مقالات وآراء

خرق رئاسي مؤجَّل…

‭}‬ نمر أبي ديب
«لبنان أهمّ من الرئاسة»، عبارة أسدل من خلالها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الستائر الرئاسية على أجواء اللقاء الحدث، الذي شكَّل في توقيته السياسي فاتحة استثنائية لمسار من التوافق الداخلي والتلاقي على عناوين عريضة، ضامنة على مستوى التحديات العسكرية الذي تعيشها المنطقة لأمن المقاومة الداخلي في الدرجة الأولى، وأيضاً لجبهة المواجهة السياسية التي تتطلبها المرحلة بغضّ النظر عن نوعية الاشتباك المقبل، وسقف التصادم الآخذ في النمو والتشكُّل على «أرضية هشة»، تحكمها النزاعات الداخلية وتسيطر عليها خلافات المصالح الداخلية، الحزبية منها والسياسية التي وجدت بحكم الضرورة المرحلية في لقاء بنشعي متسعاً سياسياً، وفرصة استثنائية لإحداث فجوة استراتيجية في جدار المراوحة السياسية، وفق موازين مرحلية قد لا تتكرّر ظروفها الداخلية المنتجة للقاء قمة يملك على المستوى اللبناني والرئاسي إمكانية انتخاب الرئيس ضمن تسوية داخلية يخرج منها الجميع منتصراً.
ما يجري اليوم على الساحتين الفلسطينية واللبنانية أرخى بثقله الوجودي على مجمل ملفات المنطقة، وأضاف إلى عناوينها الخلافية ملفات تصادمية، بلغ من خلالها لبنان منعطفات وجودية لامست في مجمل جوانبها السياسية الأمنية وحتى الاقتصادية وجودية لبنان الدولة والكيان، بمعنى آخر المساحة التي عبر من خلالها رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل نفق الجمود السياسي المدمّر إلى ساحات المبادرة، بغضّ النظر عن النتائج الأولية للقاء الحدث، وأيضاً عن صعوبة الانتقال ومقاربة الملفات الداخلية والخيارات التي باتت تتحكم فيها اعتبارات وجودية تمثلت بشكل واضح في كلمات فرنجية «لبنان أهمّ من الرئاسة».
لا شك في أنّ «التعاطي الإيجابي» في حده الأدنى بين حلفاء المقاومة يريح الحزب الذي يخوض اليوم معركة وجود كونه جزءاً لا يتجزأ من محور المقاومة، وأيضاً من قضية بلغت مع عملية «طوفان الأقصى» مرحلة تلمّس الانتصار الكبير الذي لاحت أفقه على مجمل المساحة الإقليمية وبانت بوادره الميدانية الغير قابلة للنقد العسكري كما السياسي، رغم حجم الإجرام والدمار الذي خلّفته «إسرائيل» والدموية التي يتظهّر بها ومن خلالها البعد الحقيقي للكيان…
في بعده الاستراتيجي الصرف تضمّن لقاء بنشعي خرقاً سياسياً مستجداً، تخلله إنهاء سياسي لخلاف رئاسي لم تكتمل بعد متمّمات الخروج اللبناني من فراغه القاتل، ما يطرح اليوم على مستوى القراءة السياسية للحدث أكثر من علامة استفهام داخلية وتساؤل حول جدوى اللقاء في الدرجة الأولى، وأيضاً حول ما يمكن أن يشكله على مستوى الداخل اللبناني من قيمة مضافة وخرق جدي وحقيقي في لحظات مصيرية حرجة يقف من خلالها لبنان اليوم على تماس مباشر ما بين المراوحة الداخلية في مستنقع الأزمة المستمرة، وبين الدخول الكامل في حرب الوجود الأولى التي يعيشها لبنان اليوم بشكل جزئي، بحكم «الجغرافيا العسكرية» والحدود المتداخلة مع فلسطين المحتلة.
هل يؤسّس لقاء بنشعي مع مجمل القوى المنفتحة على الحلول الداخلية وفي مقدمتها رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط وغيرهما من القوى الأساسية إلى حياكة وصياغة أرضية سياسية قادرة على إنتاج حلول أقله جزئية، والخروج بلبنان من نفق الفراغ الكامل في الرئاسة الأولى ومجمل المراكز الأمنية.
بعيداً عن حسابات الربح والخسارة الداخلية إضافة إلى أطر الحراك السياسي المنتج والفاعل في هذه المرحلة، فإنّ ما حصل أعاد ترتيب المشهد الداخلي على وزن المؤتمر الصحافي الذي عقده باسيل أمس، وطرح من خلاله نتائج الجولة السياسية وما يمكن أن يترتب عليها من مواقف وقرارات، وأيضاً خطوات يمكن أن تتكامل مع ما أُنجز أو تحقق في مراحل يُقاس فيها الخطاب السياسي كما المواقف المعلنة بميزان الذهب والنقطة والفاصلة…
أيضاً على وقع التأكيد الذي أبداه فرنجية لناحية رفض التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، فهل تضمَّن لقاء بنشعي طمأنة متبادلة من قبل الطرفين؟ هل نشهد في الأيام والأسابيع المقبلة مواقف طمأنة أكثر وضوحاً وفاعلية؟
مع المستجدّ الداخلي السياسي والعسكري الاستراتيجي يتكامل المشهد مع الإطلالة المرتقبة لسيد المقاومة السيد حسن نصرالله الذي لم يوفر جهداً في مسار تقريب وجهات النظر وتذليل العقبات ما بين باسيل وفرنجية.
الخطوة الأولى تتبعها خطوات، لبنان في قلب العاصفة الوجودية ويستحق كلّ الجهود وأيضاً كامل الإمكانات لتأمين الخروج الكامل والنهائي من أزماته المستمرة…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى