـ”البناء” الى أن حركة فتح رفعت وتيرة التصعيد على مختلف المحاور طيلة نهار أمس، في محاولة لفرض أمر واقع وتغيير الموازين الميدانية قبل الاجتماع مع اللواء البيسري، للقول إننا نستطيع القضاء على التنظيمات المتطرفة لكن نحتاج الى مزيد من الوقت والدعم، وكذلك قبيل وصول عزام الأحمد إلى بيروت.
ووفق معلومات “البناء” فإن عزام الأحمد سيطلب مساندة الجيش اللبناني لمقاتلي فتح لإنهاء الحالة الشاذة في حطين وفي حي التعمير. ولفتت المعلومات الى أن “الساعات المقبلة ستظهر اتجاه الأمور وما إذا كانت فتح ستمنح مزيداً من الوقت لاستمرار القتال للقضاء على التنظيمات المتطرفة أو الوقوف عند هذا الحد، لا سيما أن فتح لم تحقق أي تقدم على الأرض”.
في المقابل تشير أوساط فتح لـ”البناء” الى أن “قرار حركة فتح وقف إطلاق النار مرتبط باستسلام المطلوبين وتسليمهم للقضاء اللبناني أو تصفيتهم”، متهمة بعض التنظيمات الإسلامية في المخيم كعصبة الأنصار بالتغطية على المتطرفين الذين يتلطون خلف “الإسلام” ويستخدمون الأحياء التي تسيطر عليها عصبة الأنصار لشن هجمات على مراكز حركة فتح. متهمة جهات إقليمية بتمويل ودعم المجموعات الإرهابية لأهداف سياسية وأمنية.
وعلمت “البناء” أن لا قرار حكومياً ولا من قيادة الجيش بالدخول على خط الاشتباك في عين الحلوة، وأن الجيش يتخذ الإجراءات اللازمة لمنع تمدّد الاشتباكات الى خارج المخيم أو في بقية المخيمات كما الدفاع عن مراكزه ضد اي استهداف.
وكانت الاشتباكات داخل مخيم عين الحلوة استمرّت في يومها الخامس وأدّت الى مقتل شخص وجرح عدد من الاشخاص، وأفيد أن حصيلة الاشتباكات بلغت 8 قتلى و128 جريحًا و6 جرحى من الجيش اللبناني.
ولا يستبعد خبراء أمنيون دوراً إسرائيلياً في أحداث عين الحلوة عبر استخدام بعض التنظيمات الإرهابية لأهداف عدة، الأول إشعال الاقتتال بين الفصائل الفلسطينية وإيقاع الخلافات بينها لإشغالها عن قضيتها الأساسية، ونقل هذه المعركة الى الساحة الفلسطينية وتحديداً في الضفة الغربية ومخيم جنين، وثانياً إرباك الساحة اللبنانية التي تتخبّط بأزماتها السياسية والاقتصادية والمالية، اضافة الى إرباك حزب الله بتهديد أمن الجنوب واستقراره من بوابة عين الحلوة، وبالتالي استخدام المخيم كورقة تفاوض في السياسة عشية وصول لودريان الى لبنان، ولا يستبعد الخبراء توريط الجيش اللبناني في المعركة على إثر أي استهداف لأحد مراكزه.
وفجر أمس، اشتدت وتيرة الاشتباكات بعد هدوء نسبي طوال الليل كانت تخرقه رشقات الرصاص وإلقاء القنابل بين الحين والآخر لتعود وتشتد صباحاً ولا سيما على محوري حطين جبل الحليب ورأس الأحمر – الطيري وعلى طول الشارع الفوقاني، واستخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، فيما طاول رصاص القنص الأحياء والمناطق المجاورة في مدينة صيدا، كما تمّ إغلاق مدخل صيدا الجنوبي من منطقة الحسبة وتحويل السير إلى الطريق البحرية بعدما طاوله رصاص القنص. وتساقط الرصاص الطائش في أحياء وشوارع مدينة صيدا حيث أصيب مكتب أمن الدولة في سراي صيدا الحكومي برصاص طائش، مما أدّى الى تحطم زجاج النافذة ونجاة من كان بداخله.
واعتبر حزب الله تعليقاً على أحداث عين الحلوة أن “المستفيد الوحيد هو العدو الصهيوني، والمتضرر الأكبر منه هو الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية. ففي الوقت الذي يخوض فيه مجاهدو المقاومة الفلسطينية في الداخل أعظم الملاحم لتحرير تراب فلسطين، يحصل هذا القتال العبثي في مخيم عين الحلوة، والذي يدمّر البشر والحجر ويعمق المأساة ويضرّ بشكل كبير بالوحدة الوطنية الفلسطينية ومستقبل العمل الوطني”. ودعا الحزب في بيان إلى “وقف إطلاق النار بشكل فوري والتزام كل مندرجات وآليات الحل التي يتم التوافق عليها، في إطار العمل الوطني الفلسطيني، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية والقوى الفاعلة والمؤثرة”.
وعلى وقع الاشتباكات في عين الحلوة انشغلت الأوساط الرسمية بأزمة النزوح السوري الى لبنان بسبب الأحداث الأمنية الدائرة في سورية.
وأشارت مصادر “البناء” الى أن التهريب ينشط عبر الحدود السورية اللبنانية لمئات من النازحين الذين يدفعون المال للدخول الى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، ويكاد لا يمرّ يوم من دون دخول عشرات النازحين بطريقة غير شرعية إلى الأراضي اللبنانية عبر “مافيات التهريب”، وعلى الرغم من الإجراءات المشددة التي اتخذتها الأجهزة الأمنية إلا أنها لا تستطيع سدّ كل منافذ ومعابر التهريب غير الشرعية لا سيما في الطرق الوعرة والجردية والجبلية التي يسلكها المهربون.
واللافت وعلى الرغم من خطوة أزمة النزوح وتداعياتها الكارثية على لبنان على كافة المستويات، وفق ما تشير أوساط وزارية لـ”البناء”، لم يكتمل النصاب القانوني لانعقاد جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقرّرة قبل ظهر أمس في السراي لبحث ملف النزوح السوري الى لبنان.
وبناء عليه قرّر ميقاتي عقد لقاء تشاوري مع الوزراء الحاضرين ومع قائد الجيش والمدير العام للأمن العام. وأعرب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن أسفه “لعدم حضور الوزراء المتغيبين عن الجلسة، لا سيما الذين تصدح حناجرهم طوال النهار بمواقف من هذا الملف، من باب المزايدة ليس الا”.
وشدد ميقاتي في بيان على أن “الحكومة لم تتأخر يوماً عن اتخاذ القرارات المناسبة في هذا الملف، وأن الجيش وسائر الأجهزة الأمنية يقومون بواجباتهم في هذا المجال، لكن المطلوب هو اتخاذ موقف وطني جامع وموحّد بشأن كيفية مقاربة هذا الملف لا سيما النزوح المستجدّ لمئات السوريين عبر نقاط عبور غير شرعية”.
وغاب عن الجلسة الوزراء وليد نصار، ناصر ياسين، عباس الحاج حسن الذين كانوا اعتذروا رسمياً عن عدم حضور الجلسة بسبب السفر، أما وزير الصحة فراس الأبيض فاعتذر أيضاً لارتباطات ُمسبقة لكنه عاد إلى السرايا منعاً لأي تأويل. أما الوزير هيكتور حجار فكان أبلغ الأمانة العامة لمجلس الوزراء بأنه سيحضر الجلسة لكنه لم يقُم بذلك، كما تغيب الوزير أمين سلام.
لكن النصاب عاد وتحقق في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت بعد الظهر لمناقشة مشروع الموازنة، إلا أنها تضمنت سلسلة قرارات لمواجهة أزمة النزوح السوري والطلب إلى الإدارات والأجهزة والوزارات المعنية تنفيذها وأبرزها:
*التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية لتنفيذ عمليات مشتركة شاملة ومُنسقة تستهدف شبكات التهريب وإحالتهم إلى القضاء المختص، كما وإغلاق نقاط العبور غير الشرعية ومصادرة الوسائل والأموال المستخدمة من قبل المهربين وفقاً للأصول.
*التعميم على البلديات وجوب الإفادة الفورية عن أي تحركات وتجمعات مشبوهة تتعلق بالنازحين السوريين لا سيما لناحية تهريبهم ضمن نطاقها.
* الطلب من الجمعيات كافة لا سيما الأجنبية منها وجوب التنسيق مع الوزارات والإدارات والأجهزة العسكرية والأمنية تحت طائلة سحب العلم والخبر منها، وذلك بناءً على تقارير تُرفع لهذه الغاية من قبل الإدارات والأجهزة المعنية لا سيما من قبل المديرية العامة للأمن العام.
*وقف جميع محاولات الالتفاف على النصوص القانونية بهدف تشريع العمالة الأجنبية لا سيما من خلال إنشاء شركات تجارية وهمية وتحديداً شركات توصية بسيطة.
*الطلب من النيابات العامة التشدد في الإجراءات القانونية المتعلقة بالضالعين في تهريب الأشخاص والداخلين إلى لبنان بطرق غير مشروعة.
*الطلب من المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR تكثيف التعاون مع الوزارات والأجهزة الأمنية والعسكرية في سبيل توفير الظروف الملائمة والفورية للعودة الآمنة للنازحين السوريين.
*تكثيف الجهد الدبلوماسي لشرح خطورة هذا الموضوع على لبنان والأمن الإقليمي والأوروبي لا سيما في ضوء ضعف وتراجع الإمكانيات التي تسمح بضبط عمليات التهريب من خلال الأراضي والمياه الإقليمية اللبنانية، والتأكيد على ضرورة إتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري لتشجيعه على البقاء في أرضه وتشجيع النازحين على العودة.
*تعديل قرار مجلس الوزراء رقم 1 تاريخ 13/6/2023 في شقَه المتعلق بتشكيل الوفد الوزاري الى سورية، بحيث يترأس هذه اللجنة وزير الخارجية والمغتربين وتضمّ كلّاً من الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع والمدير العام للأمن العام. بحيث تُعرض نتائج أعمال اللجنة على مجلس الوزراء خلال مهلة أقصاها نهاية شهر أيلول الحالي لإجراء المقتضى بشأنها.
وكشف وزير الإعلام زياد مكاري عن قرار حكومي لبدء الاتصالات مع الحكومة السورية منذ اليوم للتحضير للزيارة.
في غضون ذلك، يصل مبعوث الرئاسة الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان اليوم ويقوم بجولة على المرجعيات السياسية ورؤساء الكتل النيابية، وفق ما علمت “البناء”. ويستهلها بزيارة عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ويبحث معه المبادرة التي أطلقها في 31 آب الماضي والاقتراحات ليقرر لودريان الخطوة التالية.
على صعيد آخر، أعلن أحد نواب حاكم مصرف لبنان المركزي سليم شاهين أن “المصرف سيضع قيوداً على الوصول لمنصة “بلومبرغ” لتداول العملات من المقرر إطلاقها في غضون أسابيع، بما يضمن أن الدولارات المتداولة في النظام تأتي من “مصادر مشروعة”.
وأوضح شاهين لـ”رويترز” أن “حكومة تصريف الأعمال وافقت على المنصة وسيتم إنشاؤها “في غضون شهر أو بضعة أسابيع”. وسيتزامن إطلاقها مع إصدار المركزي لمجموعة جديدة من التعميمات التي تحدّد المؤهلات والأدوار والآليات التنظيمية للمستخدمين المصرّح لهم، والمعروفين باسم صانعي السوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى