مانشيت

الحلف البحريّ الأميركيّ في البحر الأحمر: تساؤلات عن غياب مصر والسعودية؟ / المقاومة تردّ على تهديد اليمن ولبنان بإعلان ربط التهدئة بوقف العدوان على غزة / إعلام الكيان: يجب تحقيق اختراق في مفاوضات التبادل رغم أننا سندفع ثمناً باهظاً /

كتب المحرّر السياسيّ
لا يبدو أن بيد واشنطن وتل أبيب فعل المزيد لتحسين الأوضاع السياسية والعسكرية الناتجة عن العدوان المشترك على غزة، ذلك أن جيش الاحتلال يتحوّل إلى كيس ملاكمة بالنسبة للمقاومة في غزة، وسط عمليات متصاعدة تقتل وتجرح العشرات يومياً، وفق تقدير يتحدث عنه الخبراء العسكريون في الكيان على قنوات التلفزة يقول بأن الجيش ينزف ووحدات النخبة تفقد حيويّتها القتاليّة بفقدان أعداد متزايدة من صفوفها، فقد تخطت الإصابات رقم الـ 10 آلاف، والآليات التي خرجت من الميدان معطّلة أو محترقة قاربت الألف، والوقت لا يعمل لصالح جيش الاحتلال في الميدان، خصوصاً أن لا دور لقوات الاحتياط يمكن أن يسمح بشراء الوقت في نوعية المواجهة الدائرة، بينما مواصلة القتل بحق النساء والأطفال واستمرار التجويع والحصار، لم يعُد مصدر رهان لتركيع الفلسطينيّين، وتحوّل إلى مصدر استنزاف معنويّ وسياسيّ لتل أبيب وواشنطن.
الضغوط على لبنان واليمن لإضعاف جبهات المساندة، لم تنفع، وتحوّلت التهديدات إلى مصر لاستنزاف صورة قوة الردع الأميركية، فالإجابة واضحة، أن المواقف على حالها. المقاومة في لبنان تواصل عمليّاتها بتجميد فرق النخبة التي جرى حشدها على الحدود ومنع شراء المزيد من الوقت في جبهات غزة عبر الاستعانة بها، وتشدّ على خناق الكيان بما ترتب على جبهة لبنان من تهجير أكثر من مئة ألف مستوطن، يضعون قيادة الكيان بين تحدّي خوض حرب شاملة أو استعادة الهدوء على جبهة لبنان عبر وقف العدوان على غزة. أما على جبهة اليمن، فقد جاء الحلف البحري الأميركي في البحر الأحمر ليشير إلى نقطة ضعف في موقف واشنطن، طالما أن الذهاب إلى المواجهة سوف يعني إشعال البحر الأحمر وإقفاله أمام الملاحة كلياً، فيما بات ثابتاً أن شركات الملاحة الدوليّة تستجيب لتحذيرات أنصار الله، متجاهلة التطمينات الأميركية، وتنضمّ كل يوم شركة عالميّة جديدة إلى لائحة الممتنعين عن نقل الحاويات المتجهة نحو موانئ الكيان، ويصير الطريق الوحيد لوقف هذا الاستنزاف في صورة قوة الردع الأميركية هو وقف العدوان على غزة، كما يطالب أنصار الله. بينما كان مجرد التساؤل عن سبب غياب مصر والسعودية عن الحلف كافياً لكشف حجم الإحراج الذي يترتب على التحالف مع واشنطن في موقفها القائم على الدعم الأعمى لكيان الاحتلال والتغطية على جرائمه.
تحت تأثير حروب الاستنزاف المتعدّدة التي يواجهها كيان الاحتلال وحربه على الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة، باتت الجبهة الداخلية في الكيان أكثر هشاشة وعرضة لضغوط عائلات الأسرى بأولويّة التفاوض لإطلاق الأسرى عبر التبادل، ولو اقتضى الأمر إنهاء الحرب، وقد نقلت القناة الثالثة عشرة وقنوات تلفزيونيّة أخرى في كيان الاحتلال تقارير تتحدّث عن تبديل في المقاربة الحكوميّة لصالح معادلة تقول، «يجب إحداث اختراق في المسار التفاوضيّ وصولاً إلى صفقة تبادل مع علمنا المسبق بأننا سوف ندفع ثمناً باهظاً».
لا يزال الوضع العسكري والأمني على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في صدارة المشهد الداخلي، في ضوء التصعيد الإسرائيلي مقابل ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة ضد مواقع الاحتلال وتجمّعاته وتطوّرها إلى استهداف منصات الباتريوت وكريات شمونة في عمق الأراضي المحتلة، ما يرفع احتمالات التصعيد مع التهديدات الإسرائيليّة المتكرّرة ضد لبنان ورسائل التحذير الأميركية – الأوروبية إلى الحكومة اللبنانيّة بضرورة تطبيق القرار 1701 وإبعاد حزب الله عن الحدود إلى شمال الليطاني.
ونقل موقع أكسيوس عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين تأكيدهم أن «إسرائيل» أبلغت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بأنها تريد دفع حزب الله لمسافة 6 أميال (حوالي 10 كلم) من الحدود كجزءٍ من اتفاق دبلوماسيّ لإنهاء التوترات مع لبنان. وأشار الموقع إلى أن الإدارة الأميركية تشعر بقلق عميق من أن المناوشات الحدودية المتصاعدة يمكن أن تؤدي إلى حرب شاملة ستكون أسوأ من الصراع في غزة.
وأشارت مصادر مواكبة لزيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى لبنان لـ»البناء» الى أنها كررت على مسامع المسؤولين الذين التقتهم ما سبق وأبلغه المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان ومدير المخابرات الفرنسية برنار إيمييه بضرورة تطبيق الـ1701 والحد من الأعمال والهجمات العسكرية من قبل حزب الله على «إسرائيل»، لكي لا تستدرج ردة فعل إسرائيلية تؤدي الى توسيع نطاق العمليات العسكرية وندخل الى مرحلة أسوأ لا يحتملها لبنان. لكن المصدر أكد بأن «الحكومة اللبنانية أبلغت الوزيرة الفرنسية كما أبلغت من سبقها من المسؤولين أن لبنان ملتزم بالقرار 1701 ويحترم كل القرارات والمواثيق الدولية لكن «إسرائيل» لا تلتزم بها ولا تحترمها، وتخرقها يومياً قبل اندلاع المواجهات الأخيرة في الجنوب وبعدها، لكن انسحاب حزب الله من جنوب الليطاني أو غيرها من المناطق أمر ليس بيد الحكومة، فلماذا لا يتحدث الموفدون عن انسحاب إسرائيلي باتجاه جنوب فلسطين المحتلة كما يتحدثون عن إبعاد حزب الله إلى جنوب الليطاني؟ لكن في نهاية المطاف لبنان وحكومته لن يتجاوبا مع مطلب كهذا، لكون المقاومة مشروعة في البيان الوزاري للحكومة في ظل معادلة الجيش والشعب والمقاومة».
وفي سياق ذلك، شدّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش أن «التهديدات الإسرائيلية المتكرّرة للبنان أصبحت مملّة وفارغة، وهي تعكس واقع هذا العدو المربك والقلق والخائف من حزب الله»، لافتاً إلى أن ما يُصيب العدو في غزة لا يجعله في موقع مَن يُهدّد ويتوعّد اللبنانيين، فالعدو الذي يتخبط في غزة ويغرق في رمالها ويقف عاجزاً أمام أبطال المقاومة وصمود وثبات أهل غزة، هو أعجز وأوهن من أن ينفذ تهديداته أو يفرض شروطه وإرادته على لبنان».
وشدّد على أن «المقاومة مستمرة في عملياتها على طول الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، للضغط على العدو وإشغاله وإبقائه في دائرة الإرباك والقلق، ولن تغيّر التهديدات والضغوط الخارجية من هذا الموقف الديني والوطني والإنساني».
وواصلت المقاومة عملياتها العسكريّة ضد مواقع الاحتلال، واستهدفت مجموعة من المواقع، أهمها موقع ‏المطلّة، واستهداف دبابة ميركافا قرب موقع المالكية بالأسلحة ‏المناسبة، مما أدى الى تدميرها ومقتل وجرح من ‏فيها.
وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال، عن سقوط عدة صواريخ أطلقت من لبنان في الجليل الغربي، دون الإعلان عن إصابات أو أضرار.
إلى ذلك، ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أنّ «الدفاعات الجوية اعترضت مسيّرة بالقرب من بلدة برعم في الجليل الأعلى».
وزعم جيش الاحتلال، أنّ سلاح الجو استهدف مجموعة تابعة لحزب الله قرب مستعمرة شتولا في الجليل الغربي.
وواصل العدو الإسرائيلي اعتداءاته على المنطقة الحدودية وقصف عدداً من القرى الحدودية. وأدى القصف المدفعي الإسرائيلي الذي استهدف الأحياء السكنية لبلدة رب ثلاثين والطريق المؤدية الى بلدة الطيبة الى استشهاد أحد أبناء بلدة رب ثلاثين، وتضرّر عدد من المنازل.
على صعيد آخر، لم تنتهِ الارتدادات القانونيّة والسياسيّة للتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وعقد مجلس الوزراء جلسة صباح أمس، وأفيد أن 19 وزيراً وافقوا في الجلسة على قانون تأجيل تسريح الضباط من رتبة عماد ولواء، الذي صدر عن مجلس النواب الجمعة.
ويستعدّ التيار الوطني الحر للطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري، وفق ما أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» والتي أوضحت أننا ننتظر صدور القانون في الجريدة الرسمية، لتقديم الطعن الذي نستند به الى ثغرات ومخالفات قانونية ودستورية. وأكد تكتل «لبنان القوي» بعد اجتماعه الدوري الأخير للعام 2023 برئاسة رئيس التيار النائب جبران باسيل وحضور الرئيس المؤسس العماد ميشال عون، أننا «سنلجأ الى تقديم الطعن بالتمديد غير الدستوري لقائد الجيش».
واستغرب تكتل «لبنان القوي» «التعاون الذي هو اقرب الى التواطؤ بين مجلس النواب الذي يفترض به أن يكون هيئة ناخبة والحكومة المستقيلة التي تصرّف الأعمال، وتجلى ذلك في عملية التمديد وتجدّد النية بإجراء التعيينات وإصدار المراسيم بغياب الرئيس وبتوافق القوى السياسية باستثناء التيار الوطني الحر. وقد ظهر مجدداً أن التكتل هو من خارج المنظومة الحاكمة وهو رافض لممارساتها اللادستورية واللاميثاقية واللاقانونية، وأثبت أن السيادة لمن يرفض الإملاءات الخارجية هي ممارسة وليست كلاماً كما يفعل مَن يرضخ لها».
وبرأي الوزير السابق زياد بارود فإن إمكانية الطعن بقانون التمديد متوافرة، لكن لا تعني بالضرورة قبوله»، مضيفاً في تصريح: «في موضوع التمديد لقائد الجيش ستثار غالباً قضية توقيع رئيس الجمهورية وقانون المجلس الدستوري يقول إنه إذا انقضت مهلة الطعن (15 يوماً) يعتبر القانون نافذاً والطعن هو الذي يُردّ».
وأشارت مصادر سياسيّة لـ»البناء» الى أنه من الصعب أن يقبل المجلس الدستوري الطعن لأسباب عدة تتعلق، بكون القانون يتمتع بقوة وحصانة صدوره من مجلس النواب، فضلاً عن الضرورة الوطنيّة بظل الظروف الأمنية والعسكرية والاقتصادية في لبنان، كما أن المجلس الدستوري يتأثر حكماً بالجو السياسي في البلد، وقد لا يكون هناك توافق بين أعضاء المجلس الدستوري على قرار موحّد، وبالتالي إما سيُردّ الطعن أو عدم البت به.
وأطلع رئيس حكومة تصريف الأعمال الوزراء على تفاصيل الكتاب الذي أرسله إلى وزير الدفاع. وبعد أن تلا الكتاب، طرح أحد الوزراء أن يحصل اتّصال مباشر بين ميقاتي والوزير سليم. وكان جواب ميقاتي أنّ «رئاسة الحكومة ليست مكسر عصا، وفي اللحظة التي حضر فيها موريس سليم إلى السراي وعلا صراخه، في هذه اللحظة أعتبر أنه انتهى بالنسبة إليّ، والتعاطي معه سيكون رسميًّا من خلال الكتب».
ولفت وزير الإعلام زياد مكاري بعد الجلسة رداً على سؤال حول كلام ميقاتي أعلاه بالقول: «لم يحصل أي خلاف. هناك نقاش يجري بشكل دائم في مجلس الوزراء والكتاب الذي وجّهه دولة الرئيس الى وزير الدفاع تم تسريبه الى الإعلام، كما ان جواب الوزير الى الرئيس ميقاتي سرّب أيضاً، ما حصل كان ضمن الأصول ودولة الرئيس أرسل كتاباً الى وزير الدفاع طلب منه فيه معالجة موضوع تعيين رئيس للأركان ولواءين مع هذا التعيين في المجلس العسكري، وكان جواب وزير الدفاع واضحاً ولا لبس فيه، بأننا سننتظر صدور القرار عن مجلس الوزراء لإقرار القوانين التي صدرت عن مجلس النواب والمتعلقة بالتمديد لرتبتي عماد ولواء، ومن ثم يُبنى على الشيء مقتضاه».
وعن حقيقة ما قاله الرئيس ميقاتي بأن التواصل رسمي بينه وبين وزير الدفاع، قال الوزير المكاري: «نعم، لقد قال رئيس الحكومة بأن التواصل بينه وبين وزير الدفاع سيكون رسمياً ولا مشكلة في هذا الموضوع».
وأشارت أوساط وزارة الدفاع لـ»البناء» إلى أن وزير الدفاع اكتفى بالجواب على رسالة رئيس الحكومة، ولا ردّ على ما نقل عن رئيس الحكومة من كلام عن علاقته بوزير الدفاع، لكن الوزير ينتظر صدور قانون التمديد للبناء على الشيء مقتضاه بما خصّ التعيينات في رئاسة الأركان. مشيرة الى أن الوزير سيتعامل مع قائد الجيش كأمر واقع في الوقت الحالي بانتظار نتيجة الطعن.
ولفت المكتب الإعلامي لوزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم في بيان أن وزير الدفاع «جاهز لتقديم اقتراحات بتعيينات شاملة في مؤسسات وزارة الدفاع شرط توافر التوافق الوطني، لأنه يشكل ضمانة يمكن أن تعكس موافقة القيادات السياسية والمرجعيات الروحية، ويمكّن الحكومة رئيساً وأعضاء من إقرار الملحّ منها والضروريّ الذي يصبّ في مصلحة البلاد العليا، ويبعد عن هذه التعيينات أي صفات كيدية او استنسابية ولا تكون بالتالي مفصلة على قياس أحد».
واستبعدت مصادر السرايا الحكومية لـ»البناء» البتّ بملف التعيينات في رئاسة الأركان والمجلس العسكري في وقت قريب، متوقعة تأجيله الى العام الجديد. مشيرة الى تعقيدات تواجه هذا الملف، لجهة أن وزير الدفاع سيرفع أسماء للتعيينات في المناصب الشاغرة فهل سيوافق عليها قائد الجيش ومجلس الوزراء في ظل الخلاف السياسي القائم؟ وهل سيقبل مجلس الوزراء بآلية التوقيع على المراسيم التي يطلبها التيار الوطني الحر في ظل الفراغ الرئاسي، اي الـ24 وزيراً؟
وكان ميقاتي قال خلال الجلسة: «تابعنا هذا الاسبوع جلسات مجلس النواب التي أكدت الاستقرار التشريعي الذي يحكم العقلانية الواقعية لدور البرلمان، وأن الاحتكام إلى روح عمل الموسسات هو الطريق الوحيد لإنقاذ البلد من حالة المراوحة والمزايدات، والاستقرار التشريعي ينسحب على كل الأوضاع في البلد، كالاستقرار الامني، من مثل موضوع الجيش والقوى الأمنية، اضافة إلى التشريعات التي لها علاقة بشؤون الناس وانتظام عمل الدولة». وشدّد ميقاتي على أنه «نحن لا نزال نصرُّ على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة اكتمال عقد المؤسسات الدستورية، ويجب أن يستمرّ البرلمان بالتشريع، وأن تواصل الحكومة عملها، وإن شاء الله يكون للبنان رئيس قريباً». وأردف: «في موضوع حقوق الموظفين والسلك العسكريّ، نحن نصرّ على إعطاء الحقوق العادلة والتي تأخذ بالاعتبار واقع الخزينة والمالية العامة، هذا الملف قيد المتابعة وصولاً الى الحل المنصف للجميع».
وزار وفد «اشتراكي» ضم النائب وائل أبو فاعور والقيادي حسام حرب منزل النائب طوني فرنجية لبحث ملف رئاسة الأركان.
على صعيد آخر، أفادت مصادر إعلامية أنّ «محكمة الاستئناف، في بيروت، ردّت في تاريخ ١٣/١٢/٢٠٢٣ الطلب، في دعوى الردّ التي أقامها حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، بحقّ أعضاء، في الهيئة الاتهامية، في بيروت الناظرة، في ملفّه». وأشارت إلى أن «المحكمة ألزمت سلامة بالتعويض على هيئة القضايا ممثلة الدولة اللبنانيّة بما مجموعه ستة مليارات ليرة لبنانية، نتيجة الضرر، الذي أُلحق بالدولة، بسبب تأخير التحقيقات الناتج عن دعاوى الرد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى