معركة حلب
حميدي العبدالله
ثمة اعتقاد سائد يقول إنّ الوضع في حلب لن يحسم، لأنّ دون ذلك ما يشبه الحرب العالمية، فالولايات المتحدة وحلفاؤها، ولا سيما تركيا والسعودية، لن يسمحوا للجيش السوري بالسيطرة الكاملة على مدينة حلب وريفها، لأنّ تحرير حلب يعني سقوط مخطط السيطرة على سورية أو اقتسام السلطة بين الدولة السورية وحلفائها وبين الولايات المتحدة وحلفائها على قاعدة الحلّ السياسي في جنيف، على غرار ما حدث في العراق وما يجري العمل من أجله في اليمن في حوارات الكويت. لكن في المقابل الرئيس بشار الأسد في خطاب افتتاح جلسات مجلس الشعب الجديد أكد أنّ حلب ستكون مقبرة لمشاريع أردوغان، والأمين العام لحزب الله السيد نصرالله أعلن أنّ معركة حلب هي معركة الدفاع عن كلّ سورية، عن دمشق وحماة وحمص واللاذقية، وهي دفاع عن لبنان وعن العراق، وحتى عن الأردن في مواجهة المدّ الإرهابي.
في ضوء ما بات يُعرف بالخطوط الحمر الأميركية في حلب، وفي ضوء تصميم سورية وحلفائها على الحسم في حلب، إلى ماذا ستؤول إليه المعركة التي بدأت الآن في أرياف المدينة وداخل أحيائها الشرقية؟
من الصعب إعطاء جواب نهائي وحاسم في ظلّ وضع يشبه الوضع القائم الآن في حلب.
لكن يمكن استشراف بعض المعالم التي من شأنها أن تمثل إجابة على السؤال المطروح، حتى وإنْ لم تكن إجابة قاطعة.
أولاً، لن تسلّم الدولة السورية وحلفاؤها بالخطوط الحمر الأميركية، لا في حلب ولا في غيرها، لأنّ القبول بخطوط حمر سيقود إلى تنازلات ستؤدّي إما إلى تقسيم سورية، وإما إلى تقاسم السلطة مع الأميركيين وحلفائهم، ولو كان مثل هذا الاستعداد موجوداً لما استمرت الحرب طيلة كلّ هذه السنوات.
ثانياً، الحرب المباشرة بين روسيا وسورية وإيران من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى غير متوقعة، على الأقلّ في ظلّ الإدارة الأميركية الحالية، وحسم الوضع في حلب سيتقرّر في غضون الأشهر المتبقية من إدارة الرئيس أوباما، طالما بدأت الآن المعركة في هذه المنطقة الاستراتيجية.
ثالثاً، المسار المرجح في هذه المعركة أن تتمّ السيطرة على محور الكاستيلو ويحكم الطوق على الأحياء الشرقية في مدينة حلب وتتمّ استعادة ما خسره الجيش وحلفاؤه في الريف الجنوبي لحلب، وعندها يمكن أن تتمّ العودة إلى تطبيق اتفاق وقف العمليات العدائية، كي يتمّ تجنّب الخيارات الكبرى التي يتفاداها الجميع ولا يريد الوصول إليها.