وقع المحظور… فهل ستذهب السعودية إلى مجابهة أميركا أم ستكتفي بالشتائم؟
مهند فائز نصرة
أخيراً جاء قانون العدالة رعاة الإرهاب الذي رعاه وطبخه وقدّمه السيناتوران الديمقراطي شاك شومر والجمهوري جون كورنين، متضمّناً في نصه أمور الضحايا الذين سقطوا في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، سمح لذويهم المطالبة بتعويضات ضخمة و بمحاكمة ومقاضاة أمراء ومسؤولين سعوديين امام القضاء والمحاكم الأميركية، ولربما أول من مهّد لهذا القانون رأس الهرم الأميركي باراك أوباما، عبر حديثه وتصريحاته العدائية التي أطلقها لمجلة أتلانتك والتي أكدّ فيها بوضوح لا لبس فيه، أنّ السعودية راعية أساسية ومموّلة حقيقية للتطرف الإسلامي الوهابي خلال العقود الثلاثة التي خلت، عبر الأموال الضخمة التي كانت تقدّمها لشخصيات وجمعيات مشبوهة، وبدورها تموّل التسليح والفكر المتطرف، والسؤال هنا هل بدأ عسل العقود السبعة بالانهيار؟ وهل سنشهد مواجهات سياسية وقضائية؟ أو على الأقل حربا اقتصادية في المدى القريب… مؤشران أساسيان لابد من التوقف عندهما مليا، الأول «الرقم الذي صرّحت عنه وزارة الخزانة الأميركية في بيانها حول امتلاك النظام السعودي 116.8 مليار دولار، ضاربة بذلك الرقم 750 مليار عرض الحائط الذي قد تداولته ونشرته صحف أميركية عدة»، أما المؤشر الثاني» ما جاء مؤخراً على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، والذي تراجع عن تصريحاته وتهديداته السابقة في خصوص تجميد الأصول السعودية او سحبها» قائلاً: «ما قصدناه أنّ صدور القانون سيقوّض ثقة المستثمرين في السوق الأميركية».
قد يقول بعض المحللين إنّ هذا القانون لا يتعدّى كونه مجرد حالة ابتزازية للسياسة الأميركية المعروفة، وهي ليست سوى عملية قانونية تضغط بها الولايات المتحدة على السعودية والأسرة الحاكمة صاحبة الأموال الطائلة، مستغلة بذلك التورّط السعودي في كثير من مفاصل الحروب التي أشعلتها في المنطقة مؤخراً، وانغماسها بالدماء وتضعضع كرسي الحكم السعودي، الذي يحاول وبكلّ الوسائل أنّ يستعرض القوة ويجمع التحالفات ويجري المناورات بين الفينة والأخرى . ملمحاً بذلك للإدارة الأميركية أنّه القادر على الإستمرار والتثبت في الحكم، حتى ولو انهارت علاقة السبع عقود الاستراتيجية، وهذا الابتزاز المفترض يدور حول مبلغ تداولته بعض الصحف يصل الى 587 مليار دولار، بما فيها 116.8 مليار بسندات الخزانة الأميركية الأمر الذي إذا ما تحقق ستكون له حتمية انهيار حكم آل سعود من باب المال والإقتصاد.
ربما لم يكن توجه الولايات المتحدة نحو نفط الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، وتوقيع الاتفاق النووي الإيراني مؤخراً من باب الصدفة أو حسن النية إنما مؤشراً آخراً كان يجب على أصحاب القرار السعودي أن يفهموه ويقرأوه جيداً وأن يتجنّبوا إنهيار العلاقة والتخلي الأميركي الحقيقي عن آل سعود في المنطقة. ولكن جحوظ عيون السياسيين السعوديين لم تكن إلا دلالة على وقوعهم في صدمة التخلي، التي كانت واضحة على وجوه القادة والمسؤولين من الأسرة الحاكمة، وما يؤكد غباءهم السياسي كان عدم إعدادهم أي خطط بديلة لتفادي الوقوع في المجهول، فالسعودية ترتبط ارتباطاً أيدلوجياً وإقتصادياً وحصرياً بالحليف الأوحد الأميركي. وما كان واضحا تخبط القرار السعودي الذي سقط في خطأين فظيعن، حين أقدم مستشارون ومقربون في الحكم السعودي على فتح باب العلاقات والتحالفات مع الكيان الصهيوني المكروه، في الشارعين العربي والإسلامي. وتحويل بوصلة العداء من المحتل الإسرائيلي إلى العدو الإيراني ظناً منهم أنّ اللوبي الصهيوني، قد يوقف القانون الذي صدر من جهة واستبدال الإسرائيلي بالحليف الأميركي من جهة أخرى، وهذا مؤشر جديد على الغباء السعودي السياسي، فجميع المضطلعين على الداخل الأميركي يعلمون أنّ هذه القوانين لا تقف خلفها الإدارة الأميركية إنما المؤسسة الأميركية، هي من صنعت هذا القرار والتي لا يستطيع أن يجابه قراراتها أكبر اللوبيات في أميركا.
إنّ ما جاء به الملك سلمان بعد تسلّمه العرش من حروب طاحنة في اليمن، والذي أدخل قواته مع تحالف عربي بشكل مباشر الى أرض المعركة وما حدث من سفك للدماء وتدمير للبنى التحتية أو بشكل غير مباشر كما فعلت في سورية قلب العروبة من تمويل وتسليح وتحريض بكلّ جنون أو حدود أو حسابات خلال سنوات خمس خلت من حرب لا إنسانية تحت وطأة الحقد القبلي للعقلية السعودية الطائفية، هذا التدخل والعداء لليمن وسورية والعراق لن يكون بنفس الوتيرة ضد الولايات المتحدة الأميركية في حال إنهيار التحالف وسيطرة العداء الذي بات يروّج له الجيش الالكتروني السعودي عبر السباب والشتائم التي إشتهر بها عرب الجزيرة عبر التاريخ. فالملك سليمان لن يتجرأ على إعلان المناورات والتحالفات ضدّ الحليف الأميركي السابق – من باب المقاضاة للولايات المتحدة ومواجهتها عسكرياً على ما اقترفته من قتل وتدمير وانغماس في الدم العربي الذي طال المنطقة العربية برمّتها.
السؤال هنا يا سادة… هل فعلاً ستذهب السعودية في المواجهة مع الأميركي إلى الحشد العربي والإسلامي ضدّها؟ أم إنها ستكتفي بالشتائم…؟