مناظرة أولى.. تهريج هوليوودي
نظام مارديني
انتهت المناظرة الأولى بين المرشحين الرئاسيين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، وهي كانت مختلفة عن تلك المناظرات الرئاسية كلها. إذ شكلت سابقة تاريخية من حيث مشاركة امرأة للمرة الأولى في المناظرات الرئاسية منذ بدء تنظيمها في 1960. وقد وصلت مراكز كلا المرشحين إلى مرحلة ما يُسمّى «Dead Hit»، وتعني تقارب مراكز المتنافسين في السباق بصورة تجعل تحديد الفائز أمراً صعباً. وستكون هناك مناظرتان أخريان في 9 و19 تشرين الأول المقبل.
وأنت تتابع هذه المناظرة، وعناوينها الإيرانية، والإرهاب، والاقتصاد الأميركي والوضع في «الشرق الأوسط».. وما كتب عنها في الصحافة الأميركية لا بدّ أن تتساءل عن أي فلسفة، بل أي استراتيجيا، بل أي ايديولوجيا تحكم العقل الأميركي؟
ووفق عملية «Spinning» وهي أولى مراحل تقييم كلا المرشحين على ضوء الإجابات، أظهرت نتائج أولية تقدّم كلينتون على ترامب بواقع 2 . وبحسب نورم إيسن من «معهد بروكينغ» فإن كلينتون حققت نجاحاً مقارنة بترامب، وكسبت تعاطف الشارع العام معها. في حين نشرت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» تقييماً لكلا المناظرين، قائلة إن كلينتون نجحت في جوانب معينة ولكن ترامب نجح في جوانب أخرى. بيد أن الأمر متروك للناخب الأميركي.
ريجيس دوبريه الذي قاتل الأميركيين الى جانب الثائر تشي غيفارا في غابات بوليفيا يرى أن ترامب ليس أكثر من مهرج، بل وغوغائي، وقد يكون ضحلاً.. ولكن هل تعدنا كلينتون التي ترى شبح مونيكا لوينسكي في جدران البيت الأبيض، بغير التوماهوك لإقفال الأزمة في سورية أو في العراق أو في اليمن؟
وكالة الاستخبارات المركزية التي اخترعت حركة «طالبان» بالملابس البيضاء تدليلاً على النقاء الايديولوجي من أجل حماية انابيب الغاز الممتدة من تركمانستان الى شمال افغانستان، ومنها الى بلوشستان فالمحيط الهندي.. ها هي توظف الراديكالية المحمدية في خدمة الأنابيب، أو في خدمة الذبح، أو في إثارة الاضطرابات الداخلية لتبقى الأنظمة في قبضة الأجهزة الأميركية… ولطالما تحدّث بابلو نيرودا عن «تلك الاميركا التي تقتل البريق الذي في عيوننا؟».
الواضح في خبرة كلينتون في السياسة الدولية أنها تتغلب على خصمها الجمهوري ترامب الذي قال فيه أحدهم.. «على الأقل يعلم ما هو لون الألبسة الداخلية التي تفضلها ناعومي كامبل»، ولكنه لم يقل لنا إنه يعرف قياس ساقَيْ.. نجوى فؤاد!
المؤرخ الانكليزي ارنولد توينبي دعا، منذ نهاية الاربعينيات من القرن الماضي، الى خروج الولايات المتحدة من «مهرجان الجماجم» الذي بدأ مع ابادة الهنود الحمر ليصل الى الذروة مع قنبلة هيروشيما.. هذه الدعوة جاءت بعد مقالة عالم الاجتماع أنطون سعاده الشهيرة بسنوات 1924 عن «سقوط الولايات المتحدة في عالم الإنسانية الأدبي»، بعد موافقتها على استعمار فرنسا لسورية الطبيعية.
الذي سيأتي بعد أوباما لا يستطيع إلا أن يستكمل ما صنعه السلف إذا كان التاريخ يريد، فعلاً، استمرار رقصة الفالس مع… المجانين!