أولى

هل انتهت وظيفة الكيان المؤقت؟

‭}‬ أحمد بهجة
لا يزال الإنجاز الكبير الذي حققته المقاومة الفلسطينية في غزة هو الحدث الطاغي على ما عداه، وهو الشغل الشاغل لكلّ الدوائر السياسية والإعلامية في المنطقة والعالم.
ويبقى من التفاصيل الهامشية بيان يصدر أو لا يصدر هنا وهناك عن هذه القمة أو عن ذلك الاجتماع، لأنّ المقاومين الأبطال كتبوا ويكتبون بياناتهم بالقبضات الممسكة بالجمر والجاهزة للضغط على الزناد في أيّ وقت تدعو الحاجة إلى ذلك.
المهمّ هو ما يحصل على أرض الواقع وليس في غرف الاجتماعات المغلقة في هذه العاصمة أو تلك، حيث يحاول البعض إبرام الصفقات والتسويات على حساب فلسطين وأهل المقاومة، لكن ما تمّ إنجازه في 7 تشرين الأول الحالي أفعل وأقوى بكثير من كلّ القمم، وهو الكفيل بأن يوقف مسلسل المتاجرة بالقضية الفلسطينية بعد الآن.
وإذا كان هناك أحدٌ لا يزال قابعاً في زوايا الماضي حين كان طاغياً وهمُ «السلام»، فإنّ الحقائق الواضحة اليوم وضوح الشمس تفيد بأنّ الكلمة الأولى والأخيرة هي للميدان، وهذا الميدان قال كلمته التي نزلت كالصاعقة على رؤوس الذي كانوا يعتقدون أنّ خرائطهم ثابتة وخطوطهم الحمراء لا تُمسّ، فإذا بالمقاومين الأشاوس يغيّرون الخرائط، ويدخلون للمرة الأولى منذ 75 عاماً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ويلوّنون الخطوط الحمراء بلون التراب الصافي النقي الذي يوصل بين فلسطين وفلسطين…
هنا دخل الرعب ليس فقط إلى قلوب الأعداء في الكيان المؤقت، بل دبّ الذعر والهلع في كلّ الدول التي تعتبر أنّ «إسرائيل» تمثل بالنسبة لهم قاعدة أمامية يستندون إليها في تنفيذ خططهم لابتزاز الدول العربية بل دول الشرق الأوسط والسيطرة على خيراتها ومواردها من خلال ارتهان معظم حكامها وخوفهم على الكراسي والمصالح الشخصية والعائلية والقبلية…!
لذلك رأينا أنّ رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء خارجية ودفاع ورؤساء أركان الجيوش في كلّ الدول الغربية تقريباً يزورون الكيان المؤقت بدءاً بالرئيس الأميركي ومعظم أعضاء حكومته، ثم رئيس حكومة بريطانيا ومستشار ألمانيا وغيرهم كثيرين ممن يريدون الاطمئنان إلى مصير هذا الكيان وبالتالي الاطمئنان إلى مصالحهم…
لكن ما لمسه كلّ هؤلاء لمس اليد هو تماماً ما قاله لهم سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله في خطاب النصر في أيار 2000، إذ شاهدوا وسمعوا وتأكدوا أنّ الكيان المؤقت هو «أوهن من بيت العنكبوت»، وليس قادراً على مواجهة مصيره لوحده رغم كلّ الدعم والترسانات التي أغدقوها عليه طوال سبعة أو ثمانية عقود، فإذا بثلة من المقاومين الأبطال بالكاد بلغ عددهم 1200 مقاتل يكسرون فرقة غزة في جيش العدو بكاملها والبالغ تعدادها نحو 15 ألف ضابط وعسكري بكلّ عتادهم ودباباتهم وذخائرهم… والذين تحوّلوا جميعاً إلى قتلى وجرحى وأسرى… وهاربين ممرغة أنوفهم في التراب.
أمام هذه الوقائع الصلبة… لا بدّ أن يسأل الداعمون أنفسَهم: ما هي الفائدة من استمرار دعم الكيان إذا كانت النتيجة صفراً أو تحت الصفر، وإذا كان الكيان على طريق الزوال الحتمي؟ وبالتالي لا بدّ من البحث عن وسائل أخرى يحققون من خلالها مصالحهم، خاصة أنّ ترميم ثقة الكيان بنفسه أمر صعب للغاية إنْ لم يكن مستحيلاً، إذ انّ هذا الترميم لن يحصل إلا إذا ربح العدو في هذه الجولة ضدّ المقاومة، وهذا ما لن يتحقق مطلقاً، والحسابات الأكيدة أنّ خسائر العدو سوف تزداد وتتعمّق أضعافاً مضاعفة إذا أقدَمَ قادتُه على خيارات انتحارية مثل الحرب البرية على غزة أو على لبنان…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى