برلين: لا حلَّ للأزمة السورية من دون مشاركة روسيَّة بنَّاءة

صادق مجلس النواب الروسي الدوما ، أمس، بأغلبية 446 صوتا على الاتفاق بين موسكو ودمشق، حول نشر وحدات من القوات الجوية الفضائية الروسية، على أراضي سورية، لأجل غير مسمى.

وينظم الاتفاق الروسي – السوري شروط الوجود غير المحدد أمده، لمجموعة القوات الجوية الفضائية الروسية، المنتشرة في مطار قاعدة حميميم، الذي تسمح السلطات السورية لروسيا باستخدام كامل بنيته التحتية وأراضيه، بالتنسيق مع الجانب السوري، من دون مقابل.

جاء ذلك، في وقت كشفت فيه وزارة الدفاع الروسية عن تلقيها خريطة أميركية، تظهر انتشار تنظيم «جبهة النصرة» على الاراضي السورية. مشيرة، إلى أن الخريطة لا تفصل بين المعتدلين والارهابيين.

وقال نائب وزير الدفاع الروسي، أناتولي أنطونوف، إن القائمة الأميركية التي تلقتها موسكو، تتضمن ثمانية فصائل تقاتل الى جانب «النصرة» وفصيلين يقاتلان الى جانب «داعش». لافتا، أن الولايات المتحدة لم تتمكن من التوصل إلى وقف لإطلاق النار، إلا من قبل فصائل المعارضة «المعتدلة». وقال: تمكنوا من التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع جزء من فصائل ما يسمى المعارضة «المعتدلة»، بينما واصلت أكثر من 100 عصابة أعمال القتال النشيطة.

وكشف الجنرال الروسي، أيضاً، أنه تم تصفية حوالى 35 ألف إرهابي خلال العمليات المشتركة للطيران الروسي والجيش السوري، خلال الفترة ما بين 27 شباط و1 أيلول، منهم 2700 إرهابي من روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة. إضافة لتحرير 586 مركز سكني، بمساحة 12.360كلم مربعا.

وأكد أن ما يسمى «المعارضة المعتدلة»، التي تحظى بتأييد واشنطن، استغلت فترة الهدنة لإعادة تجميع قواتها على الأرض وإعادة تسليح نفسها، ما أدى لاستعادة المسلحين قدراتهم القتالية وقاموا بتنفيذ هجمات مجدداً على مواقع الجيش السوري، أسفرت عن استشهاد 3500 جندي سوري.

في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن موسكو مستعدة لدعوة دمشق للموافقة على خروج مسلحي «النصرة» من حلب مع أسلحتهم. وأضاف: إنني سمعت تصريحات دي ميستورا وفهمت أنها تتعلق بتنظيم «النصرة» فقط. وإذا خرج مسلحو «النصرة» مع أسلحتهم باتجاه إدلب، حيث تتمركز قوات التنظيم الأساسية، فنحن مستعدون لدعم هذا الحل من أجل إنقاذ حلب. وسنكون مستعدين لدعوة الحكومة السورية لقبول ذلك.

وأكد أن المسلحين، الذين سيبقون في أحياء حلب الشرقية، بعد انسحاب «النصرة»، يجب أن ينفصلوا عن «النصرة» نهائيا. مشدداً على ضرورة تسجيل هذا الالتزام على الورق. وقال: إذا أراد هؤلاء الخروج مع أسلحتهم، فليذهبوا ولن تكون هناك أي أسئلة. لكن إن أرادوا البقاء في هذه المدينة، فيجب علينا عقد اتفاق منفصل حول هذه المسألة. معتبراً أن ذلك قد يتيح لقوات حفظ النظام التابعة لوزارة الداخلية السورية وللمعارضين المسلحين، تشكيل هيئات مشتركة لحفظ النظام، لكي يشعر السكان المحليون بالأمان.

وأعاد الوزير الروسي إلى الأذهان، أنه، حسب بيانات الأمم المتحدة، يوجد في حلب ما بين 6 و8 آلاف مسلح معارض. وحسب التقييمات المختلفة، منها تقييمات قدمها دي ميستورا نفسه، في مجلس الأمن، ينتمي نحو نصف هؤلاء لـ«جبهة النصرة».

واعتبر أن أفكار دي ميستورا حول خروج «النصرة» من المدينة، قد تشكل قاعدة للقرار الدولي الجديد حول سورية. لكنه أضاف: إن «الشيطان يكمن في التفاصيل. أفكار دي ميستورا، تأتي في الاتجاه الصحيح، لكن تظهر هناك مباشرة أسئلة معينة، يجب تسويتها بأقصى درجات الوضوح. وإذا نجحت هذه الجهود ونحن مستعدون للعمل بسرعة، فأعتقد أن هذه الأفكار قد تمثل نواة قرار مجلس الأمن الدولي، حول كيفية معالجة الوضع في حلب».

و شدد لافروف على أن خروج المسلحين من بلدات ومدن سورية، لا صلة له بالتهجير القسري. ودحض، في هذا الخصوص، الانتقادات التي وجهها بعض المسؤولين في الأمم المتحدة وبينهم ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية. وكشف أن هناك مفاوضات جارية حول خروج المسلحين من مدينة أخرى، بريف دمشق، بعد نجاح عملية خروج المسحلين من داريا.

وبشأن المشروع الفرنسي المقدم في مجلس الأمن الدولي، قال لافروف: إن روسيا مستعدة للعمل في هذا الاتجاه، لكن ليس من أجل مجرد تبني أي قرار. محذراً من فقدان المبادئ والآليات التي نسقها الروس والأميركيون والتي اتفق عليها أعضاء مجموعة دعم سورية والمجتمع الدولي. وقال: أعتقد أننا سنرتكب خطأ هائلاً إن وضعنا هذه الآليات جانبا وانتقلنا لتبني نصوص مليئة بالعواطف والدعوات إلى الرأفة تجاه سكان حلب، بالإضافة إلى المطالبة بالوقف الفوري للقتال، من دون إجراء أي دراسات. وهو أمر سيستغله تنظيم النصرة فورا.

وأعرب عن أمله في أن يأخذ الفرنسيون بالتعديلات التي اقترحتها روسيا بهذا الشأن، على مشروعهم. مشدداً على أنه بلا هذه العناصر وبلا الفصل بين المعارضة والإرهابيين، لا يمكن للقرار الجديد أن يساهم في تسوية الأزمة السورية.

في السياق نفسه، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، إن مشروع القرار الفرنسي حول سورية، يتضمن عددا من المواقف غير المقبولة لروسيا، إضافة إلى أنه يسيس الجانب الإنساني بقدر كبير.

وقال غاتيلوف، إن روسيا أعدت مجموعة من التعديلات على المشروع وهي مستعدة للعمل بالوثيقة، في حال أصبحت متوازنة. مشيرا، في الوقت نفسه، إلى أن الجانب الفرنسي لم يؤكد لروسيا أنه سيأخذ مقترحات موسكو بعين الاعتبار. مؤكداً أن الوثيقة، بصيغتها الراهنة، تهدف إلى ممارسة مزيد من الضغط على الحكومة السورية وبالتالي، على موسكو.

إلى ذلك، أفادت الخارجية الروسية، بأن الوزير لافروف ونظيره الألماني فرانك شتاينماير، أكدا خلال اتصال هاتفي، الجمعة، استعداد الجانبين لبحث اقتراحات الأمم المتحدة حول حلب.

وقال مصدر في الخارجية: «تبادل الوزيران الآراء بشأن قضايا التسوية السورية»، وأكد الجانب الروسي، خلال المكالمة، ضرورة القضاء، بالكامل، على الخطر الإرهابي في الأراضي السورية وبذل جهود بالتوازي مع ذلك، لتعزيز الهدنة ومعالجة القضايا الإنسانية وتحريك التسوية السياسية للأزمة السورية.

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية، مارتين شيفر، إن برلين متفقة مع شركائها: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، على أن إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، غير ممكن من دون مشاركة روسيا بشكل بناء في هذه العملية. وبالأدق، من دون مشاركة روسية بناءة نرغب فيها، بحسب تعبيره.

وأكد أنه ينبغي الفصل بين القضيتين السورية والأوكرانية. مشيراً إلى أن اقتراح الوزير شتاينماير حول تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا، تدريجيا، بالتوازي مع تنفيذ اتفاقات مينسك، الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية، لا يزال قائما.

ومن جانبه، أكد المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفين زايبرت، أن برلين تدرس «كل الاختيارات» بشأن «إعادة الوضع في سورية إلى مجراه الطبيعي». وذلك تعليقاً على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة الألمانية تدرس مسألة فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، بسبب الوضع في سورية. وقال: نعمل على استئناف الهدنة في سورية، التي لا يمكن من دونها العودة إلى العملية السياسية. مضيفاً: إن روسيا وإيران تتحملان «مسؤولية خاصة» بشأن وقف العنف في سورية.

بالمقابل، شدد المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي، على غياب أي بديل عن الدبلوماسية والحوار، لحل الأزمة السورية، في رد منه على تصريحات نظيره الأميركي جون كيربي، التي لم يستبعد فيها اللجوء إلى الخيارات «غير الدبلوماسية» لتسوية الأزمة.

وقال قاسمي: ست سنوات من الحرب ومقتل المدنيين الأبرياء والعزل وتدمير البنى التحتية بأكملها وتشريد أعداد هائلة من المواطنين السوريين، هو ما يبرهن، مرة أخرى، على عقم اللجوء إلى العنف وسفك الدماء وزرع ورعرعة الإرهاب.

وحث المتحدث الإيراني، جميع الاطراف المعنية داخل سورية وخارجها، خصوصا الدول من خارج المنطقة، على تركيز جهودها على بحث الحلول السلمية للأزمة التي تعاني منها سورية، لا سيما في ما يتعلق بإطلاق الحوار السوري – السوري.

ميدانياً، سيطر الجيش السوري على تلة الشيخ سعيد الإستراتيجية، المطلة على حي العامرية وحي السكري شمال معمل الأسمنت، في مدينة حلب، ما يمكنه من إسقاط كل أهداف المسلحين الثابتة والمتحركة، التي كانت تقطع طريق المطار الدولي، بسبب ارتفاعها وإشرافها. وهي تمهد لتقدم القوات البرية وكسب مناطق جديدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى