أولى

مفاوضات القاهرة طويلة

لا تبدو قضية وقف الحرب كهدف للتفاوض الجاري في القاهرة سهلة الحسم، حيث يستمر ممثلو حكومة بنيامين نتنياهو وهم يحملون خلافاتهم وانقساماتها موحّدين خلف اعتبار هدف التفاوض الجاري إنجاز صفقة تبادل للأسرى أو أكثر ترافقها هدنة مؤقتة يجب أن يبقى بعدها قرار العودة للحرب بيد جيش الاحتلال، ولعل هذا أحد معاني أن تجري المفاوضات تحت سيف التلويح بعملية عسكرية كبرى في رفح.
إذا تمّت بنجاح عملية الالتفاف على هذه العقدة المتصلة بسؤال هدنة أم وقف للحرب، عبر كلمات مطاطة من نوع الهدنة القابلة للاستدامة أو المتجددة، فإن القضايا التي يدور حولها التفاوض في إطار الهدنة، حتى ما يتصل بمرحلتها الأولى فقط، هي قضايا شائكة لا يسهل الحديث عن إمكانية التوصل الى حلها قريباً.
تم تأجيل البحث بصيغة تحوّل الهدنة الى وقف دائم لإطلاق النار من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثالثة، بينما تدعو المقاومة لبتّه في المرحلة الثانية، لكن تمّ تحرير مفاوضات المرحلة الأولى من هذا العبء، وتم تأجيل قضية مبدأ وبرمجة انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة وحدود هذا الانسحاب إلى المرحلتين الثانية والثالثة، ومثلها قضية إعادة الإعمار وتعقيداتها. ولا يبدو أن التوصل الى إقرار اتفاق الإطار الذي يرسم الأهداف وصيغة مقاربة كل منها، متاحاً كشرط لبدء الهدنة، في ظل هذه الخلافات.
البحث بهدنة المرحلة الأولى من دون اتفاق الإطار، او عبر تحويل اتفاق الإطار إلى مبادئ فضفاضة ومطاطة وقابلة للتأويل، يعني التفاوض على أمرين هما التبادل والشأن الإنساني الذي يخص قوافل المساعدات وتأمين الجرحى ومرفقاته.
التفاوض حول الشأن الإنساني لا يبدو شديد التعقيد بمثل ما هو التفاوض حول التبادل. فالمقاومة تبدأ من مطلب الكل مقابل الكل والتجزئة تعني اعتماد نسبة واحدة موازية في كل مراحل التبادل. وهذا يعني 70 أسيراً فلسطينياً مقابل كل أسير إسرائيلي، بينما الاحتلال لا يزال عند معادلة واحد مقابل ثلاثة فقط، ويعمل الوسطاء على معادلة واحد مقابل عشرة كما يقترح الأميركي، وواحد مقابل ثلاثين كما يقترح المصري والقطري.
يبدو أن وقتاً طويلاً سوف يمرّ قبل التوصل إلى مسودة اتفاق على المرحلة الأولى، ووقتاً أطول للتوصل إلى مسودة مقبولة لاتفاق الإطار. وقد تكون عملية رفح جزءاً من إيقاع التفاوض.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى