ريفي وزيراً أم مستقيلاً؟
روزانا رمّال
لم يكن وارداً عند مدير عام قوى الأمن الداخلي السابق اللواء أشرف ريفي ولا عند اللبنانيين، على حدّ سواء، التوقف عند اقتراح الرئيس سعد الحريري لتوزير ريفي في حكومة مشكلة كاد ينفرط عقدها قبل تشكيلها ألف مرة ومرة، وكان حزب الله حينها معنياً بتثبيت البلاد في أي هيكلية مؤسساتية قادرة أن تملأ الفراغ الذي لا يخدم تعنّته بانتقاء الوزراء والحقائب في شيء، بعد سلسلة تفجيرات طالت الضاحية الجنوبية لبيروت وبعد أن كان الحزب قد اتخذ قراراً حاسماً بعدم التنازل عن فكرة قتال الإرهاب إلى جانب الدولة السورية وعدم التساهل حيال مسألة إبعاد خطر التكفير عن العاصمة بيروت وغيرها بالتعاون مع الجيش السوري، فالدولة السورية بقيادة رئيسها بشار الأسد ضمانة رئيسية للحزب واستمرارتيه كفصيل مقاوم مسلح، طالما أن القضية الفلسطينية والصراع مع «إسرائيل» مفتوحان على مختلف الاحتمالات.
لم يكن وارداً أن يقبل حزب الله بتوزير اللواء أشرف ريفي حتى أن المشاورات حينها بين قوى الثامن من آذار تم الطلب خلالها إلى الحزب ألا يطرح أسماء «منفرة» أو «مستفزة»، خصوصاً أولئك الذين ترتبط أسماؤهم بمرحلة الوجود السوري في لبنان، فكان أن تدارك الحزب هذا الأمر وتجاوز هذا الخلاف الذي لم يفسد في الود قضية، فهدف حزب الله المشاركة في حكومة مع الآخرين بدل التعطيل. كل هذا يعني أن على حزب الله تقبل كل ما يُطرح من الجانب الآخر وهنا كان مستغرباً طرح اسم أشرف ريفي وزيراً للعدل الأمر الذي طرح لدى جمهور المقاومة أو 8 آذار ما يكفي من استفسارات حول دور ريفي في طرابلس وقد أدار المعركة الدولة السورية من المدينة ودعم بعض المتشددين الذين اعتبروا مسألة إسقاط الرئيس السوري من الشمال أو من أي مكان تفتح نافذة مشروعة تجاه ذلك فحازوا الدعم المطلوب.
قبل حزب الله، على مضض، بريفي وزيراً للعدل لكن جمهوره غضب وارتفعت، لأول مرة، أصوات منتقدة للحزب الذي أراد تسويق فكرة التعاون والمشاركة مع أسماء تعتبر قاعدة أساسية في الحزب أنها تسببت بدعم من يقاتلون أبناءها على الحدود وفي سورية، وإذا كان هذا الجو موجوداً فعلاً بين صفوف أنصار الحزب ومؤيديه فإن هذا يعني تحديه الملحوظ لرغبة جمهوره الغاضب وهذا كله تطلب شرحاً مفصلاً من الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله لأسباب قبوله بذلك، وكل هذا في إطار «حكومة الشراكة الوطنية».
دخل ريفي الحكومة تحت هذا العنوان وضمن هذا الإطار، وهو الإطار نفسه الذي أخرج تشكيلتها بتوقيع من حزب الله وتيار المستقبل والأفرقاء كافة وهو يعلم تماماً أن القوة اللبنانية المسلحة الأبرز التي تشارك في القتال في سورية والتي تعارض السياسة السعودية في العراق وسورية ولبنان، موجودة فيها، وهي تتوجه علناً لنقد ممارساتها استخبارياً وأمنياً هناك. لكن ريفي رضي بهذه المشاركة من دون أن يعتبرها خطيئة تضر بالمصلحة السعودية التي أصبحت فيما بعد أكثر أهمية من الموقف من المشاركة والتعالي على الجراح كما كان منذ التأسيس.
ليس مهماً اليوم معرفة من هو الذي اقترح ريفي وزيراً للعدل لكن غض النظر عن فرضيات معينة غير ممكن أيضاً، فالرئيس سعد الحريري، بحسب وزير الداخلية نهاد المشنوق زار دمشق بطلب من السعودية، مُتعالياً على إجراءات المحكمة الدولية ومتناسياً أهميتها بالمبدأ الذي حشدت لأجله 14 آذار. كما أن الحريري، بحسب المشنوق، قام بترشيح فرنجيه لرئاسة الجمهورية بطلب من السعودية ومن بعض الدول الغربية، وبذلك فإن هذا الأمر توضيح لمسألة أساسية تبرر حضور أسماء وخطوات ومواقف بعيدة عن اختيارات الحريري وتصدرها الواجهة. فالمشنوق يقول إن الحريري يتبع رغبات المملكة أو الخارج، أي أنه قادر على تسويق خطواته بعيداً عن المصلحة اللبنانية.
بالتالي فإن اختيار ريفي وزيراً يمكن وضعه ضمن هذه الفرضية وهي الفرضية التي تحكي بدورها مشهداً آخر.
اختيار ريفي وزيراً للعدل، أو مجرد توزيره، رفع اسمه إلى الواجهة بغض النظر عن الجهة التي سوقته كائنة من كانت، وجعل منه اسماً حاضراً وصدامياً في مسائل أساسية وسياسية عدة في البلاد، لكنه استقال بعدما تم الإفراج عن الوزير السابق ميشال سماحة اعتراضاً على حكم المحكمة العسكرية لكنه لم يعد إلى الوزارة بعد إعادة اعتقال سماحة، ليُضيف عدم رغبته بمشاركة حزب الله في الحكومة التي تضر بمصالح السعودية.
اليوم يتابع ريفي مع مدعي التمييز القاضي سمير حمود مسألة تفجير فردان وينسى أو يتناسى أنه استقال وأنه أعلن أنه لا ينوي العودة إلى الوزراة ويتجاهل معنى المتابعة مع «قاض»، كوزير عدل مستقيل، ودلالات تأثر القاضي بما لا يحمله مسؤولية الاستماع إلى نصائح ريفي، كوزير وصاية.
يترك ريفي الشراكة مع الحزب عند الرغبة السعودية بذلك دفاعاً عن مصلحة لم تكن موجودة عند تشكيل الحكومة بالنسبة إلى السعوديين.
وعليه، على أي أساس يتابع ريفي التحقيق ومن أي بوابة؟ وإذا كان الأمر يتعلق بحرص فإن هذا لا يعني مشروعية إظهاره في محطات أكثر حساسية مثل ربط الأمر بملف العقوبات المصرفية على حزب الله.