أولى

أميركا العجوز المنكسرة…

‭}‬ د. جمال زهران*
من يرى صورة الرئيس الأميركي (جو بايدن)، العجوز، الذي يتحرّك بصعوبة، ويرتبك في تصرفاته، ويقرأ غير ما هو مكتوب، ويتلعثم في القراءة، ويقف دقائق رغماً عنه وربما قد تلقى جرعات تنشيطية لصموده في الوقوف مثل هذه الدقائق… ويتعثر وهو يتحرك أو يمشي خطوات إلى سيارته أو طائرته.. بل إنّ هناك فيديوات تكشف عن حركة أصابعه أسفل شعره من الخلف، والتي تشير إلى «كرمشة» جلده، الأمر الذي يشير إلى أنّ هناك احتمالاً بأن يكون «بايدن الشبيه»، وليس «بايدن الأصلي»، هو الشخص الموجود على المسرح! ويتردّد أن بايدن قد توفى، وأنّ مَن يحكم أميركا هو الدولة العميقة بمؤسساتها، وربما يستمرّ هذا الوضع حتى اجتياز الانتخابات المقبلة، واستمرار «بايدن»، وحزبه الديموقراطي! في السلطة لأربع سنوات أخرى، تنتهي في عام 2028!
ومن خلال قراءة هذه الصورة وهذا المشهد، يتضح أن أميركا ينطبق عليها ما ينطبق على الرئيس الحالي. فأميركا تبدو عجوزاً، أيّ أنها قد تقدّم بها العمر، وأصبحت غير قادرة على الفعل، وفي مواجهتها قوى تسعى إلى تقزيمها، وإجبارها على الانسحاب والتراجع، وهو الأمر الجاري في العالم اليوم.. حيث يجري الصراع في كلّ أنحاء المعمورة، وإنْ كان التركيز يدور في وحول منطقة قلب العالم، كما سماها ماكيندر، عالم «الجيوبوليتيكس» المعروف، وهي المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، بما يشملهما من امتلاك الموارد والمميّزات الاستراتيجية في الموقع ووسطية العالم. بل إنّ كلّ الأطروحات من مشروعات دولية تتلاقى في هذه المنطقة. فالمشروع الأول هو: طريق الحرير لربط الشرق كله عبر قلب العالم، بأوروبا، وهو المعروف بالعالم القديم ويشمل قارات (آسيا – أفريقيا – أوروبا). والمشروع الثاني هو: طريق بايدن أو الممر الأميركي لربط الهند، بالإمارات، بالسعودية، بالأردن، بحيفا – بالكيان الصهيوني- ثم أوروبا، ضارباً بعرض الحائط ممرات وطرقاً ستصبح قديمة، وهي ممر باب المندب وقناة السويس، وكذلك طريق الرجاء الصالح بجنوب أفريقيا. وتؤكد الدراسات أنّ الأضرار ضخمة وقد تصل إلى ما بين 30 – 50%، على دول هذه الممرات، فضلاً عن الإضرار بالصين، وهي صاحبة المشروع الأول (طريق الحرير).
إذن الصراع دائر في خلفية هذه المشروعات، بين الشرق والغرب، أيّ بين الصين وروسيا من جانب، وأوروبا، وأميركا من جانب آخر.
وفي هذا الإطار، يتأرجح العالم وهو في صراع شديد، على كلّ بقعة في العالم، وليس منطقة القلب فحسب، التي تشهد أكبر نسبة من الصراع العالمي. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: ما هي نتيجة هذا الصراع؟!
حيث يلاحظ أنّ الصراع قد وصل إلى المواجهة المسلحة، بدأت غير مباشرة، بعد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، على خلفيّة مناوشات حلف الناتو، بمحاولة ضمّ أوكرانيا إلى عضوية الحلف، فكان ردّ الفعل الروسي هو توجيه التحذيرات التي لم تجدِ، فكان الردّ الحاسم، هو التدخل العسكري المباشر واحتلال أجزاء من أراضي أوكرانيا وضمّ أربعة أقاليم منها، ومحاصرة أوكرانيا. ثم تحوّلت المواجهة المسلحة إلى مواجهة مباشرة، بالإعلان الرسمي الأميركي والأوروبي عن دعم عسكري غير مسبوق، بالمال والسلاح والمقاتلين، يرتدون الزي العسكري الأوكراني. وأصبحت أوكرانيا أرضاً لتجريب الأسلحة الأميركية والأوروبية، بل والتخلص من المخزون العسكري من أسلحة وعتاد، للتخلص منها، لدرجة استخدام أسلحة محرمة دولياً، ومحرمة في الاستخدام! ولكن في الحرب الروسية/ الأوكرانية، لا يوجد شيء محرّم في إدارة الصراع من جانب الغرب الاستعماري!
ولذلك فإنه في خلفية الأحداث والوقائع منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، وعلى وجه الخصوص، منذ وقوع أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وتفجير البرجين في نيويورك، بفعل المخابرات الأميركية مدعومة من اليمين المسيحي الصهيوني المتطرف في أميركا، ومدعوماً من الدولة العميقة في أميركا، التي استهدفت من وراء هذه الأحداث، إطالة أمد الهيمنة الأميركية على النظام العالمي، وهو ما تحقق بالفعل. حيث وظفت أميركا ما حدث، في إيجاد المبرّر لاحتلال أفغانستان، وتهديد روسيا والصين ومحاصرتهما، واحتلال العراق، لتهديد إيران وسورية، وتمكين الكيان الصهيوني من الاستمرار لمدة أطول.
فالقاعدة التي يمكن تأكيدها هنا، في إطار نظرية الاستعمار، أنّ استمرار قوة أميركا، هو استمرار لقوة الكيان الصهيوني، وأنّ ضعف قوة أميركا وتراجعها هو ضعف وتراجع وخذلان لقوة الكيان الصهيوني.
ومن واقع كلّ المؤشرات، التي سبق أن تحدّثنا عنها، في انسحاب وتراجع الولايات المتحدة من النظام الدولي، وانخفاض قوتها أمام الطرف الدولي المصارع والمنافس، يمكن القول، إنّ أميركا أضحت «عجوزاً»، وفي طريقها للأفول والتلاشي والخروج من المشهد العالمي، وهو ما يؤدّي بطبيعة الحال إلى تلاشي الكيان الصهيوني، بعد أن أصابه الخذلان، والصراع الداخلي خير شاهد على ذلك، والهزائم المتتالية من محور المقاومة، وقد أوشك رحيل الاستعمار الغربي والكيان الصهيوني رأس الحربة، من الإقليم، (قلب العالم)، ومن أفريقيا التي يشتدّ فيها الصراع بالانقلابات، ضدّ الاستعمار الغربي عموماً، والفرنسي خصوصاً! وللحديث بقيّة…
*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية،
جامعة قناة السويس – مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى