عن التفاهم الأميركي ـ الروسي
حميدي العبدالله
في كلّ مرة يُعقد فيها اجتماع بين مسؤولين روس ونظرائهم الأميركيين، تنطلق موجه من التفاؤل مستندة إلى تسريبات، في غالب الأحيان هي تسريبات يقف وراءها أحد الطرفين كبالون اختبار لقياس ردّ فعل الطرف الآخر.
بعد اللقاء الأخير بين وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري، أدلى مسؤول أميركي لم يكشف عن هويته بمعلومات عن نتائج الاجتماع لقناة Nbc الأميركية تحدث فيها عن التوصل إلى اتفاق مع الروس، ومن خلال مراجعة بنود هذا الاتفاق المزعوم يتضح أنها تعبّر عن رؤية واشنطن الخاصة لأيّ تفاهم مع موسكو حول الأوضاع في سورية.
بعد أيام قليلة نشرت وكالة «أنترفاكس» الروسية معلومات عن اتفاق أميركي روسي ومن خلال الاطلاع على الاتفاق المزعوم يتضح أنه يعبّر عن رؤية روسيا لكيفية الحلّ في سورية وليس عن اتفاق وجهتي النظر الأميركية – الروسية.
بعد مرور أقلّ من 24 ساعة على ما نقلته وكالة «أنترفاكس»، الذي نفت موسكو صحة أخبارها، صدرت مواقف رسمية من الطرفين تشير إلى تباعد موقفهما، وأنهما ليسا بصدد التوصل إلى أيّ اتفاق، بل عبّرت تصريحات البيت الأبيض، والتصريحات الروسية عن اتهام متبادل بتعطيل الحلّ في سورية، إضافة إلى تبادل التحذيرات.
يمكن القول إنّ مسار الحوار الروسي الأميركي حول سورية كان على هذا النحو منذ حزيران عام 2012 عندما توصل البلدان إلى ما بات يُعرف بتفاهمات «جنيف 1»، والأرجح أنّ هذا المسار سوف يستمرّ ما استمرّت الأزمة السورية، إلا إذا حدثت تحوّلات ميدانية تقلب موازين القوى جذرياً لمصلحة أحد الطرفين.
ليست المشكلة هنا، المشكلة أنه على الرغم من طول التجربة، إلا أنّ كثير من الجهات لا تزال تعوّل كثيراً على الحوار الأميركي الروسي، ولا تزال ترى أنّ كلّ اجتماع يعقد بين البلدين يشكل خطوة باتجاه حلّ الأزمة، وتجاهل نتائج حوالي خمس سنوات من اللقاءات، بعضها عقدت عندما كانت العلاقات الروسية الأميركية أقلّ توتراً، وبعضها الآخر بعد تصاعد التوتر بين البلدين، ولا سيما بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، وتوسع نشر الدرع الصاروخية في مناطق تعتبرها روسيا جزءاً لا يتجزأ من مجالها الحيوي، الذي يجب أن يحيد، إذا لم يكن منطقة نفوذ روسي خالصة.