مانشيت

فشل جولات التفاوض في الدوحة دون إعلان توقفها… وغانتس يهدّد بالانسحاب/ المقاومة تكرّس معادلة بعلبك ـ الجولان والمقاومة العراقية تستعدّ لمعادلة المتوسط/ ضحايا الهجوم الإرهابي 133… وبيروت تتضامن مع موسكو بإضاءة الشموع

كتب المحرّر السياسيّ

وصلت جولات التفاوض في الدوحة إلى طريق مسدود، كما قالت مصادر قياديّة في حركة حماس، بسبب إصرار وفد كيان الاحتلال على حصر التفاوض بشروط تبادل الأسرى التي لا زالت دون ما تريده المقاومة بكثير. وبالتوازي رفض البحث بوقف الحرب بصورة نهائيّة، او بالانسحاب الكامل من قطاع غزة، وعودة غير مشروطة للنازحين. وفيما عاد وفد الكيان للتشاور وعقد مجلس الحرب جلسة نقاش حول تعديل تفويض الوفد المفاوض، تتحدّث واشنطن عن فرص متاحة للنجاح، بينما يتحدث رئيس حكومة الاحتلال عن معركة رفح. وكانت نائبة الرئيس الأميركي كمالا هاريس قالت في حوار تلفزيوني إن معركة رفح خطأ كبير سوف يتسبب بكارثة إنسانية وإنه قد تكون هناك عواقب تترتب على العلاقات الأميركية الإسرائيلية في حال خوض معركة هجوم على رفح وتحدّي التحذيرات الأميركية الواضحة.
في إشارة هي الأولى قال بني غانتس عضو مجلس الحرب في الكيان إنه سينسحب من الحكومة ومجلس الحرب إذا تم إقرار قانون التجنيد بصيغة تتضمن إعفاء الحريديم من الجندية، حيث يتشارك في هذا العنوان مع وزير الحرب يوآف غالانت وزعيم المعارضة يائير لبيد، بالتوازي مع عناوين خلافية أخرى مع نتنياهو تطال المسار التفاوضي والعلاقات الأميركية الإسرائيلية، ما دفع ببعض المحللين الإسرائيليين الى الاعتقاد أن ثمة نصيحة أميركية وراء تهديده، انطلاقاً من أن غانتس عاد من واشنطن بنصيحة عدم الانسحاب من الحكومة، رغم مناشدات المتظاهرين المعارضين له مراراً مغادرة مقاعد الحكومة، لكن يبدو أن النصيحة قد تغيّرت.
على جبهة لبنان تواصل المقاومة عملياتها وتستهدف مواقع الاحتلال العسكرية وتجهيزاته وتجمعات جنوده، وقد ردّت أمس على استهداف أطراف مدينة بعلبك، بإطلاق ستين صاروخاً على مرابض المدفعية التابعة لجيش الاحتلال في الجولان السوري المحتل، وأصابت ثكنات إعادة تأهيل وحدات لواء جولاني التي تم سحبها من قطاع غزة، بما بدا أنه تكريس لمعادلة بعلبك الجولان، وأوحى برسالة مشفرة وراء التركيز المتكرّر على استهداف المواقع والثكنات العسكرية في الجولان، بينما كانت المقاومة العراقية تستهدف نقاطاً في عمق الكيان، مثل مبنى وزارة الدفاع بعد استهداف محطات الكهرباء في حيفا وتل أبيب، وتحدّث قادتها عن أن استهداف موانئ الاحتلال على البحر المتوسط هي أهداف مقبلة، وأن معادلة البحر المتوسط سوف تكون مهمة المقاومة العراقية وصولاً الى مضيق جبل طارق، مضيفاً أن لدى المقاومة العراقية ما يكفي من الجهوزية والمقدرات لتنفيذ هذا الالتزام.
في موسكو أعلنت السلطات عن ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإرهابي الى 133 إضافة الى 152 جريحاً، بينما عبّر عدد من أصدقاء روسيا ومساندي خط المقاومة ومواجهة الهيمنة الأميركية عن تضامنهم بإشعال الشموع أمام السفارة الروسية في بيروت، حيث ألقى السفير الروسي الكسندر روداكوف كلمة شكر للمبادرة وتنديد بالجريمة.

وفيما يترقب لبنان والمنطقة والعالم جلاء المشهد الحربي في غزة في ضوء المفاوضات الشاقة المستمرة على خط الدوحة – القاهرة، سيطر الهدوء على المشهد السياسي الداخلي تحت تأثير عطلة أعياد الشعانين وبشارة العذراء والفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي.
وإذ بقيت الجبهة الجنوبية على وتيرة اشتعالها، حافظ الموقف الرسمي والوطني على وحدته وصلابته في وجه المقترحات الأميركية – الفرنسية المشبوهة التي تصبّ في مصلحة العدو الإسرائيلي، باستثناء بعض الأصوات المشبوهة التي تطلق مواقفها انطلاقاً من التعليمات والتوجيهات الخارجية، لكن مصادر رسمية أكدت لـ”البناء” أن لبنان لن يسير بأي مقترح لا يراعي المصالح اللبنانية رغم الضغوط الخارجية، متوقفة عند الاهتمام والحراك الدبلوماسي الأميركي الأوروبي للبحث عن اتفاق وترتيبات تضمن أمن “إسرائيل” وتحل مشكلتها في شمال فلسطين المحتلة من دون ضمانات لمصالح لبنان في استعادة حقوقه السيادية وضمان أمنه واستقراره. متسائلة عن هذا الحراك عندما كانت “إسرائيل” تخرق القرار 1701 وتعتدي على الجنوب ولبنان قبل عملية طوفان الأقصى وقبل فتح جبهة الجنوب! وكشفت المصادر أن لبنان أبلغ الموفدين الأميركيين والأوروبيين وكل من استفسر عن موقف لبنان من استمرار اشتعال الجبهة الجنوبية، بأن لبنان لا يمكن أن يوقف الحرب من جهة واحدة ولا منح أي ضمانة قبل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة ووقف العدوان، وقبل ذلك وقف العدوان على غزة. وشدّدت المصادر على أن الهدنة في غزة ستنسحب على الجبهة الجنوبيّة، مستبعدة التوصل إلى ترتيبات أو اتفاق نهائيّ قبل وقف العدوان على غزة ولا حتى بعده، وأقصى ما يمكن أن يحصل على الحدود هو العودة الى ما كان الوضع عليه قبل 8 تشرين الأول الماضي.
وفي عدوان جديد يعكس حجم المأزق الإسرائيلي في المواجهة مع المقاومة في غزة، خرق العدو مرة جديدة قواعد الاشتباك الجغرافية واستهدف مدينة بعلبك لمنح تهديداته المصداقية ومحاولة فرض قواعد اشتباك جديدة وردع المقاومة، إلا أن المقاومة سارعت الى الرد باستهداف مواقع استراتيجية في كيان الاحتلال. واستبعدت أوساط عليمة ومطلعة على الوضع الميداني لـ”البناء” خروج الوضع على الحدود عن السيطرة، مشيرة الى أن تراجع العمليات العسكرية خلال الأسبوعين الماضيين، له علاقة بمستوى العدوان على غزة الذي تراجع منذ بداية شهر رمضان، وبوتيرة العدوان الإسرائيلي على الجنوب، موضحة أن ظروف الميدان هي التي تتحكم بحجم العمليات العسكرية، وبمعزل عن ذلك، فإن جبهة الإسناد الجنوبية لغزة ستبقى مستمرة حتى لحظة وقف العدوان على غزة، ولا يمكن فصل الجبهات عن بعضها.
وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الى أن “هذه المواجهة التي نواجهها اليوم مساندةً لغزة هي في اتجاه معيَّن مساندة لغزة ولكنها أيضاً تؤدي خدمة كبيرة للبنان، لأنها تُفهم “إسرائيل” بأن تكون مردوعة في أنَّ المقاومة حاضرة فلا يمكن أن تفكر إسرائيل في غزو لبنان مرة جديدة من دون مواجهة ووضع حد لها. نحن لا نرى فصلاً بين مساندة غزة ومصلحة لبنان، كل المقاومة في لبنان لا فصل فيها بين مصلحة فلسطين ومصلحة لبنان، نعم بالأولوية مساندة غزة، ولكن هل مساندة غزة معزولة عن لبنان؟ نحن نواجه عدواً توسعياً فمن الأفضل أن لا نترك هذا العدو يتصرف بمبادرات ضدنا وأن نبادره حيث لا يكون مستعداً لنا لنمنع احتمال المبادرة عنده عندما يكون قادراً عليها. نحن لا نتصرف على طريقة عليهم يا عرب، نحن نعرف ما نقوم به وكل شيء مدروس. هذا العدو إن تُرك لا يَترك، لذلك لن نتركه حتى يفهم أننا في المرصاد”.
وأوضح قاسم في احتفال تأبيني في مجمع المجتبى – بيروت، أن “العدو يحاول أن يتوسع في الاعتداءات المدنية في بعلبك أو البقاع الغربي أو أي مكان آخر، وكلها ستكون هناك ردود عليها وحصل رد على بعلبك بعد ساعة على أماكن استراتيجية موجودة عند العدو الإسرائيلي، ولن نخشى مهما كان الثمن ومهما كانت الصعوبات. كل عدوان على مدني وعلى واقع لا يتناسب مع طبيعة المواجهة الحالية، سنردّ عليه ونقول له إننا جاهزون ونحن في الميدان ولا نقبل أن تزيد اعتداءاتك من دون أن تدفع الثمن، ونحن حاضرون مهما كانت التضحيات ومهما كانت الصعوبات. هذه المواجهة التي نقوم بها على الرغم من تكاليفها الكبيرة، تأكدوا هي أقل كلفة بكثير مما لو انتظرنا العدو ليأتي إلينا، هذا عمل دفاعي بكل ما للكلمة من معنى”.
و‏استهدف ‏مجاهدو المقاومة رداً على قصف ‏أحد الأماكن في مدينة بعلبك، القاعدة الصاروخية والمدفعية في يوآف وثكنة كيلع (مقر قيادة الدفاع ‏الجوي والصاروخي) حيث كانت تتدرّب قوة من لواء غولاني بعد عودتها من قطاع غزة، وذلك بأكثر ‏من ستين صاروخ كاتيوشا.‏ كما استهدفت تجمعاً ‏لجنود العدو الإسرائيلي في محيط ثكنة برانيت بالأسلحة الصاروخية، وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، ومبنًى يتموضع فيه جنود ‏العدو الإسرائيلي في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة، وقوة ‏إسرائيلية داخل موقع المرج بالأسلحة المناسبة وأوقعوا أفرادها بين قتيل ‏وجريح.‏
في المقابل استهدفت قوات الاحتلال وادي السلوقي بالقـذائف المدفعية. كما تعرّضت أطراف بلدتي عيتا الشعب ورامية لقصف مدفعي مباشر من مواقع جيش الاحتلال المتاخمة للخط الأزرق في القطاع الأوسط.
وأعلن عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية، أن العدو الصهيوني استهدف بالقصف مكتب مديرية كفركلا في “القومي” ودمّره بالكامل، من دون وقوع إصابات. ولفت حمية إلى أن العدوانية الصهيونية المتمادية على مناطق جنوب لبنان، ستزيد أبناء هذه المناطق صموداً وتجذراً في أرضهم، وتزيد قوى المقاومة عزماً على التصدي للعدوان وتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
في غضون ذلك، خطف العمل الإرهابي الذي استهدف المدنيين الآمنين في روسيا، اهتمام المستوى السياسي اللبناني، فأبرق رئيس مجلس النواب نبيه بري للرئيس الروسي فلاديمير بوتين معزياً ومواسياً، مؤكداً أن الإرهاب لا دين ولا هوية له سواء ارتكبه أفراد أو جماعات أو من خلال إرهاب دولة منظم، فاستمراره على الشكل الذي حصل في موسكو ويحصل في أكثر من منطقة في العالم يمثل عدواناً متواصلاً يستهدف الإنسانية جمعاء والديانات السماوية وقيمها السمحاء، وهو ما يستوجب جهداً دولياً عاجلاً لتجفيف منابعه ووأد مشاريعه الهدامة للأمن والسلم الدوليين. كما أبرق الرئيس بري معزياً لنظيره الروسي رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين. من جهته، دان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، العمل الإرهابي وأبرق الى الرئيس الروسي معرباً عن تضامن لبنان الكامل مع روسيا الاتحادية ومؤكداً رفضه المطلق واستنكاره التام لكل أشكال العنف والتطرّف والإرهاب. كما ادان الهجوم الرئيس سعد الحريري ورؤساء أحزاب لبنانية عدة.
وإذ لم يسجل الملف الرئاسي أي مستجد، بقيت الأضواء منصبة على اجتماعات بكركي للأطراف المسيحية، ولفت النائب طوني فرنجية خلال احتفال للمردة أن “لا حل سوى بالجلوس جميعاً معاً، فيناقش كل طرف هواجسه دون شروط لا تكون لاحقة ولا مسبقة ولا حل إلا بالشراكة والتطلع إلى بناء بلد بنيات صافية وإرادة وعزيمة. ومن يرفض ربط المسار الرئاسي بمسار الحرب كان عليه ألا يرفض الحوار، لا بل أن يطالب به منذ بداية الشغور فهو السبيل الوحيد لانتخاب رئيس صُنع في لبنان. ونكرر اليوم تمسكنا بحوار وطني، وننتظر أي مبادرة قد تطلقها البطريركية المارونية، علماً أننا لا ننسى انقضاض البعض على المُسلمات التي أعلنت من بكركي بعد إجتماع الأقطاب الموارنة فيها”.
وإذ حاولت قوى سياسية مشاركة في اجتماعات بكركي تمرير بنود ليست محل توافق وطني ولا حتى مسيحي، كموضوع سلاح المقاومة، كشفت مصادر “البناء” أن “موقف ممثل التيار الوطني الحر في اجتماعات بكركي لم يكن سلبياً وفق ما أشيع من أجواء اللقاء، بل على العكس لعب دوراً في إدخال تعديلات على النسخة الأولى من الوثيقة، برفض تضمينها أي إشارة ضد سلاح حزب الله، أو الاستغناء عن سلاح الحزب قبل الانسحاب الاسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة ووضع استراتيجية دفاعية وتسليح الجيش اللبناني”.
وأشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال قداس أحد الشعانين في بكركي الى أننا “نلتمس الخلاص من خطايانا المتزايدة، ولا توبة عليها، فتراكمت حتى أصبحنا نعيش في هيكليّة خطيئة ضدّ الله، وضدّ قدسيّة الذات، وضدّ الناس. نحن نعني الخطيئة الروحيّة، والخطيئة الأخلاقيّة، والخطيئة الاجتماعيّة، والخطيئة السياسيّة التي بلغت بالفساد إلى ذروته”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى