أولى

من فيتنام والعراق وسورية إلى غزة: الإرهاب منبته أميركا وكيانها الصهيوني المصطنع

‬ حسن حردان

أعاد العدوان الإرهابي الصهيوني الأميركي على قطاع غزة وما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي من حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني بدعم وشراكة علنية من إدارة الإرهاب العالمي في واشنطن، أعاد ضرورة التذكير بالماضي البعيد والقريب وحتى الراهن، بجملة من الحقائق والوقائع، التي تدلنا وتؤكد للرأي من أين نبت وتمّ صناعة الإرهاب الذي انتشر في العالم والوطن العربي والشرق الأوسط، وكيف تمّ ارتكاب المجازر وشن الحروب ونشر الفوضى الهدامة تحت عنوانين نشر «الحرية والديمقراطية…»
أولا، الحقيقة الأولى، هي ان الولايات المتحدة الأميركية وكيانها الصهيوني المؤقت يتماثلان من حيث النشأة والتكوين:
1 ـ أميركا قامت ونشأت بعدما تمّت إبادة سكان أميركا الأصليين من الهنود الحمر، من قبل عصابات المهاجرين الأوروبيين الذين قدموا إلى أميركا لاستعمارها طمعاً بثرواتها، فألغت تاريخهم وصنعت تاريخاً جديداً لأميركا.
2 ـ الكيان الصهيوني، نشأ بدوره وقام بعدما شنت العصابات الصهيونية (الهاغانا وشترين وأرغون)، برعاية الاحتلال البريطاني، حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، وارتكبت مئات المجازر في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، وأجبر من تبقى على قيد الحياة على الهجرة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة لفلسطين.. وكانت، طبعاً، بريطانيا وأميركا اللتين خرجتا منتصرتين من الحرب العالمية الثانية، اول من سارع إلى الاعتراف بهذا الكيان الغاضب ورعايته ودعمه بالسلاح والمال والسياسة والدبلوماسية مما مكنه من الاستمرار والتوسع وشنّ الحروب واحتلال ما تبقى من أرض فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان العربي السوري وأجزاء من لبنان وسيناء المصرية.. مما أدخل المنطقة كلها في مرحلة عدم الاستقرار والحروب المتواصلة والصراعات والفتن التي تمّت تغذيتها من قبل الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الصهيوني…
ثانياً، الحقيقة الثانية، تحت عنوان خدعة محاربة الإرهاب، أقدمت أميركا على شن الحرب في أفغانستان والعراق، ومن ثم احتلت أجزاء من الأرض السورية وارسلت قواتها إلى العراق باتفاق مع حكومته، بزعم محاربة تنظيم داعش الإرهابي، الذي تبيّن، باعتراف المسؤولين الأميركيين أنفسهم، لا سيما الرئيس السابق دونالد ترامب، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، إنّ الإدارة الأميركية واستخباراتها، هي من صنعت داعش، وقبلها تنظيم القاعدة، الذي ولد منه داعش، وهدفت أميركا من هذه الحروب، انْ كان بواسطة قواتها او عبر الجماعات الإرهابية، تفكيك دول المنطقة إلى كيانات طائفية ومذهبية واثنية، وتغيير الأنظمة التقدمية، او تلك التي لا تدين بالتبعية لتوجهاتها، وإقامة، بديلاً منها، أنظمة عميلة لها، وبالتالي إنشاء ما يسمّى الشرق الأوسط الكبير.. أو الجديد. بما يؤدي إلى تكريس وتسيّد كيان الاحتلال الصهيوني على المنطقة، مدعوماً بالهيمنة الاستعمارية الأميركية لمواصلة نهب ثروات المنطقة، وإعادة تعويم مشروع الهيمنة الأميركية الأحادية على العالم، وبالتالي القضاء على أحلام روسيا والصين وغيرهما من الدول، في السعي لإقامة نظام دولي جديد يقوم على التعددية، على أنقاض الهيمنة الأحادية الأميركية.. وكانت نتيجة هذه الحروب الأميركية الإرهابية، المباشرة، او عبر أدواتها الإرهابية، تدمير أفغانستان والعراق وليبيا وسورية وارتكاب المجازر المهولة بحق شعوبها…
ثالثاً، الحقيقة الثالثة، الحرب الصهيونية الأميركية على قطاع غزة، التي تستهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني، في سياق المخطط الصهيوني لإنهاء وتصفية قضية فلسطين، أعاد التذكير بما قامت به أميركا في فيتنام من حرب مماثلة بجرائمها وشناعتها، شنتها أميركا ضدّ الشعب الفيتنامي، وهدفت إلى احتلال فيتنام وفرض الهيمنة عليها.. لكنها ذكرت أيضاً قادة العدوان في واشنطن وتل أبيب بالمقاومة الضارية والشرسة التي واجهت الجيش الأميركي المحتل لـ فيتنام، والخسائر الفادحة التي تكبّدها، وما سبّبته من تداعيات وانعكاسات على الجود الأميركيين أصابتهم بالأمراض النفسية والهلوسة والكوابيس، حتى نتج عنها عقدة فيتنام التي بقيت سائدة في الجيش والمجتمع الأميركيين لعقد ونصف العقد…
اليوم تتكرّر هذه العقدة في قطاع غزة وتصيب جيش الاحتلال وجنوده باليأس والإحباط والأمراض النفسية والإعاقات، نتيجة ما تعرّضوا له حتى الآن، من خسائر جسيمة بالأرواح، قتلى وجرحى يقدّرون بآلاف الجنود.. وذلك بفعل المقاومة القوية الضارية التي واجهتهم ولا تزال ومنعتهم من تحقيق أهدافهم.. مما أدخلهم في مأزق الفشل وتداعياته وجعل العدوان يتخبط ويراوح مكانه..
خلاصة القول، إنّ الإرهاب منبته ومنشأه أميركي، وانّ الإرهاب الصهيوني جزء لا يتجزأ من الإرهاب الأميركي، وهدفه واحد هو إلغاء وتصفية قضية فلسطين لصالح المشروع الصهيوني وفرض الهيمنة والسيطرة على كل المنطقة.. لكن طالما هناك مقاومة فلسطينية، وشعب فلسطيني صامد، مدعوماً بقوى مقاومة قوية في المنطقة، من لبنان إلى سورية والعراق وصولاً إلى اليمن، فإنّ هذا المشروع لن يُكتب له النجاح…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى