مخّول قاصوف 1946 ـ 2014 يودِع محبّيه إرثاً موسيقيّاً أصيلاً وإنسانيّاً نبيلاً وثباتاً قوميّاً آمن به
جورج كعدي
طبيب وموسيقيّ مبدع، بيد أنّه لم يكن يوماً تحت الأضواء، إذ لم تعنه الشهرة، التي لم ينشدها في أيّ حال، بقدر ما امتلكت روحه فكرة الأصالة، موسيقى وغناءً، ويكفيه حبّ عارفي إنتاجه الموسيقيّ لأغانيه، مثلما يكفيه رضى موسيقيّ قدير هو زياد الرحباني عن أعماله ليخصّه بكلمة لألبومه «مثقفون نون» الذي صدر في نسخة جديدة عنوانها «مثقفون نون Plus» تحمل أغنيتين إضافيّتين، مع كلمة الرحباني دائماً .
ملتزماً كان مخول قاصوف على أكثر من صعيد، فهو قوميّ سوريّ ثابت على إيمانه بالعقيدة والنضال القوميّ، وهو ذو التزام إنسانيّ إذ عرف عنه اهتمامه بالفقراء وبتحقيق العدالة الاجتماعية، كما يُحسب في أوساط متعدّدة فنّية وسياسيّة على ذوي الأغنية الملتزمة ومن جيل خالد الهبر وسامي حواط وآخرين، من غير أن ننسى رمزين في هذه الأغنية الملتزمة لهما تجربتهما الموسيقيّة الكبرى هما زياد الرحباني ومارسيل خليفة. وكان مخول في قلب هذا المناخ الملتزم، وعلى صداقة مع الجميع إذ اشتهر كذلك بالودّ ودماثة الخلق والروح الإنسانيّة الطاغية، وله صداقاته بين العازفين أيضاً مثل ميشال خيرالله وإيلي مناسا وعبّود السعدي وبسام سابا وطوني خليفة، وشارك زياد الرحباني نفسه في توزيع أغنية مخّول المشهورة «مثقفون نون» والعزف في تسجيلها.
كتب مخّول أغانيه بنفسه، ما خلا «ضلّوا شعرا» لصهره الأديب والشاعر القوميّ الكبير الشهيد كمال خير بك، زوج شقيقته خزامى، وأغنية «بدوية» من كلمات الشاعر الكبير طلال حيدر. وله فضلاً عن الأغاني الملتزمة والساخرة مثل «مثقفون نون» و«معلّم طرطور» و«بدّنا ولاد»، بعض الأغاني الرومنطيقية مثل «بواب الفرح» و«بعدو الوجع» و«شبّاك الحلا» و«عيونك» وسواها.
بين طبّ الأسنان الذي أخذ قسماً كبيراً من حياته، والموسيقى والغناء اللذين كان مقلاًّ فيهما النوع يتقدّم على الكمّ دوماً ، وحبّه لعائلته ولأصدقاء فنّه، وفنون أخرى شغف بها وتابعها مثل السينما، أمضى مخّول قاصوف عمراً مليئاً بالحبّ والعطاء والإبداع والإلتزام، تاركاً إرثاً فنّياً يخلّد اسمه، إنّما أكثر من ذلك صورة ودودة، طيّبة، إنسانيّة رفيعة الخلق والنبل، وهذا أيضاً رصيد لا يستهان به.