مانشيت

واشنطن تحتفظ بحق الردّ للمكان والزمان المناسبين وتركز على صفقة التبادل/ هدنة لـ 45 يوماً نحو وقف نار دائم… وتبادل أسرى 35 مقابل 5000؟/ غزة تقصف تل أبيب بـ 15 صاروخاً… وحزب الله يظهر بعض ترسانته الحديثة

كتب المحرّر السياسيّ

لا زالت المنطقة تحت ضغط مناخات القلق من تصاعد المواجهة العسكرية بين محور المقاومة ومن خلفه إيران من جهة والتحالف الأميركي الإسرائيلي من جهة مقابلة، نحو حرب كبرى على خلفية العملية النوعية التي نفذتها المقاومة العراقية واستهدفت قاعدة أميركية على الحدود السورية الأردنية وأسفرت عن مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة أكثر من 40 بجراح.
في واشنطن محاولة للتمهل أمام المطالبات بالردّ السريع والحاسم وصولاً لدعوات الحرب على إيران، وتأكيد بأن الرد الأميركي على العملية مقبل وأن واشنطن سوف تردّ في المكان والزمان المناسبين والطريقة التي تختارها، مع اظهار اهتمام أكبر بالجهود المبذولة لإنجاز صفقة تبادل يبدو أن المساعي القطرية المصرية الأميركية قد اقتربت من التوصل إلى التفاهم حولها، وفقاً لما قاله رئيس الحكومة القطري، ولم تقم حركة حماس بنفيه، حيث أكد المستشار الإعلامي لرئيس مكتبها السياسي القيادي طاهر النونو لقناة “الميادين”، أن المفاوضات جارية، وأن القيادة معنية بالإفراج عن الأسرى ومهتمة بالتوصل الى نتيجة إيجابية، بينما أكد القيادي في الحركة أسامة حمدان أن الموقف لا يزال على حاله برفض أيّ تبادل دون وقف نهائيّ للحرب.
ما كشف عن مشروع الصفقة المحتملة يقوم على هدنة لـ 45 يوماً قابلة للتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار، على قاعدة تجديد الهدنة لثلاثة شهور بعد الهدنة الأولى مع صفقة ثانية للتبادل، بحيث يبقى بيد حماس عدد كاف من الأسرى دائماً لربطه بوقف النار النهائي، وتتضمن الصفقة في المرحلة الأولى إطلاق 35 أسيراً من المستوطنين والجنود مقابل إطلاق قرابة خمسة آلاف من الأسرى وفق معادلة بين 100 و200 أسير فلسطيني مقابل كل أسير إسرائيلي.
المقاومة في غزة واصلت عملياتها وتضمّنت بياناتها المزيد من أرقام النجاحات المحققة في مواجهتها لقوات الاحتلال. وكان الحدث المهم يوم أمس العودة لاستهداف تل أبيب بالصواريخ، حيث سقط في منطقة تل أبيب 15 صاروخاً أطلقت من غزة رغم ادعاءات جيش الاحتلال بالنجاح بتوجيه ضربات قاضية لسلاح صواريخ المقاومة.
على جبهة لبنان تصاعد نوعيّ وكميّ تعتمده المقاومة وقد أظهرت الى العلن المزيد من أسلحتها الجديدة، كان أبرزها ما تتحدّث عنه وسائل الإعلام الاسرائيلية خلال اليومين الماضيين تحت عنوان الردع العلميّ، حيث كانت نسخة صاروخ فلق 2 وما يتميّز به من دقة، ونجاح تزويده بكاميرا تصوير تظهر مساره وصولاً الى لحظة اصطدامه بالهدف مصدر إبهار وذهول في الرأي العام في كيان الاحتلال.

فيما تترقب الساحة الداخلية انطلاق تحرّك سفراء دول اللجنة الخماسيّة في لبنان باتجاه المرجعيات والقوى السياسية على خط استحقاق رئاسة الجمهورية، بقيت العيون على الجبهة الجنوبية على وقع استمرار التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العدوان على لبنان.
وقد جدّد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، التهديد بأن “الجيش سيتحرك قريباً جداً على الحدود الشمالية مع لبنان”.
وقلّلت مصادر سياسية في فريق المقاومة لـ “البناء” من أهمية التهديدات الاسرائيلية لكون حكومة الاحتلال وإن كانت تحمل نيات مبيتة وظروفاً موضوعية ودافعة للعدوان على لبنان، لكنها لا تستطيع من دون ضوء أخضر أميركي لكون القرار بالحرب على لبنان هو بيد الولايات المتحدة بالدرجة الأولى. وفي الدرجة الثانية يتعلق بالقدرة العسكرية الإسرائيلية بعد ٣ أشهر ونصف من حرب الاستنزاف في غزة، وبالدرجة الثالثة أن “إسرائيل” لا تضمن الانتصار في الحرب في ظل قوة حزب الله الذي يستطيع افشال اهداف اي عدوان وتكبيد العدو خسائر فادحة قد لا يستطيع تحمّلها في ظل حالة الانهاك والاستنزاف الذي يعيشها حالياً.
وأوضح خبراء عسكريون لـ “البناء” أن سحب ألوية من النخبة في الجيش الاسرائيلي من غزة ونقلها الى لبنان والإعلان عن ذلك لا يعد مؤشراً على اقتراب “اسرائيل” من شن عدوان كبير على لبنان، مع الإشارة الى ان اضافة بعض الألوية على المئة ألف جندي وضابط الموجودة على طول الحدود لا يغير في المعادلة، لأن الحرب لا تقاس فقط بعدد الجنود وخاصة مع جيش كالجيش الإسرائيلي لا يقاتل بروح معنوية كبيرة كالتي يقاتل بها حزب الله أو حركة حماس. والدليل وفق الخبراء ان ألوية النخبة لم تغير المعادلة في غزة بل تكبّدت الخسائر وهزمت وها هي تنسحب تدريجياً من غزة. فكيف ستغير المعادلة في جنوب لبنان مع حزب الله؟ ولفت الخبراء الى ان حزب الله أعدّ للحرب الطويلة والكبيرة ولديه بنك أهداف واسع في كل “اسرائيل” ويستطيع الوصول الى أهداف حيوية وحساسة بالصواريخ الدقيقة التي يمتلك الآلاف منها. واستبعد الخبراء تحرك الجيش الاسرائيلي في عملية برية على الجنوب لأنه سيتكبد خسائر فادحة ستكون ضربة قاسية قد تدمّر الجيش الاسرائيلي بعد تعرضه لضربات كبيرة في ٧ تشرين وجولات القتال بعده.
لكن الخبراء يتخوفون من التصعيد الأخير في المنطقة لا سيما قصف المقاومة العراقية للقواعد الاميركية على الحدود السورية الأردنية والتهديدات الأميركية برد فعل قوي على إيران وحلفائها، الأمر الذي قد يستدرج ردود فعل متقابلة وتصعيداً إضافياً يأخذ الأمور الى حرب اقليمية تدخل فيها إيران وبطبيعة الحال حزب الله.
وكان حزب الله واصل عملياته النوعية، وأعلن أنه “استهدف ‌‌‌‌‌‌‏‌‏‌‌‌‏سلسلة مواقع وتجمّعات ‏لجنود إسرائيليين خلف موقع جل العلام بصاروخ فلق وفي محيط ثكنة ميتات بالأسلحة الصاروخية ‏وفي قلعة هونين بالأسلحة الصاروخية وأصابه إصابة مباشرة وفي محيط ثكنة “زرعيت” بالأسلحة المناسبة وأصابه إصابة مباشرة. وقبل ذلك، استهدف ‌‌‌‌‌“‌‌‌ثكنة ‏برانيت بصواريخ “بركان” وأصابتها إصابةً مباشرة”.
وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال، عن “إصابة جنديين من الجيش الإسرائيلي جراء سقوط صواريخ بركان على ثكنة برانيت بالجليل الغربي”.
في المقابل تعرضت أطراف عيتا الشعب لقصف مدفعي إسرائيلي.
وقصف جيش الاحتلال تلة العزية من جهة كفركلا وديرميماس بقذيفتين مدفعيتين وايضاً أطراف مروحين. وتعرضت منطقة الضهور في بلدة كفركلا لقصف بالقذائف الفوسفورية رافقه إطلاق أعيرة نارية باتجاه البلدة. وسقطت ثلاث قذائف في خراج سردا قرب برج تابع للجيش. إلى ذلك أكد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب أن “وقف القتال في جنوب لبنان صعب بسبب التهديدات الإسرائيلية المستمرّة”. وطالب “بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 وترسيم الحدود مع “إسرائيل””. وأضاف “يمكن لـ”إسرائيل” بناء جدار على الحدود مع لبنان بعد ترسيم الحدود”، مشيرًا إلى أن “إذا توقف إطلاق النار في غزة سيتوقف التصعيد في جنوب لبنان”. وتابع بوحبيب “يجب أن تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان ثم البدء بترسيم الحدود”، قائلًا: “نطالب بمفاوضات غير مباشرة مع “إسرائيل” لحل النقاط الخلافية”.
كما أشار إلى أن “المجتمع الدولي يتمسّك بحل الدولتين لكن هناك رفض إسرائيلي”.
وفي سياق ذلك اجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع بوحبيب، وبحث معه نتائج الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن الدولي في نيويورك على المستوى الوزاري بشأن الوضع الراهن في الشرق الأوسط. وأطلع وزير الخارجية الرئيس ميقاتي على الاجتماعات واللقاءات التي عقدها وابرزها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وردود الفعل التي صدرت بشأن الكلمة التي ألقاها. وقال وزير الخارجية “ابلغت المجتمعين أن هناك فرصة تاريخية لهدوء مستدام على حدود لبنان الجنوبية. فلبنان لا يريد الحرب، ولم يسعَ يوماً، أو يسعى اليوم إليها”. وشدد على “أن رؤية لبنان من اجل تحقيق الامن والاستقرار المستدام في جنوب لبنان تقوم على التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلة متكاملة بضمانات دولية واضحة ومعلنة”.
وفي موضوع آخر حذر بوحبيب بعد لقائه السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون ان “قطع المساعدات عن الأونروا خطأ تاريخيّ سيؤدي إلى حرمان اللاجئين الفلسطينيين من أي أمل بحياة ومستقبل أفضل وسيشكل تهديداً للأمن الإقليمي ولأمن الدول المضيفة والدول المانحة على حد سواء”.
وكتب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبر صفحته الرسمية على منصة “أكس”: “نخشى ان يكون قرار حجب التمويل عن الـUNRWA مقدّمة لتصفية القضية الفلسطينية وجعل التوطين أمراً واقعاً ببلدان اللجوء. القرار يُحرم الوكالة من غوث اللاجئين الفلسطينين وتداعياته الإنسانية كارثية. وفي حال أرادوا تعميم الحجب عن جميع نشاطات الوكالة في المنطقة، سيكون للقرار تداعيات سياسية كبيرة. لبنان لن يدفع الثمن مرّةً أخرى”.
على صعيد الملف الرئاسي لم يسجل أي جديد بانتظار جولة سفراء دول الخماسية والتي تبدأ من عين التينة، حيث يتلقي السفراء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أبدى استعداده وفق معلومات البناء للتعاون مع مقترحات ممثلي اللجنة والبحث في آفاق الخروج من الأزمة الرئاسية.
لكن مصادر مواكبة للحراك الرئاسي أشارت لـ “البناء” الى ان سفراء الخماسية ليسوا على موقف موحد رغم الإيحاء بغير ذلك، كما أعلن السفير المصري في لبنان، فلكل دولة موقفها وحساباتها ومصالحها ونظرتها للساحة اللبنانية لا سيما أن المشهد بات أكثر تعقيداً بعد حرب غزة. وحذّرت المصادر من أن جوهر الحراك الخارجي الجديد هو محاولة فصل الملف الرئاسي عن حرب غزة من بوابة الضغط على حزب الله لفرض رئيس على لبنان تحت وطأة التهديد بعدوان إسرائيلي واسع على لبنان او السعي باتجاه عرض مقايضة على الحزب لتسهيل انتخاب مرشحه مقابل تقديم تنازلات في الجبهة الجنوبية. وأوضحت المصادر ان جوهر ومحور الحراك الخماسيّ هو انتزاع حل من لبنان يصب في إراحة “إسرائيل” واستعادة الأمن للمستوطنين المهجرين من شمال فلسطين. وهذا يتلاقى مع الهدف الذي جاء لأجله الموفد الأميركي أموس هوكشتاين.
في المقابل، جددت أوساط حزب الله لـ “البناء” رفض أي مقايضة بين الملف الرئاسي والجبهة الجنوبية، موضحة أن الحزب مع فصل الملف الرئاسي عن حرب غزة، لكن ليس على أساس فرض مرشح ما لكن وفق قواعد محددة وأهمها الحوار الوطني للتوصل الى قواسم مشتركة ومواصفات معينة للرئيس العتيد ما قد يؤدي الى تحالفات نيابية جديدة تتيح تأمين أغلبية نيابية ونصاب الثلثين للانتخاب..
وجدّدت مصادر التيار الوطني الحر لـ “البناء” رفضها ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لأسباب عدة سبق وشرحها رئيس التيار، لكننا مستعدون للحوار مع حزب الله وحركة أمل على مرشح آخر غير فرنجية، كما توافقنا مع قوى المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور. وشددت المصادر على أننا سنعيد انتخاب ازعور في حال دعا رئيس المجلس لجلسة انتخابية مقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى