خطوط العرض الأميركية.. وحدود التدخل الروسي
لؤي خليل
على أثير أصوات المعارك السورية دوماً تفاجئنا الولايات المتحدة الأميركية من أسفل الصفيح الساخن، بأنّ مناوراتها السياسية مقدّمة لحرب إرهابية جديدة، وبألوان الفولكلور الصهيوني التهريجي في أيّ مسرحية خيالية للأوهام العدوانية الإسرائيلية، بتخطيط عرضي جديد للأحلام التقسيمية.
فكلّ ما يحدث في المنطقة الشرقية من محاولات تقسيمية، عن طريق الزجّ بمكوّن جديد من مكونات الأزمة على خط المواجهة مع الدولة السورية، وتجرّؤهم على مؤسسات الدولة، خصوصاً بعد انهيار مقوّمات تأسيس دولتهم «الوهابية الداعشية» على أراضي الشمال الحلبي السوري، جميعها أوراق لعب بالنار ترمي بها واشنطن طاولة المفاوضات السياسية، بعد كلّ اجتماع مع وزير الخارجية الروسي، فالورقة الجديدة التي يلعبون بها في وجه الحلفاء وهي التقسيم بخطوط عرض عدة، مستغلين فورة «الأسايش» بعد معركة منبج، هذه الورقة هي من أخطر المراهنات الصهيونية في الأزمة السورية، لأنها تلعب على الوتر القومي والمذهبي الذي يجاري اللعبة الصهيونية منذ «وعد بلفور» المشؤوم.
ومعركة الحسكة التي يحاول الأميركي أن ينسف بها منجزات النصر الحلبي، للروسي، خصوصاً بعد فشل معركة الكليات في حلب في تحقيق أهدافها وحصار الجيش العربي السوري، ما هي إلا تذاك أميركي بإدارة صهيونية لإغراق الأزمة السورية في لعبة القوميات القذرة، التي طالما هدّدوا بها من قبل الأزمة السورية. واللعب «الإسرائيلي» الحالي على وتر التراجع التركي عن الإنخراط المباشر في المعارك السورية، ولو كان بحدوده الدنيا، ونسف التنسيق مع مجموعات التهريب «الداعشية»… كلها أوراق نار تهدّد وحدة وأمن المنطقة العربية ككلّ.
فدمج خطوط العرض شمالاً وجنوباً بين المذهب والقومية، أوراق عسكرية ستستخدم في وجه التنسيق الروسي الإيراني – التركي، وإنْ كان ضعيفاً في بداياته، إلا أنه سيغرق الأزمة والحلفاء في أكثر من حرب على الأرض السورية.
جميع هذه الخطوط تصوغها غرف مخابرات الغرب مع الخليج المتصهين، لهدم ركائز وبنيان أيّ دولة عربية خدمة للوجود الصهيوني بوجه حلف المقاومة وإيران وروسيا. لكن جميع هذه الخطوط، وإنْ ظنّ الإميركي أنه لاعبها الأساسي، إلا أنها لا تزال ضمن حدود القيادة الروسية، فجميع محاولات العبث هذه، يبدو أنها كانت ضمن تضاريس القادة في سورية وروسيا، وتحت مجهر الحلفاء فمعركة المصير الواحد التي أخذت على عاتق هذه الدول، ستجعل تضاريس العمليات أوسع وأهداف القاذفات الروسية، وأيضاً مطارات استقبالها، أقرب إلى تلك الخطوط سواء «الأسايش» أو «أيّ قوات خاصة أجنبية»، وستلي ذلك قاذفات ربما إيرانية، فدائماً يفاجئ الحلفاء غرف تآمر الغرب بعمليات نوعية ضدّ مراكز ومقرات تآمر الاميركيين. وكلّ خط يرسمه الاميركي توازيه حدود تدخّل جديد وأقوى مخطط ومنفذ بدقة القيصر الروسي، فما سطر مؤخراً من ضرب مقرات «الدواعش» في دير الزور، من مطارات إيران، ليس إلا رسالة واضحة بأنّ خطوط عرضكم التآمري تحت مرمى قاذفاتنا، التي لا حدود لها سوى ما يرسمه أمر العمليات المشترك للقيادة المقاومة.
ويبدو أنّ الخسائر الهستيرية للأميركيين وعملائهم وخبراء التآمر الوهابي الصهيوني، لم تعد تحمل على الأرض، خصوصا بعد الضربة الروسية في البوكمال، والضربة الأخيرة التي اعترف بها «البنتاغون» ضدّ مقرات ما يسمّونها تدريب القوى الديمقراطية، يبدو أنّ هذه المراكز ليست سوى مقرات تفريخ لـ»الوهابيين» بمسمّيات شتى، وحسب مجال الاستخدام الاستخباراتي. لكن الصيغة التي يرسم خطوطها الأميركي لا تحمل أيّ طابع قابل للحياة بسبب سوء الضبط والاتجاه، خصوصاً أنّ البوصلة السورية والإيرانية، التي رسمت حدود المقاومين، لن تقبل بأيّ تحجيم خارج سيطرة الدولة السورية، وسيحدّد إتجاهاتها الحليف الروسي الذي لن يخطئ أهداف بوارجه وقاذفاته من البحر الأسود إلى قزوين وبالعكس. ومهما اشتدّت النار في بعض خطوط التآمر على الأرض السورية، ستكون هناك نار تطفيها وأشدّ إطفاء لمحركيها وأدواتهم «الوهابية»، فلا «الأسايش» ولا «الدواعش» ولا ايّ مكوّن يتآمر على أرض هذا البلد سيُسمح له بتقسيمها تحت أيّ مسمّى، لأنّ هناك حراس حدود من السماء وقلوب قادة يحكمها الإصرار على نصر هذه الأرض لأنها في قلب السماء.