المقاومة تحاصر المفاوضات: لا هدنة بلا فك الحصار
كتب المحرر السياسي
وصل الاستنفار الدولي إلى ذروته لأنّ «إسرائيل» وصلت إلى الحضيض في مصادر قوّتها، جون كيري وبان كي مون في المنطقة على عجل يتناوبان المهام لاستنقاذ «إسرائيل» من المستنقع، كيري يتولى الدفع بالدورين التركي والقطري الباحثين عن دور من نافذة صمود حركة حماس وكتائب القسام، فيجبرهما على التقارب مع السعودية ومصر، لأنّ «إسرائيل» لا تحتمل، فيطير أمير قطر للقاء القيادة السعودية في جدة، ويصل ضباط الاستخبارات التركية إلى القاهرة للقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري وبدء تفاوض مع الاستخبارات المصرية، على بنود تضمن ما بات يُسمّى تطويراً للمبادرة المصرية، لتسهيل الموافقة من فصائل المقاومة على وقف النار من دون فك الحصار، وتقديم ما يجمًل وقف النار غير المشروط بفتح معبر رفح ضمن ضوابط يرتضيها «الإسرائيلي».
بان كي مون لا يملك كأمين عام للأمم المتحدة، إلا الانتظار، فالمبادرات ليست عنده كموظف لدى الأميركي، بل انتظار التعليمات حيث يجب أن يكون العنوان الأممي كديكور ضروري للترتيبات المرافقة لما يمكن الوصول إليه.
المقاومة التي ترفع شعاراً وحيداً لوقف النار هو فكّ الحصار، تحاصر المفاوضات بشروطها التي تبلّغها السياسيون بصورة قاطعة، لا وقف للنار إلا بالفكّ الشامل والمتزامن مع فكّ كلّ أنواع الحصار.
يبقى القرار «الإسرائيلي» مزدوجاً كما تفيد مصادر المقاومة، التي نجحت في فلسطين وربما في لبنان باختراق شبكات الاتصالات الخاصة بقادة الجيش «الإسرائيلي» ووحداته المقاتلة، فمن جهة سيسعى «الإسرائيلي» العاجز عن تحقيق أيّ تقدم في الميدان لارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين لتسريع المساعي الدولية لفصل وقف النار عن أي شروط سياسية، ومن جهة أخرى يبذل كلّ جهوده لاستباق حلول يوم القدس العالمي الذي أطلقه الإمام الخميني قبل ثلاثين عاماً، في الجمعة الأخيرة من كلّ رمضان، حيث يخشى «الإسرائيليون» إحياءً من نوع خاص للمناسبة، بعدما ثبت لديهم أنّ الفجوة التي وقعت بين قيادة حماس وحلفائها في سورية وإيران لا تشمل جسم المقاومة، سواء كتائب القسام أو سرايا القدس اللتان تعدان احتفالاً من نوع خاص مليء بالمفاجآت العسكرية ليوم القدس، وفقاً لمصادر استخبارية «إسرائيلية» كما تكشف اتصالات قادة القوات المرابطة على تخوم غزة.
يخشى «الإسرائيليون» استمرار الحرب حتى الجمعة، لتشكل نقطة انعطاف نوعية في مساراتها يترجمها المقاومون عمليات نوعية ومفاجآت، ويتوّجها ظهور قائد المقاومة السيد حسن نصرالله الذي بات يقين «الإسرائيليين» أنّ المقاومين في فلسطين ينتظرونه كأب روحي للمقاومة في لبنان وفلسطين، عابر للولاءات الحزبية والهويات المذهبية، وما سيكون بعد جمعة القدس من وحدة بين المقاومات والمذاهب سيسقط الكثير مما لا تريد واشنطن وتل أبيب له أن يسقط.
المنطقة كلها وربما العالم في حال توقع وانتظار لخطاب «السيد» فكيف بلبنان؟
اطلالة نصرالله
في ظل هذه الأجواء، تتّجه الأنظار إلى ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر يوم الجمعة لمناسبة يوم القدس، وبخاصة ما يتعلق بالعدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة ودعم المقاومة الفلسطينية في مواجهة الوحشية الصهيونية، بالإضافة إلى ما يمكن أن يوجّهه من رسائل في الشأن اللبناني.
الجلسة التاسعة كسابقاتها
واليوم سيتكرر المشهد في ساحة النجمة، فجلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن تكون أفضل من سابقاتها الثماني. النصاب لن يتأمن طالما أن فريق 14 آذار لا يزال على موقفه الداعم لترشيح رئيس حزب القوات سمير جعجع.
وأكدت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية أن الصورة لم ولن تتبدل في الوقت الراهن في المجلس النيابي، فالوضعية الرقمية ستبقى على حالها من عدم تأمين النصاب لعدم التوافق على اسم يحظى بتوافق الفريقين.
وأشارت المصادر النيابية إلى أن الوضعية الإقليمية التي يعول عليها اللبنانيون منشغلة بأمور أكبر من لبنان، داعية السياسيين إلى المبادرة وتفعيل التواصل لتحصين الداخل عبر انتخاب رئيس للجمهورية الذي صحيح أنه يبدأ مارونياً إلا أن آليات انتخابه هي في المجلس النيابي المؤلف من مختلف القوى السياسية، مشيرة إلى أن الاستحقاق الرئاسي هو من مسؤولية الجميع.
انتخاب البرلمان أولاً
وأوضح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بعد اجتماع التكتل الأسبوعي في الرابية أمس أن الرئيس سعد الحريري يقول انتخاب الرئيس أولا وأنا أقول انتخاب البرلمان أولاً، لافتاً إلى أن معركتنا هي لإصلاح القوانين الانتخابية بشقيها الرئاسي والانتخابي.
مجلس الوزراء لن يتمكن من إيجاد حل لقوننة الرواتب
أما جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، لن تكون أفضل حالاً من جلسة انتخاب الرئيس، إن لناحية ملف الجامعة المتعثر وإن لناحية ملف قوننة الرواتب الذي تؤكد مصادر وزارية في 14 آذار لـ «البناء» أن لا حاجة لعقد جلسة تشريعية لدفعها، فالأموال يمكن دفعها استناداً إلى قانون المحاسبة العمومية.
ولاحظت مصادر وزارية أخرى أن هناك صعوبة بالوصول إلى حل لهذه الأزمة داخل مجلس الوزراء من دون الاتفاق على إرسال قانون إلى مجلس النواب، خصوصاً أن وزير المال علي حسن خليل يؤكّد رفضه التوقيع على مصاريف الرواتب في غياب القانون الخاص بذلك.
ملف الجامعة يراوح مكانه
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أن الاتصالات في ملف الجامعة اللبنانية لا تزال تراوح مكانها، مشيراً إلى أن تخلي رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط عن الموقع الدرزي في مجلس الجامعة اللبنانية مقابل بقاء الدكتور بيارد يارد عميداً لكلية الطب لم تحل الأزمة، مشيراً إلى أن المشكلة الحاصلة هي في كلية الطب لا في أي موقع آخر.
مخيمات النازحين تتطلّب ضمانة دولية وتمويل
وكان درباس التقى ممثلة مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في لبنان نينات كيلي، وأكد لـ«البناء» أن البحث تناول أزمة النازحين السوريين، مشيراً إلى أنه تناول مع كيلي إقامة مخيمات للنازحين في المناطق الفاصلة بين لبنان وسورية والذي يتطلب الحصول على ضمانة دولية وقبول من المجتمع الدولي بالإضافة إلى تمويل ومساعدات، وهذا ليس متوفراً في الوقت الراهن.
وأوضحت مصادر وزارية أن ما نُقل عن موقف تسهيلي لحزب الكتائب بملف الجامعة لم يقترن بسحب مطلبه بأن تكون للحزب حصة من عميدين في تعيين العمداء، فحزب الكتائب لم يبلغ وزير التربية الياس بوصعب موقفه.
ونقل زوار رئيس الحكومة تمام سلام عنه لـ«البناء» أن كل الملفات المطروحة حيوية وبحاجة إلى معالجة إلا أن العقبة تكمن أن الأفرقاء لم يتمكنوا في الحكومة من اتخاذ قرار لا بالتصويت ولا بالتوافق، فالجلسات التي عقدت ودامت أكثر من أربع وخمس ساعات لم تفض إلى أي نتيجة فالتوافق لم يوصل إلى إقرار أي من الملفات العالقة. وأشار سلام إلى أن الوضع إذا بقي على ما هو عليه فهذا كارثة لا سيما أن المجلس النيابي لا يجتمع وهذا من الممكن أن ينسحب على الحكومة. وأشار إلى أن دعوته مجلس الوزراء للانعقاد هي من حرصه على تحمل المسؤولية لكي لا تتدهور الأمور نحو الأسوأ لا سيما أن تشكيلها كان معجزة والخطة الأمنية والهجوم الاستباقي للأجهزة الأمنية أنقذ البلد مما كان يحضر له.
وتحدث سلام عن مصير الطلاب إذا لم تقر سلسلة الرتب والرواتب، فأكد أن إعطاء إفادات غير مقبول على الإطلاق وهذا تكرار لما حصل في الحرب الأهلية، وان اللجوء إلى تصحيح الامتحانات الرسمية من دون مشاركة الأساتذة سيحدث ثغرة في مهنية ومصداقية التصحيح.
وأمس زار رئيس الحكومة رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقالت أوساط عين التينة إن الاجتماع كان إيجابياً، وأنه كان هناك توافق بالرأي على انتظام عمل المجلسين. وأضافت أن الرئيس بري أبلغ سلام بأنه يعمل بكل جهد لفصل الشغور الرئاسي والتعطيل في مجلس النواب عن موضوع الحكومة. وقال بري لسلام إن من مصلحة الجميع أن تستمر الحكومة بالعمل ليس في سبيل معالجة قضايا اللبنانيين فحسب، بل من أجل الأمن الذي وضعه دقيق.
وأعاد الرئيس بري إصراره على موقفه من قوننة الرواتب، وأن لا خيار سوى إصدار قانون بهذا الخصوص. وأشار إلى وجود أفكار يتم تداولها لحل هذه المسألة. وقال: «لا اتفاق من دون قانون في مجلس النواب.
طروحات المستقبل أسوأ من قبل
وأكدت مصادر عين التينة لـ«البناء» إلى أن الآراء في ملفي سلسلة الرتب والرواتب وصرف رواتب القطاع العام لا تزال مختلفة في مقاربة هذين الموضوعين، لافتة إلى أن اللقاء الذي عقد بين وزير المال علي حسن خليل مستشار لرئيس سعد الحريري نادر الحريري نادر الحريري بحضور الوزير وائل أبو فاعور والتي استكملت بلقاء بين خليل والنائب جمال الجراح لم تفض إلى أي نتيجة، فلا قناعة لدى تيار المستقبل بالنزول إلى المجلس النيابي لإقرار السلسلة. وكررت المصادر التأكيد أن لا دفع لرواتب الموظفين من دون قانون، مشيرة إلى أنها لن تقبل بفرض 1 TVA في المئة على كافة السلع الاستهلاكية، فلا نريد أن ندفع للموظفين والأساتذة بيد ونأخذ باليد الأخرى منهم.
وأكدت مصادر نيابية في تكتل التغيير والإصلاح لـ«البناء« أن طروحات تيار المستقبل بالنسبة لسلسلة الرتب والرواتب بما يخص TVA لا تزال على حالها بل هي أسوأ من قبل. ولفتت المصادر إلى أن نواب تيار المستقبل لا يريدون النزول إلى المجلس النيابي لأنهم لا يريدون إقرار سلسلة الرتب والرواتب إلا جراء صفقة عفى الله عن 11 مليار، ولذلك عملوا على تأليف لجنتين لدراسة السلسلة في عهد الرئيس ميشال سليمان لتمييع الوقت، ويتذرعون اليوم بأن المجلس هو هيئة ناخبة.
لا رجوع عن مقاطعة التصحيح
وواصل وفد هيئة التنسيق النقابية لقاءاته مع القيادات السياسية، والتقى أمس رئيس حزب الكتائب أمين الجميل رئيس حزب القوات سمير جعجع بعد أن التقى أول من أمس رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة. وتنفذ هيئة التنسيق اليوم عند العاشرة صباحاً إضرابا في جميع الإدارات العامة، واعتصاماً أمام وزارة الصناعة، فيما ينفذ الطلاب والأهالي اعتصاماً عند الحادية عشر أمام وزارة التربية.
وأكد رئيس رابطة التعليم الخاص نعمة محفوض لـ«البناء« أن لا نتائج للامتحانات الرسمية من دون إقرار السلسلة، مشيراً إلى أن هيئة التنسيق النقابية أبلغت القيادات السياسية التي التقتها أن الـ100 ألف طالب ليسوا رهائن الأساتذة بل رهائن عند السياسيين، الذين يحتجزون النتائج.
وإذ أشار إلى أن لا رجوع عن مقاطعة التصحيح أكد أن الامتحانات التي لم يراقبها إلا الأساتذة لن يصححها إلا الأساتذة الذين ينفذون إضرابا إلى حين إقرار السلسلة.
التفاهم على شخصية معتدلة لموقع مفتي الجمهورية
في موازاة كل ذلك، تتجه أزمة دار الفتوى إلى حلحلة، وتأتي استقالات أعضاء المجلس الشرعي الستة الذي يرأسه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، قبل شهرين من موعد إجراء الانتخابات لموقع المفتي في هذا الإطار. وفي السياق أكد المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة أن استقالات الاعضاء الستة تأتي بعد مسار من التفاهمات والاتصالات على اعلى المستويات وبمشاركة اطراف وطنية واقليمية، إضافة الى سلسلة من اللقاءات بعيداً عن الاعلام لتسوية الازمة الحاصلة في دار الفتوى، وتصحيح الوضع القائم لدى الطرفين خوفاً من وصول اكثر من مفت للجمهورية اللبنانية وأكثر من مجلس.
وأشار الشيخ خليفة الى ان استقالة الاعضاء الستة وما رافقها من كلام تهدئة تجاوز للخلافات القائمة ستستكمل بخطوات أخرى مفاجئة تصب كلها في اطار الاتفاق على مفتي الجمهورية، حيت تم التفاهم على شخصية معتدلة ومرنة ومحط قبول من الطرفين.
وإذ لفت الى ان الاجواء ايجابية وجيدة اكد خليفة ان التسوية المنتظرة ستكون ثمرة الجهد الذي بذله رؤساء الحكومات لا سيما الرئيس تمام سلام والمفتي محمد رشيد قباني، وإذ رفض الاعطاء المزيد من التفاصيل عن المفتي المقبل أكد خليفة ان التكتم واجب لا سيما ان هناك متضررين من التفاهم الحاصل من الجانبين.