محمد جلال شيخو: الصورة الفوتوغرافية أداة توثيق فنية وشاهد على العصر
عرض المصوّر محمد جلال شيخو نحو اثنتين وتسعين لوحة فوتوغرافية في المعرض الذي استضافته التكية السليمانية لمناسبة اليوم العالمي للمساجد، وبين اللوحات صور لمساجد دمشق وأضرحة أهل البيت ومقاماتهم.
تركّز فوتوغرافيات شيخو على تفاصيل الزخرفة الإسلامية والخط العربي في مساجد دمشق ومحاريبها وعماراتها، وأضرحة أهل البيت ومقاماتهم ومزاراتهم، ومقام صلاح الدين الأيوبي وقبر العلامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي، إلى فوتوغرافيتين بانوراميتين لمدينة دمشق والمسجد الأموي.
يقول الفنان شيخو: «إن اللوحات التي قدمتها في هذا المعرض أُنجزت في البداية بدافع شخصي إذ بدأت منذ فترة بالتقاط الصور للمساجد والأضرحة والمقامات وما تحويه من زخارف وجمال معماري، لإظهار جمالها وتقديم صورة توثيقية لهذا الفن الإسلامي المميز وتوثيقه وحفظه من العبث والتدمير اللذين طالا الكثير من المساجد والمقامات في عدة مدن سورية على يد الإرهاب الظلامي. هذه اللوحات المصورة تنمّي الذائقة البصرية والفنية لدى المشاهد، وهي موجهة إلى الجمهور المحلي، ويمكن أن تكون نموذجاً للفن لدينا في دول العالم كله. وأهمية هذا المعرض تكمن في تقديم الغنى الفني المعماري والهندسي في المساجد والزخارف الإسلامية التي تزين الجدران والأسقف والمحاريب والأبواب، إلى جانب الخط العربي الذي كان له نصيب في إضافة لمسات الجمال والأبهة في المساجد والأضرحة والمقامات. المعرض موجه إلى المهندسين والمعماريين والفنانين من مزخرفين وخطاطين ومصورين للإفادة منه كحالة توثيقية. وله دور في الإرتقاء بالمشاهد نحو عالم السحر والجمال حيث الساكن والمتحرك. هذه الصور تعرف بأهمية تراثنا وأهميته».
حول وضع فن التصوير في سورية يوضح شيخو، المدرّس في معهد الفنون التطبيقية، أن ثمة أسماء قدمت مستوى جيداً في فن التصوير مثل المصور الراحل مروان مسلماني وقتيبة الشهابي ومحمد الرومي وسواهم من الذين قدموا اللوحة الفوتوغرافية المميزة التي تحمل هويتنا المحلية، مبيناً أن معظم مصوري الجيل الحالي متأثرون بالفن الغربي، رغم غنى تراثنا وتنوعه، فهم يسعون إلى الشهرة لشهرة السريعة من دون صبر وجلد. ويشير إلى ضرورة تقديم الدعم المادي والمعنوي لفن التصوير الفوتوغرافي، للارتقاء به، فهو فن قائم بذاته ويقف إلى جانب الفن التشكيلي ويدرّس أكاديمياً في معهد الفنون التطبيقية لمدة عامين، ما ينتج مصوّرين فنانين يتحلون بالمعرفة الأكاديمية وذوي قدرة على تقديم لوحة مصورة مميزة.
يقول شيخو إن كل ما فيه جمال يأسره ويشده إلى تصويره، خاصة الحالات الإنسانية التي لها وقع وتأثير حسي ومعنوي في المشاهد، إلى جانب الطبيعة وتنوعها، مثل حياة البراري وتفاصيلها الكثيرة. وللرياضة وتصوير الماكرو مرتباً لديه ويحاول التقاط الصورة التقوية بجميع مفرداتها التقنية والفنية وتُعالج على نحو بسيط جداً.
يلفت شيخو إلى أنه تلقّن التصوير بالتقنية الكلاسيكية وبالأبيض والأسود، لذا يعتمد على اللقطة الأساس، في حين أن معظم مصوري اليوم يعتمدون على تصحيح صورهم ببرامج معالجة الصور على الكمبيوتر، ما يبعد الصورة عن الحالة التوثيقية الواقعية الصادقة.
يضيف: «لست ضد التقنيات الحديثة ومعالجة الصور، لكني أفضل التعامل معها على نحو منطقي، من دون مبالغة مع المحافظة على الجانب الغني وجوهر العمل بأسلوب واقعي ولمسات جمالية».
ويؤكد شيخو، وهو أيضاً خطاط وذو تجربة في تدريس الخط العربي، أن فن التصوير تطور مع وجود تقنيات حديثة ضمن كاميرات التصوير الرقمية المتطوّرة والأداء والمعالجة باتا أسرع، ما سهل العمل وسرّع الحصول على النتائج في وقت قصير. وحول المردود المادي للمصوّر يرى أن المصور الموهوب والمميز يستطيع تحقيق مردود مادي جيد، وهذا يستلزم قدرة مميزة وخبرة كبيرة لتقديم صورة فنية ذات قيمة، أو يضطر المصوّر إلى مزاولة عمل آخر يدر عليه دخلاً يعيله.
وينصح المصورين الشبّان بزيادة قراءتهم وثقافتهم ومحاولة التجريب والاطلاع على المدارس الفنية لتنمية ملكاتهم ورفد أحاسيسهم بالمعرفة، للوصول إلى اللوحة الفوتوغرافية المنجزة نتيجة خبرة وعلم وفن. ويعتبر أن الحياة تكتسب معناها الجميل من خلال الإبصار، فهو المحرض لفن التصوير. لذا يجب أن تكون الصورة شاهداً على هذا العصر وأداة لتوثيقه.
محمد جلال شيخو من مواليد القنيطرة عام 1962 درس الخط العربي على كراريس كبار الخطاطين وعمل مدرّساً للخط العربي وفن تقنيات التصوير في كل من معهد الآثار والمتاحف ومعهد الفنون التطبيقية. عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين، له مشاركات عديدة في لجان تحكيم فنية وورش عمل. أقام وشارك في الكثير من المعارض داخل سورية وخارجها، وهو عضو في عدة أندية وجمعيات فنية محلية وعربية ودولية ويحمل شهادات تقدير من وزارة الثقافة.