في اليوم الخامس والعشرين للعدوان: حكومة نتنياهو تواصل المراوحة في السياسة والميدان… وتتوسّل لوقف النار
حسن حردان
في اليوم الخامس والعشرين للعدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة بدت حكومة العدو في وضع المتردد في اتخاذ قرار حاسم بإنهاء الحرب أو اجتياح غزة.
فالمجلس «الإسرائيلي» المصغر اجتمع لأخذ القرار تحت ضغط مطالبة الجيش بحسم الأمر، إما الدخول إلى غزة أو الخروج منها. لكن المفاجأة كانت قرار المجلس الاستمرار في دائرة المراوحة السياسية، عبر اتخاذ قرار بمواصلة العملية العسكرية المحدودة التي بدأها الجيش «الإسرائيلي» في غزة. ما يعني استمرار المراوحة العسكرية في المكان وإبقاء الجنود «الإسرائيليين» عرضة لهجمات المقاومة وقذائف الهاون.
ويعكس هذا القرار ارتباكاً واضحاً على المستوى السياسي وحيرة تسود دوائر صنع القرار، نابعة من مأزق الخيارات أو السيناريوات المتاحة أمام حكومة نتنياهو.
واللافت أنه فور انتهاء الاجتماع الوزاري المصغر أرسل نتنياهو وفداً إلى القاهرة لبحث وقف إطلاق النار، وذلك بالتزامن مع تطور ميداني تمثل بتلقي الجيش «الإسرائيلي» ضربة جديدة موجعة، عبر إقدام المقاومة على تفجير مبنى يوجد فيه عشرات الجنود الصهاينة ما أدى إلى وقوعهم قتلى وجرحى. الأمر الذي دفع العدو إلى ارتكاب مجزرة جديدة في الشجاعية.
على أن المشهد عكس حال الفشل «الإسرائيلي» المستمر في الميدان وفي السياسة وتمثل ذلك في الآتي:
أولاً: اتجاه نتنياهو إلى التخلي عن مواصلة البحث عن صورة انتصار، والسعي إلى صورة تسمح له بإنهاء الحرب والادعاء بأنه انتصر.
ولهذا بات يتوسل وقفاً لإطلاق النار بدلاً من البحث في توسيع عمليته العسكرية.
ثانياً: تصاعد الضغوط الدولية على «إسرائيل» لوقف عدوانها، وتمثل ذلك في إقدام دول البيرو وتشيلي والبرازيل والإكوادور على سحب سفرائها من «تل أبيب» احتجاجاً على الحرب، وتوقع أن تحذو دول أخرى حذوها، ما أحرج أيضاً الدول العربية التي تقيم علاقات مع «إسرائيل» أو تلوذ بالصمت تجاه ما يحصل من مجازر صهيونية وحشية ضد الشعب الفلسطيني.
ثالثاً: يعاني الجيش «الإسرائيلي» من أزمة حقيقية نتيجة عدم تحقيق أي نجاح في الميدان. في حين باتت مراوحته في المكان في أطراف غزة تعرضه لمزيد من الخسائر، بفعل حرب العصابات التي تخوضها المقاومة ضده.
رابعاً: تحولت الأنفاق الهجومية التي تستخدمها المقاومة في مهاجمة قوات العدو خلف الخطوط إلى رعب يقض مضاجع الجيش «الإسرائيلي» والمستوطنين معاً. خصوصاً بعد عملية تسلل رجال المقاومة عبر نفق إلى موقع للجيش «الإسرائيلي» في ناحال عوز وقتل عشرة جنود صهاينة. إذ ركّز المعلقون الصهاينة على نقاط قوة المقاومة ونقاط ضعف الجيش «الإسرائيلي»، وأبرزها قدرة رجال المقاومة على الاستطلاع واختيار طريق دخول الموقع «الإسرائيلي»، من دون أن يكتشفهم أحد، في حين ظهر الجنود «الإسرائيليون» غير قادرين على مواجهة رجال المقاومة وقد أثار ذلك قلقاً متزايداً لدى المستوطنين، وكشف زيف ادعاء الجيش «الإسرائيلي» بقرب الانتهاء من القضاء على قدرات المقاومة وأنفاقها الهجومية، وأن المنظومة الدفاعية «الإسرائيلية» عاجزة عن مواجهة تكتيك المقاومة الجديد في خوض حرب العصابات ونظام الأنفاق الذي بنته لقتال الجيش «الإسرائيلي».
خامساً: الخيارات التي تناقشها الحكومة «الإسرائيلية» للخروج من مأزق عدوانها جميعها لها أخطار وتداعيات سلبية، من وقف القتال والقول بفك الحصار وتسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية، مروراً بالانسحاب من جانب واحد هرباً من دفع الثمن السياسي والاستجابة لمطالب المقاومة أو توسيع العملية العسكرية وما تحمله من خسائر أكيدة في صفوف الجيش «الإسرائيلي»، وصولاً إلى اجتياح غزة الذي قد يستمر أشهراً ويدخل الجيش حرب استنزاف كبيرة كلفتها عالية، عدا عن تسببها بعزلة «إسرائيل» في العالم.
أمام هذه التطورات يمكن القول إن حكومة نتنياهو بدأت تسلك أقل الخيارات سوءاً بالنسبة لها، وهي تراوح بين التوصل إلى اتفاق لوقف النار تفك بموجبه الحصار عن قطاع غزة، وتوافق على بعض المطالب الأخرى للمقاومة أو الانسحاب من جانب واحد ومحاولة الرهان على استخدام القصف من بعيد لمنع المقاومة من الاستمرار بهجماتها الصاروخية أو عبر الأنفاق.