فلسطين في قلب الأسد… الانتصار بالمقاومة
العلاّمة الشيخ عفيف النابلسي
دخل العدوان على غزة منعطفاً جديداً بعدما رفضت فصائل المقاومة مكيدة التهدئة «الإسرائيلية» التي تهدف كما حال تفاهمات التهدئة السابقة إلى إبقاء الحصار وتكبيل المقاومين وتجريدهم من قوة الدفاع عن النفس ومواجهة الجبروت الصهيوني الغاشم.
فشلت القيادة العسكرية «الإسرائيلية» من منع الصورايخ السورية والإيرانية الصنع، من السقوط داخل المستوطنات. فشلت في معرفة مخازن الصواريخ. فشلت في قتل قيادي واحد من فصائل المقاومة. وفشلت في فرض شروط تسوية عبر وسطاء عرب، ويا للأسف، لأجل سرقة النصر والمنجزات الكبيرة التي حققها المقاومون.
غزة اليوم وأمام الهجوم البري الذي يُراد أن يجعلها في موقع الانهزام والخنوع للإرادة الصهيونية، تقف صامدة ثابتة، لكنها تفضح الأعراب الذين دفعوا مئة مليار دولار لتدمير سورية. حشدوا أكثر من مئة فضائية عربية وغربية لتنفجر سورية من الداخل. عقدوا المؤتمرات الطارئة والعاجلة وأنشأوا اللجان لمواكبة عملية تجويع الشعب السوري وتهجيره وتمزيقه. وجّهوا مشايخ السوء والفتنة لإصدار فتاوى التكفير والقتل والجهاد. لكنهم في المقابل لم يدفعوا إلاّ الفتات للفلسطينين. لم يعقدوا اجتماعات طارئة لإنقاذ الشعب الفلسطيني. لم يحرّكوا الجيوش العربية الممتلئة مخازنها بالسلاح للدفاع عن فلسطين والمقدسات. لم تعرف جامعة الدول العربية حماسة لإصدار مواقف سياسية مندّدة. لم يتحرك وزراء الخارجية العرب إلى العواصم الغربية للضغط كي توقف «إسرائيل» عدوانها. لم يعلنوا عن إنشاء مجموعة أصدقاء غزة للمساعدة في إنقاذ الوضع المأسوي ومساندة الفلسطينين مالياً وعسكرياً واقتصادياً. لم يرسلوا أحداً إلى غزة للدفاع عنها. لم يطلبوا من مشايخهم أن يصدروا فتاوى الجهاد ويعلنوا النفير العام في صفوف المسلمين. لم نسمع خطباً رنانة في مساجد المسلمين الكبيرة كمكة والمدينة تدعو إلى نصرة الشعب الفلسطيني. لم تتحرك الجمعيات الخليجية لجمع التبرعات لأطفال غزة.
لم يحصل ذلك كلّه. فقط عندما تكون الفتنة بين المسلمين أنفسهم، وبين العرب أنفسهم، وبين الطوائف المتعايشة بسلام في هذه المنطقة أنفسها، لخدمة أميركا و»إسرائيل» تعلن هذه الأشياء كلّها، وتتحرك العواطف والأيادي والألسنة المأجورة تُفصح عن خبثها ولؤمها وتجردها من كل معاني الإنسانية والشرف والشهامة.
بلى، أُريدَ لسورية أن تتمزق وتغرق بالدماء ويسقط محور المقاومة المدافع عن فلسطين من خلال الفتنة السورية. لكن أسد سورية الدكتور بشار أثبت أنه المؤتمن على ثوابت سورية الوطنية والقومية والإسلامية.
صامد في مواجهة المؤامرات. وبصورة واضحة، أكد خطاب القسم على فشل المشاريع التآمرية العربية والتركية و»الإسرائيلية» والغربية، وعلى قوة الجيش السوري على استعادة المبادرة وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن السورية، والمسارعة إلى مرحلة جديدة من الإعمار والمصالحات الداخلية، والأهم أنّ سورية رغم الظروف القاسية التي تمر بها، متمسكة بفلسطين كقضية أولى وأساسية ومصيرية، لا تنأى بنفسها ولا تدفن رأسها بالرمال وإنّما تتحرك متضامنة بالموقف السياسي وبالسلاح، لأن سورية تعرف أن فلسطين لن تعود إلاّ بقوة السلاح لا بالتخاذل والانهزام. بالمقاومة تنتصر فلسطين وتعود للعرب بهيّة أبيّة. سورية الأسد اليوم في قلب المعركة تدافع عن غزة كما كل محور المقاومة الذي يدور كما تدور فلسطين لاستعادتها من ظلم العرب الذي هو أشدّ مضاضة على كلّ شريف وحر في زمن عز فيه الشرفاء.