أولى

المناطق العازلة ومخططات التهجير والتوطين

‭}‬ حمزة البشتاوي
مع استمرار حرب الإبادة الوحشية على قطاع غزة، يضغط الإسرائيليون على العالم للقبول بمشروع تهجير الفلسطينيين من أرضهم، على قاعدة المقولات الصهيونية التي عادت تطالب بأرض أكثر وسكان أقلّ بمزاعم أيديولوجية وذرائع أمنية والحاجة إلى إقامة مناطق عازلة في غزة وجنوب لبنان، بهدف طمأنة المستوطنين في غلاف غزة والشمال وتشجيعهم على العودة إلى المستوطنات من خلال إبعاد المقاومة عن المناطق الحدودية، وذلك أنطلاقاً من مسألة التهديد الأمني ويهودية الدولة التي يجب أن تضمّ فقط اليهود، دون غيرهم، وفي هذا السياق قال الحاخام العسكري في الجيش الإسرائيلي عميشاي فريدمان في فيديو نشره على منصة «أكس»: «كلّ هذه الأرض لنا بما في ذلك غزة ولبنان، وجميع الأرض الموعودة».
وحقق هذا الفيديو ملايين المشاهدات، وتصفيقاً حاراً من الجنود، الخائفين اليوم من تصاعد الدور المقاوم لفلسطينيّي الداخل، أكثر مما كان عليه في انتفاضة يوم الأرض عام 1976 وانتفاضة الحجارة عام 1987 وكذلك مشاركتهم الفاعلة بانتفاضة الأقصى عام 2000 والدفاع عن حي الشيخ جراح والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وفي معركة سيف القدس التي شاركوا فيها بحراك شعبي منظم ومواجهات، جعلت الشرطة والجيش الإسرائيلي اليوم ينشران الحواجز العسكرية والدبابات في مدن وبلدات الداخل، خوفاً من تحركات تتحوّل إلى هبّة شعبية تربك الجيش الإسرائيلي أكثر خلال عدوانه على غزة.
ويتعرّض الفلسطينيون في الداخل لحملة اعتقالات واعتداءات من قبل الشرطة والجيش وعصابات المستوطنين، منذ ما قبل عملية طوفان الأقصى، وهي تعكس بشكل واضح الفكر الإرهابي المتأصّل في مشروع الحركة الصهيونية لتهجير السكان وتوسيع المستوطنات.
وتزداد اليوم الدعوات لتهجير فلسطينيّي الداخل باعتبارهم يشكلون خطراً وقلقاً وجودياً على الكيان، ولذلك يجب دفعهم أولاً للهجرة من خلال تضييق الخناق عليهم، عبر نشر الفقر والبطالة، وتراجع الخدمات البلدية، ومصادرة الأراضي الزراعية، وهدم البيوت وعدم إعطاء تراخيص البناء، وسوء البنى التحتية، وتصعيد لعمليات التهويد والاستيطان خاصة في عكا وجسر الزرقا وأم الفحم وحيفا والنقب والجليل.
وثانياً يذهب خيال اليمين الإسرائيلي نحو المطالبة باستغلال الحرب على غزة وطرد فلسطيني الداخل إلى لبنان، بعد إنشاء منطقة عازلة بدعم أميركي وغربي بعمق يتجاوز الـ 25 كلم يتمّ تهجير ملوني فلسطيني نحوها بالقوة، لتحقيق الأحلام والأوهام الإسرائيلية بتفريغ منطقة الجليل والنقب من السكان، وإقامة وطن بديل للفلسطينيين خارج أرضهم، وذلك بعد تهجيرهم من الضفة إلى الأردن ومن غزة إلى سيناء ومن الداخل إلى جنوب لبنان.
ولكن هذه الأوهام الصهيونية تصطدم بالمقاومة وثقافة القدرة على تحقيق الانتصار وهزيمة هذه المخططات وحقائق ثابتة في الجغرافيا والتاريخ والسياسة، وموقف لبناني رافض لكافة مشاريع التوطين والتهجير، وموقف الفلسطينيين الرافض بالدم لهذه المشاريع، مردّدين ما قاله إبن الناصرة الشاعر توفيق زياد: كأننا عشرون مستحيل، في اللد والرملة والجليل، إنا هنا باقون، فلتشربوا البحر، نحرس ظلّ التين والزيتون، ونزرع الأفكار كالخمير في العجين، برودة الجليد في أعصابنا، وفي قلوبهم جهنم حمرا، إذا عطشنا نعصر الصخر، ونأكل التراب إن جعنا ولا نرحل…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى