أخيرة

دبوس

الشعب يفاوض

الشعب الفلسطيني نفسه، بأطفاله ونسائه وشيوخه، هم من يقودون جبهة المفاوضات، بعد أن قادوا جبهة التضحيات والدماء والأجداث الممزقة، هؤلاء الأطفال والنساء والفتيان الذين يخرجون من بين الأنقاض وهم يرفعون شارات النصر، ويصرخون بأعلى عقيرتهم، من النهر الى البحر، وكأشجار الزيتون نحن مزروعون في هذه الأرض، وإنك لمغادر أيها المعتدي الأثيم، ولو لم يبق لنا إلّا قطرة دم واحدة، وزفرة نفس واحدة، نحن باقون وأنتم زائلون…
هذا الشعب هو من يقرّر ما ستصير إليه الأمور، وهو قرّر من دون طلوع ولا نزول، وقف العدوان وقفاً دائماً، الانسحاب الكلّي من غزة، التبادل الشامل للأسرى، إعادة الإعمار، رفع الحصار، ولن نحيد قيد أنملة عن هذه المطالب، لقد بذلنا الدم مدراراً ولم نطأطئ رؤوسنا، وسنبذل الدم مدراراً الى ما لا نهاية، حتى تتحقق مطالبنا، وسنمرّغ أنوف بيبي وغالانت وبن غفير وسموتريتش في تراب غزة، وسنسقطهم سقوطاً مريعاً، وسنرسل هؤلاء القتلة المجرمين الى العدالة، هم وجنرالاتهم وجنودهم الجبناء، الذين فرّوا من ميادين القتال من أمام أبطالنا وأسودنا، وانتقموا من الأطفال والنساء، لقد أمسكنا بتلابيبهم، وأخذناهم إلى ساحات القتال الرجولي، فأبوا إلّا أن يكونوا جبناء كما عهدناهم، ولكننا لن ندع هذه الفرصة تفلت من أيدينا، إن من يقدّم ضريبة الدم هو من يقرّر مسار التفاوض…
نحن شعب ولّاد، ومعطاء، نعطي في مسرب ونبذل المئات والآلاف من أجمل وأشجع شباب الكرة الأرضية، ونقذف بدلاً منهم وفي مسرب آخر إلى سوح القتال، ممن يمسكون الراية، عشرات الآلاف، وممن هم أشد حبّاً وتمسّكاً بالأرض، فذلك الحب والعشق للتين والزيتون والزعتر وتراب عبقه يملأ صدورهم بالرياحين، ويملأ نفوسهم تيهاً وألقاً وتعبّداً لمحمد وعيسى وموسى…
يا قتلة الأنبياء، يا شعب البارانويا والروائح الكريهة وعبقرية التفنن في قتل الناس والكراهية، وتكديس الأموال والنوايا الخبيثة والخبيئة النتنة، التي انطلقت من عقالها وكشفت عورتها وتبدّى كلّ ذلك القبح والبشاعة أمام مرئً من الناس ومسمع، بعد 75 عاماً من الخداع والكذب والتزييف والعبث بعقول البشر.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى