مرهج: الهدف من استبعاد سورية هو استمرار الإرهاب وواشنطن تريد احتواءه وليس القضاء عليه

حاورته روزانا رمّال

رأى الوزير السابق بشارة مرهج «أنّ الهدف الأساسي للحلف الذي تدعو إليه واشنطن بقيادة وزير خارجيتها جون كيري هو احتواء الإرهاب والتعامل معه كوجود قائم وليس مواجهته في شكل جذري».

واستغرب مرهج استبعاد سورية وإيران وروسيا «والتي لها حضور حقيقي في المنطقة وقادر على مواجهة الإرهاب»، معتبراً أنّ الهدف من «استبعادها هو أن يستمر الإرهاب». وشدّد على «أنّ تركيا محرجة جداً في مشاركتها في الحلف لأنها المدخل الأساسي لتسرب هذه القوى المتطرفة والمتشدّدة إلى سورية».

وإذ أكد مرهج ضرورة «مدّ جسور التفاهم مع سورية وإيران»، استبعد: «أن يجدوا بديلاً عن سورية التي هي أساس ومركز المنطقة»، مؤكداً: «أنّ واشنطن تريد إطالة أمد الصراع في سورية لكي تستنفذ القوى المتحالفة معها أي روسيا وإيران وإضعاف الدولة والكيان في سورية». وأوضح: «أنّ أميركا تريد من المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب تحويل بعض الدول التي تشعر بخطر إلى مصدر تمويل لعمليات محتملة»، مشككاً بأهداف المؤتمر، وقال: «البداية عرجاء والأهداف ملتبسة والمسار يثير الشكوك والعلامة الأساسية لجدية هذا التحالف هي التواصل مع سورية وإيران وموسكو وبكين».

وتطرق مرهج إلى الملف اللبناني، حيث أعرب عن تأييده «التفاوض لاسترجاع المخطوفين لكن مع الحفاظ على السيادة، لأنّ الرضوخ لمطالب الإرهابيين هو نهاية المؤسسات في لبنان».

وانتقد مرهج سياسة الرئيس سليمان وانحيازه إلى فريق 14 آذار والسماح بتحويل لبنان مقراً وممراً للاعتداء على سورية، قائلاً: «لو طبقت الحكومة والرئيس سليمان حينها سياسة النأي بالنفس في شكل جيد لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه».

وشدّد مرهج على «أنّ الطائف يلزم الحكومة اللبنانية بالحفاظ على أمن الجار، بأن لا يكون لبنان مقراً أو ممراً لأي خطر».

وأيد مرهج وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، معتبراً أنه «يملك قوة شعبية ونيابية كبيرة وقدرة على التواصل مع جميع القوى ومن مصلحة اللبنانيين في الوقت الحاضر انتخابه».

استبعاد سورية لاستمرار الإرهاب

وأشار الوزير مرهج في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» إلى «أنّ الحوار مقطوع اليوم بالنسبة الى القضية السورية وبعد مؤتمر جنيف وإصرار الغرب على تغيير النظام وإسقاط الرئيس بشار الأسد واستمرار التمويل للمجموعات الإرهابية ورفض مكافحة الإرهاب انهار مؤتمر جنيف، وبقي كل طرف على موقفه ما أدى إلى انتشار رقعة الفوضى في بلادنا وتكاثر عدد المسلحين المتطرفين». وقال: «لقد طرحت سورية حينها أهمية محاربة الإرهاب في المنطقة ككل وفكرة التحالف الدولي ولم يلق اقتراحها صدى لدى عواصم العالم التي لديها أجندة أخرى»، معتبراً: «أنّ التحالف الذي تدعو إليه واشنطن بقيادة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يحضر ويعقد المؤتمرات هدفه الأساسي كما يقولون مواجهة الإرهاب أو احتواء الإرهاب والتعامل معه كوجود قائم وليس مواجهته بشكل جذري، وفي الوقت نفسه فإنّ هذه الحركة تستبعد سورية وإيران وروسيا، تلك الدول التي لها حضور حقيقي في المنطقة وقادرة على مواجهة الإرهاب، وذلك لكي يستمر الإرهاب».

وأضاف مرهج: «إنّ واشطن حتى هذه اللحظة وبالتفاهم مع «إسرائيل» وبعض القوى ربما لا تريد اقتلاع الإرهاب من المنطقة وربما تريد احتواءه واستخدامه في سياسات محلية إقليمية ودولية وتوجيهه بطريقة تخدم مصالح واشطن وحلفائها».

تركيا واستنزاف سورية

وحول الموقف التركي من هذا الحلف، شدّد مرهج على «أنّ تركيا تتحفظ على هذا الحلف ومن الصعب عليها في الوقت الحاضر أن تواجه الإرهاب لأنها لم تستنفد أغراضها في استنزاف سورية، وليس من السهل أن تلتحق بهذا الحلف وأن تتخذ خطوات ميدانية ليست في مصلحتها الآن»، معتبراً: «أنّ تركيزها الآن هو في سورية، لذلك فإنّ استبعاد العواصم الغربية سورية من هذا التحالف يثير التساؤل والشبهة». وقال: «إذا كانت هناك نية لمحاربة الإرهاب يجب إخضاع كل الأمور الأخرى لتحقيق هذا الهدف الرئيسي، لذلك يجب مد جسور التفاهم مع سورية وإيران ومن الصعب أن يجدوا بديلاً عن سورية التي هي أساس ومركز المنطقة وعلى تماس مع كل الأطراف الأخرى من تركيا إلى الأردن إلى فسلطين ولبنان والبحر المتوسط وهي في قلب الصراع ولا يمكن القفز فوقها، ويجب التفاعل والعمل لمواجهة هذا الخطر المحدق».

ورأى أنّ «خطر الإرهاب هو خطر فكري عقائدي يستقطب الناس من كل المنطقة العربية والإسلامية والغربية ويطرح فكرة الخلافة والدولة الإسلامية التي تستهوي المسلمين بخاصة الذين يشعرون باضطهاد اقتصادي»، لافتاً إلى أنّ «مواجهة هذا التيار ليست بسيطة كما يعتقد بعضهم بل تقتضي تعبئة فكرية ثقافية دينية سياسية ميدانية».

مؤتمر مكافحة الإرهاب والأهداف المشبوهة

وحول ما تريده أميركا من البيان الذي سيصدر عن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، لفت مرهج إلى «أنّ واشنطن تريد أن يخرج من هذا المؤتمر بصيغ وآليات عمل تتوافق مع مصالحها ومصالح «إسرائيل» ومصالح أصدقائها في المنطقة، وأن تحول بعض الدول التي تشعر بخطر إلى مصدر تمويل لعمليات محتملة أو يخطط لها كالقصف الجوي أو العمل الميداني والاستخباراتي»، مستبعداً: «أن يكون هذا المؤتمر أداة لتحقيق استراتيجية تخدم مصالح شعوبنا في المنطقة لأنّ البداية عرجاء والأهداف ملتبسة والمسار يثير الشكوك والعلامة الأساسية لجدية هذا التحالف هي التواصل مع سورية وإيران وموسكو وبكين».

وعن مشاركة تركيا في هذا المؤتمر ودورها، شدّد مرهج على «أنّ تركيا محرجة جداً لأنها المدخل الأساسي لتسرب هذه القوى المتطرفة المتشددة إلى سورية ومدخل للتمويل والتسليح مع بعض الأطراف العربية، ومن المبكر أن تغير سياستها تجاه سورية»، لافتاً إلى «أنّ واشنطن ليست لديها أصدقاء أبديين بل أصدقاء ومجموعات تتعامل معها تستخدمها في مرحلة معينة وعندما تستنفذ أغراضها تستغني عنها وهذا ما حصل في أفغانستان وغيرها». وأضاف: «أنّ واشنطن لم تستنفد بعد استخدام هذه القوى لتنفيذ أغراضها في المنطقة»، متسائلاً عن الموقف الأميركي من سورية،. وأوضح: «أنّ واشنطن تريد إطالة أمد الصراع في سورية لكي تستنفد القوى المتحالفة معها أي روسيا وإيران وإضعاف الدولة والكيان في سورية لكي تتحول إلى كيانات متناحرة بما يخدم استراتيجية العدو الصهيوني وسياسات الاستعمار». وأضاف: «لا يوجد موقف جذري من التيارات الإرهابية إنما هناك تعامل معها لتحقيق أهداف مرحلية واستراتيجية، والموقف الأميركي موضع شك وتساؤل لأنها تريد أن تدخل إلى المنطقة مرة أخرى وتمسك بمفاصل القرار فيها من خلال الإمساك بالموضع العسكري».

أميركا في دائرة الخطر

وحول الأسباب التي دفعت واشنطن للتحرك اليوم على رغم أنّ «داعش» موجودة منذ سنوات، قال مرهج: «أميركا تدرك وجود خلايا وقواعد للتطرف في المنطقة في آسيا وإفريقيا لا بل هي التي ساهمت في استيلاد هذه القوى بحجة محاربة السوفيات في أفغانستان، ويقوم اليوم الخبراء ومراكز التحليل في أميركا والبنتاغون والخارجية ومجلس الأمن القومي من جديد بدراسة هذه الظاهرة التي تتفاقم وتمسك بالأرض في بعض المناطق وتزداد ثرواتها وأعدادها وتتصرف بعنف ودموية، وبدأت أميركا تشعر بأنّ خطر هذه المجموعات يمسّ بمصالحها مباشرة أو بمصالح حلفائها أو بأمنها الداخلي، وهناك استنفار في أوروبا في بلجيكا وفرنسا وأميركا». وذكّر بأنّ «واشنطن لها تجربة مع هذه الظاهرة لا سيما في 11 أيلول وهناك تخوف أيضاً من الجاليات الإسلامية في هذه البلدان أن تصبح بيئة حاضنة لهذه الظاهرة الخطرة التي لم تعد تشكل تهديداً فقط لسورية أو لبنان أو العراق، بل أصبحت على أبواب الغرب، لذلك نرى استنفاراً دولياً لمواجهة هذه الظاهرة».

أميركا وهاجس 11 أيلول

ورداً على سؤال عن الاستعداد الأميركي لمواجهة 11 أيلول آخر، أجاب مرهج: «إنّ السياسة الأميركية متنبهة جداً لهذا الموضوع وهناك استعدادات أمنية داخل الولايات المتحدة وتعبئة عامة، لكن هل تنجح هذه الاستعدادات في سدّ كل الثغرات والخروقات؟ ونحن نعلم أنه عندما حدثت 11 أيلول 2001 كانت هناك استعدادت كبيرة لكنها حدثت رغم ذلك».

أميركا وسورية و»داعش»

وتطرق مرهج إلى التحليلات التي تعتبر أنّ الضربات الأميركية في سورية تشكل تعاوناً غير مباشر معها في مكافحة الإرهاب، قائلاً: «سورية حذرت من أي ضربات محتملة على أرضيها من دون التنسيق معها، واستراتيجية البنتاغون هي أنه إذا قام بضربات موضوعية على تجمعات إرهابية في سورية تخدم مصالحه فسيضربها لكن ليس لخدمة مصالح سورية أو لتمهيد للتواصل معها، بل من الممكن أن تكون هذه الضربات فقط لوقف تمدّدها وليس لإلغاء وجودها والهدف الآخر هو إسقاط النظام السوري». ولفت إلى أنّ «الاستراتيجية الأميركية تنظر إلى كل المنطقة وليس إلى دولة بحدّ ذاتها، وإسقاط النظام السوري لا يزال هدفاً في أنقرة ولدى بعض الدول العربية ولكنه لا يتصدر الأولوية».

الحكومة والتفاوض لتحرير المخطوفين

وفي الشأن الداخلي اللبناني ولا سيما تطورات ملفّ العسكريين المخطوفين بعد تكليف اللواء عباس ابراهيم التفاوض مع قطر ومدى إمكانية الوصول إلى نتيجة إيجابية، أكد مرهج «أنه لا يوجد تفاوض مباشر بين الدولة والمسلحين حالياً»، معتبراً: «أنّ سياسة الحكومة سياسة صحيحة في التعامل مع هذا الموضوع لأنه موضوع حساس ودقيق، وهي تنطلق من الحرص على المؤسسة العسكرية والعسكريين الذي يضحون بأنفسهم لصيانة الأمن ومؤسسات الدولة». واعتبر أنّ «التوجه نحو تحرير المخطوفين توجه سليم لأنّ دولاً كبرى تفاوض»، وقال: «أنا مع التفاوض لكن ليس من خلال الدولة اللبنانية أي من طريق طرف ثالث واللواء ابراهيم يتصل مع دولة قطر وليس مع الخاطفين».

ورفض مرهج «تحميل الجيش مسؤوليات كبيرة في لحظات معينة لأنّ هناك من يريد زرع الفتنة بين اللبنانين عبر إشاعة الفوضى وإشعار اللبنانيين أنّ الدولة لا تستطيع حمايتهم، وتدفعهم إلى اللجوء إلى مناطقهم وعشائرهم وطوائفهم، والدولة يجب أن تكون لديها أساليب ذكية في استرجاع المخطوفين ويجب أن تفاوض لكن مع الحفاظ على السيادة وعدم الخضوع لإرادة الطرف الآخر».

الهبات مرهونة بتنفيذها

وعن الهبات السعودية للجيش وزيارة الرئيس سعد الحريري، قال مرهج: «تمّ التفاهم على توزيع المال على الجيش وقوى الأمن الداخلي وهيئة الإغاثة، وهذه المساعي مرهونة بتنفيذها وبتحويلها إلى دعم فعلي للجيش اللبناني ليتمكن من المواجهة في حين أنّ المسلحين يتلقون المساعدات من دول عديدة». وأضاف: «هناك مساعدات عرضت من دول صديقة من موسكو وسورية وإيران ولم تقبل، لكننا نرى، في المقابل، بواخر ترسو على الشواطئ اللبنانية فيها سلاح لمجموعات مسلحة معادية للبنان ولسورية ونرى أموالاً أيضاً».

سليمان والنأي بالنفس

وعن سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة أثناء وجود الرئيس ميشال سليمان في سدّة رئاسة الجمهورية، قال مرهج: «لو طبقت الحكومة والرئيس سليمان حينها سياسة النأي بالنفس بشكل جيد لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن، لأنّ لبنان استخدم معبراً للتدخل في الشؤون السورية من طريق نقل شاحنات السلاح والمسلحين، ولم يحصل تنسيق بين الجيشين السوري واللبناني، وهناك من يطالب بقوات دولية على طول الحدود اللبنانية – السورية وهذه القوات لا يمكنها حماية الحدود مع فلسطين المحتلة»، لافتاً إلى «أنّ الطائف يلزم الحكومة اللبنانية بالحفاظ على أمن الجار وأن لا يكون لبنان مقراً أو ممراً لأي خطر يتسرب إلى دول عربية وبخاصة سورية، ومن واجب لبنان أن يجابه الاعتداء على سورية». وأضاف: «هناك قوى عاقلة ذات نفوذ شعبي وسياسي هي التي حمت لبنان ولا تريد صراعات، وقد انحاز الرئيس سليمان في الفترة الأخيرة إلى قوى 14 آذار وتغاضى على الكثير من المواقف التي أدت إلى تفاقم الأمور في الوقت الذي كان مفروضاً أن يمسك بعصى التوازن من الوسط ويغلب المصلحة اللبنانية».

عون المرشح الأقوى

وفي الشأن الرئاسي، دعا القوى السياسية «إلى تقدير الظروف والوضع الحالي، فهناك مرشح يملك قوة شعبية ونيابية كبيرة وقدرة على التواصل مع جميع القوى ومن مصلحة اللبنانيين في الوقت الحاضر وهو العماد ميشال عون، وأدعو هذه القوى إلى التبصر في مصلحة لبنان، وعون رجل نزيه يهتم لمصلحة بلده وحظوظه عالية من وحي الإرادة اللبنانية». وأضاف: «أما الرئيس سليمان فرنجية فهو مرشح قوي ويستحق رئاسة الجمهورية وطريقة تفكيره حضارية وهو شخصية وطنية».

العقدة سياسية لا أمنية

وعن إمكانية أجراء الانتخابات النيابية في الظروف الحالية، أكد مرهج أنّ الظروف تسمح بإجراء انتخابات نيابية بأكثرية المناطق ويمكن أن تجرى على مراحل وليس على مرحلة واحدة، ولكنّ المشكلة سياسية أكثر من أمنية لأننا لم نتفق على قانون انتخاب يحقق الإرادة اللبنانية ومتوافق مع الطائف والدستور»، معتبراً «أنّ المحافظة كدائرة انتخابية هي الأفضل لأنّ القضاء مزق المجتمع اللبناني وأعاده إلى المربع الطائفي، بينما المحافظة وما هو أكبر تعيد صياغة المجتمع اللبناني سياسياً في سياق أكثر وحدوية».

غزة انتصرت

وفي الشأن الفلسطيني لا سيما بعد انتصار غزة على العدوان «الإسرائيلي» الأخير، اعتبر مرهج أنّ الانتصار «ليس لغزة فقط بل لفلسطين والعالم العربي»، مؤكداً أنّ «الشعب الفلسطيني يستطيع الصمود وتحقيق إنجاز كبير، لكنه، للأسف، يحتاج إلى مساعدة عربية وإسلامية من إنشاء مبانٍ مدرسية إلى عمليات الترميم للمنازل المهدمة»، لافتاً إلى «أنّ الحصار لم يكسر تماماً ولم يتم دخول المساعدات، كما أنّ عشرات العائلات تعيش في ظروف صحية وبيئية صعبة».

يبث هذا الحوار كاملاًً مساء اليوم الساعة الخامسة عصراً ويعاد عند الـ 11 مساءً على شاشة «توب نيوز» تردد 12036

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى