أخيرة

دبوس

الكيد الرباني
لقد تجلّى الله بقدّه وقديده، وبكلّه وكلكله هناك في غزة، لقد تدفق الله من خلال الأشلاء والمزق الآدمية، ومن أفواه أولئك المنبعثين من بين الركام تحدّياً لكلّ الجبروت والجحيم وآخر ما أنتجه ذلك العقل الشيطاني من قدرات التدمير والتمزيق والتسوية بالأرض… ألقى الوحش بأفعاه دماراً وخراباً وقتلاً وتمزيقاً للأشلاء، فألقى الله بأفعاه تبتلع كلّ الكيد الشيطاني، وكلمات تبطل مفعول الجحيم ومترتباته…
يا نار كوني برداً وسلاماً على غزة، لقد تدفق الله من بين الأنقاض، ومن خلال ذلك الجسد المذبوح وأعلن عن انخراطه المباشر بالسلب وباللا، وبالموقف المعطّل لكلّ نيران الشيطان، ولقد تدخّل مرة أخرى هناك في تلافيف عقول هذا الإنسان القابع غرباً، والذي تعابثوا في كيمياء عقله على مدى ثلاثة أرباع القرن، وأفهموه بأنّ هذا الصهيوني القاتل، المريض، المفعَم بالكراهية وبكلّ البروتوكولات التلمودية العفنة، والوارث لكلّ الهلوسات الخبيثة عبر القرون، هو الخير كله، وانّ ذلك المسروقة أرضه، والمشتت في أنحاء المعمورة، والمقتول أهله، والمجتثّ من سكينته ومن تاريخه ومن تراب وطنه، هو الشرّ كله، فمسح على عقله كما مسح على عيني يعقوب، فتبدّى الظلام نوراً، وعادت البصيرة والبصر الى عقول البلايين، في الشوارع، وتبدّت لهم الحقيقة بعد طول ظلام…
أما في ديار الله وفي مسرى محمد، وجلجلة عيسى، فلقد تداعى أبناء عيسى ومحمد، عيسى المغفرة والتسامح والقتال السلبي، والكلمة التي استقطبت ملياري إنسان، ومحمد الشجاعة وقتال المعتدي والظالم، وعدم الرضوخ إزاء الظلم، والتضحية حتى بذل الذات في سبيل الله والمثل العليا والأخلاق ومكارمها، والذي استقطب ملياري إنسان آخر، فأين من شذاذ الآفاق أولئك الذين ادّعوا، وفي غفلة من التاريخ، انّ تلكم الأرض هي أرض الميعاد، أين من هؤلاء الأدعياء تلك الشحنة الربانية الروحية التي تتدفق في دماء المؤمنين العقائديين فيبذلون النفس رخيصة…
لم نر هذه الروحية المتدفقة فيكم دفاعاً عن أرض ادّعيتم أنها موعودة لكم من عند الله، لم نر إلا هروباً ونكوصاً من ميادين القتال، وتشبّثاً بالحياة الدنيا، وتخلياً عن المواقع، واختباءً من المواجهة، او انّ ما ادّعيتموه هو وعد من عند الله، لقاتلتم ببسالة وشجاعة وبنكران للذات وبالبذل والتضحية، ولكنكم، ودليل على كذب كلّ الذي ادّعيتموه عن أرض الميعاد، ترتعد فرائصكم عند كلّ مواجهة، وتفرون الى مناطق الأمان، وتتراكمون في الملاجئ والأماكن المحصّنة، ولستم على استعداد لبذل قطرة دم واحدة في سبيل، «أرض الميعاد»، او لنقل أرض الخزعبلات والأكاذيب والأضاليل وتزييف التاريخ والافتراء على الناس والله، اخرجوا من مخابئكم، اخرجوا من ملاجئكم، اخرجوا من تحصيناتكم، واثبتوا للناس ان أرض الميعاد التي تدعون، تستحق منكم بذل الدم للحفاظ عليها.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى