أخيرة

دبوس

«قلّاية بندورة»

في إحدى المقابلات المضحكة التي يفبركها خبراء الترويج النفسي التي تطفح بها شبكات البث الرخيص في ميديا التواصل الاجتماعي، يقول صاحب الجلالة سليل الأسرة الهاشمية انّ أكلته المفضلة هي «قلّاية البندورة»، الرجل متواضع حتى النخاع، وهو يكاد ينتمي الى الطبقة الكادحة، فأنت تجده في مكان آخر يغمّس الحمص ويقضم الفلافل كأيّ أردني كادح آخر، يتلاشى راتبه في الأيام الثلاثة الأولى من الشهر، ويقضي بقية الشهر وهو يصرخ بأعلى عقيرته، لله يا محسنين…
لست أدري ما الذي يريد إثباته هؤلاء المرتزقة، هل يريدون ان يقولوا لنا انّ هذه العائلة مجبولة على التواضع والعيش الرهيف، والتفاني في الخدمة العامة للناس، الحقيقة الرقمية تشي بشيء آخر، الأرقام الغير قابلة للنقض تتحدث عن أنّ نصف الدخل القومي يذهب للصرف على قصور صاحب الجلالة والأمراء والأميرات، وفي واقع الحال فإنّ التمادي في الاستحواذ على جزء كبير من دخل الدولة للصرف على العائلة الحاكمة، في نظري، ليس هو الجانب الأنكى من المشهد المزري في الأردن، قد نغضّ الطرف عن ذلك، مع انّ الشعب يتلوّى من الوضع الاقتصادي المتهاوي، فالارتهان الكلّي والمطلق، ومنذ إنشاء المملكة، للأوليغارشية الصهيوأنجلوساكسونية هو الديدن لهذه العائلة الحاكمة، من حماية أطول حدود مع كيان الإحلال، وإبقائها في حالة هدوء وسكينة، الى التعاون الأمني والاستخباري مع الموساد و«سي أي آي»، الى تكريس الدور الوظيفي للجيش الأردني لحماية المصالح الغربية من خلال المشاركة الفعّالة في قمع ايّ تحرك شعبي في المنطقة قد يهدّد المصالح الغربية، من ظفار الى جهيمان الى ثورة السموع في الضفة الى ثورة الشعب البحريني، وأخيراً وليس آخراً المشاركة في تدريب قوات تابعة لسلطة أوسلو تدريباً خاصاً بإشراف أميركي للتصدي لثورة الضفة الغربية الحالية…!
تاريخ طويل عريض يمتدّ لما يربو على القرن في الامتثال الكلّي للأجندة الصهيوأنجلوساكسونية، مقابل الدعم المادي المضطرد للإبقاء على هذا العرش سدناً وعوناً للهيمنة الغربية والمشروع الصهيوني، ثم نجد أنفسنا الآن ومن خلال هذه الهجمة الشعبوية السمجة نستفز بهذا الكمّ المريع من الإعلام المسطّح العابث، والذي يراهن على أنّ ذاكرة الإنسان قابلة للإلغاء ولقلب الحقيقة بحيث نجعل من الشذّاذ التبّع نبلاء…
سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى