تقرير
صعّدت معظم الصحف الألمانية الصادرة أمس انتقاداتها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووصفت ملاحقة حكومته أعداداً كبيرة من المتورّطين في محاولة الانقلاب الفاشلة وعزلهم من وظائفهم بأنها مهزلة، وصنّفت أردوغان في مصاف أسوأ الحكّام المستبدّين.
واعتبرت صحف عدّة أن فشل تجربة حزب العدالة والتنمية يمثل أزمة كبيرة للديمقراطية تتجاوز تركيا إلى الدول الإسلامية، وتطرقت أخرى لإجراءات تعتزم النمسا المطالبة بتعميمها على الدول الأوروبية للتضييق على أنشطة مؤيدين لأردوغان فوق أراضيها.
وتحت عنوان «بضربة واحدة» قال راينهاردت موللر في صحيفة «فرانكفورتر» إن محاكمة جنرالات مشاركين في انقلاب بتهمة الخيانة العظمى أمر طبيعي لا يقتصر على تركيا، لكن إعفاء الرئيس أردوغان موظفين عموميين بالجملة فجأة، حتى لو كان ضمن إجراءات مواجهة محاولة انقلابية، يعتبر مهزلة في دولة قانون.
وأوضح موللر أن أي دولة من حقها إعفاء جنود جيشها أو شرطتها وقادتها التنفيذين المتورطين في انقلاب من الخدمة، غير أنه اعتبر أن عملية الطرد والملاحقة الجماعية لقضاة غير محببين لدى النظام يظهر عدم تفهم الرئيس التركي لمبدأ الفصل بين السلطات.
واعتبر الكاتب أن فصل آلاف الموظفين في وزارة التربية والمطالبة بإقالة 1500 من رؤساء الجامعات والمعاهد العليا يدلّ على عدم وجود علاقة لأردوغان مثله مثل أسوأ الدكتاتوريين بحرّية البحث العلمي.
وفي «ديرتاجس شبيغيل» تعرضت سوزانا غوستن لحملة الاعتقالات والإعفاءات الجارية في تركيا بعد فشل الانقلاب، واعتبرت أن الاستقطاب بين أنصار أردوغان ومعارضيه الذي ركّز حزب العدالة والتنمية على جعله محوراً للحملات الانتخابية في السنوات الماضية، قد تكرّس في الواقع بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وأيدت غوستن ما ذهب إليه مراقبون لتطورات تركيا اعتبروا أن أردوغان بدلاً من أن يقود المجتمع كله لتجاوز كابوس نهاية الأسبوع الماضي، أطلق بإجراءات الاعتقال والطرد الواسعة حملة انتقام ولم تصدر منه كلمة تصالح واحدة.
وأشارت إلى أن قيام جنود الجيش الذي حظي حتى وقت قريب باحترام بالغ بإطلاق الرصاص على المتظاهرين ودهس المحتجين ضد الانقلاب بالدبابات وقصفهم بالطائرات، أحدث صدمة مروعة لدى الأتراك استند إليها أردوغان في حشد أنصاره بالميادين كل ليلة.
ورأت الكاتبة أنه أصبح سهلاً في مثل هذه الأجواء اعتبار أي انتقاد لأردوغان وإجراءاته التالية لمحاولة الانقلاب الفاشلة خيانة عظمى، وخلصت إلى أن تحذير قيادات ونخب علمانية من خطورة تأسيس حزب العدالة والتنمية لحركة شعبية ذات توجه ديني بإشراك المساجد يمكن أن يتحقق في الواقع الجديد في تركيا.
وفي «ديرتاجس شبيغيل» أيضاً قال هيربرت فيتزيكا إن حدوث مشاحنة في مطعم كردي في العاصمة النمسوية خلال تظاهر آلاف الأتراك يومَي السبت والأحد الماضيين تنديداً بمحاولة الانقلاب الفاشلة في بلدهم، أزعج السلطات النمسوية التي عبّرت عن رفضها استغلال حرّية التظاهر بنقل النزاع الداخلي التركي إلى النمسا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة النمسوية استدعت ـ في تصرّف غير معتاد ـ السفير التركي للاستفسار منه عن إجراءات حكومته بعد فشل الانقلاب، وقالت إن النمسا تعتزم منع أي تظاهرات للأتراك من دون ترخيص، ومطالبة دول الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات مشدّدة تجاه ما وصفته بالدعاية الحكومية التركية ضدّ معارضي أردوغان.
وفي مقال بعنوان «ديمقراطية شكلية» تناولت سيلكا مارتينيز في صحيفة «دير تاجس تسايتونغ» التطورات الراهنة في تركيا بمقاربة مختلفة مشيرة إلى تطلع النشطاء الديمقراطيين العرب طويلاً للتجربة التركية باعتبارها مثالاً يحتذى.
وأضافت مارتينيز: لهذا السبب، إن فشل النظام الديمقراطي في الدولة الجسر بين الشرق والغرب يمثل مأساة لهذا البلد وأزمة للعالم الإسلامي.
وخلصت إلى أن الأزمة الراهنة على ضفاف البوسفور تعدّ تراجعاً محسوساً إلى الخلف يتجاوز تركيا إلى محيطها في دول الشرق الأوسط التي ستتحول في غياب الديمقراطية إلى كيانات مشلولة على غرار ما كان موجوداً في مصر وليبيا في عهدَي حسني مبارك ومعمّر القذافي.