مأزق أميركي.. ازدحام في حلب!
نظام مارديني
بالتزامن مع الذكرى الأولى على بدء التدخل العسكري الروسي المباشر في الأزمة السورية، والتي أرادت منها موسكو إطلاق رسائل عديدة، إلى أكثر من دولة غربية وخليجية، بأن روسيا لن تغادر سورية اياً كان الثمن.
بالتزامن مع هذه الذكرى، نفهم أن تطهير حلب الشرقية من مسلحي «النصرة» وشقيقاتها وأشقائها يفترض أن يحصل قبل 8 تشرين الثاني، يوم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وبإعادة حلب بكاملها الى احضان الدولة السورية يكتمل عقد المدن الكبرى «دمشق، حلب، حمص، حماه، اللاذقية». وقد جاءت غارة دير الزور العدوانية على مواقع الجيش السوري لتكشف أن واشنطن لن تستغني من خلال تعاونها مع «داعش» عن وضع الخطوط الحمراء أمام محاولة التقدّم السوري في الميدان.
الروس مقتنعون، وبعد عام من التدخل العسكري المباشر، بأن المسار المنطقي لخارطة العلاقات في المنطقة يقتضي الحفاظ على الدولة السورية الواحدة. فالبلد دفع ثمناً باهظاً في صراع يُراد أن يختلط فيه على نحو عشوائي، ومدمّر، اللاهوتي مع التاريخي، وموسكو عبر تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اكدت انها لن تسمح بسقوط دمشق، وهي ستدعم وحلفاءها الجيش السوري في معركته ضد الارهاب.. هل نتذكر قول أوبير فيدرين وزير خارجية فرنسي سابق عن بوتين «لا تراهنوا على انكساره في سورية. إنه… جبل الجليد»!
الآن، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعجب بشخصية نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، هو نجم المرحلة ومنذ بدء العدوان على سورية، استطاع أن يستقطب الأطراف، الأميركيون يخشونه.. والأتراك حذروا منه «لانه يجرّنا الى حيث يقف هو، لا العكس».
وزير خارجية دولة خليجية قال لنظيره الروسي ما معناه إننا ندرك ما هي المفاعيل الجيوسياسية لتحرككم في سورية، ونحن مع مساعيكم الديبلوماسية وحتى مع مساعي إيران لوضع حد للتراجيديا السورية، لكن أميركا تضغط علينا، بل وتهدّدنا بالرغم من التحالف الاستراتيجي بيننا وبينها!
الأهم ان التدخل الروسي المباشر منذ سنة كشف وعلى نحو فاضح أزمة الزعامة الأميركية للعالم.. وها هو بوتين يلعب او يلاعب نقاط الضعف الأميركية، من الشرق الأقصى الى الشرق الأوسط..
لم تستطع الولايات المتحدة الصبر طويلاً في كبح شهوة عرقلة انتصارات الجيش السوري في ريف حلب الشرقي وتهديد روسيا بإمكانية وصول الارهابيين إلى شوارع موسكو. واذا كانت صدمة انتصارات الجيش السوري كشفت حجم المأزق الذي تعيشه الادارة الاميركية وحلفاؤها، فهي من جهة أخرى تكشف حجم التقدم الروسي في كشف وكبح المقامرة الغربية ما استدعى هذا الجنون الاميركي.
هذا الازدحام العسكري في حلب، يشير إلى أهمية المعركة التي يخوضها الجيش السوري وحلفاؤه، من خلال التصميم على تحقيق ميداني حاسم فيها، في مقابل محاولة القوى الارهابية وداعميها تحقيق «نصر» ما ولو هزيل يحفظ لهم ماء وجههم، إن بقي هناك من حياء عندهم.
هؤلاء هم «ثوار نصرة» الناتو في سورية بل فصيلهم «المعتدل» الذي تدعمه أميركا علناً وتقف وراءه تركيا دون حياء أو خجل، وتصرخ مملكة آل سعود لنصرته ويصطف وراءه كل أدعياء العلمانية والديمقراطية ويسار أميركا وزاعمي الدفاع عن حقوق الانسان والمتباكين على ضحايا «النظام السوري» الأبرياء جداً.