المعارضة السورية تُجمع على التهديد بمقاطعة جنيف… ومصر مستعدّة لدور أسبوعان لبنانيان للقانون الجديد… هل يقبل الاشتراكي والمستقبل بالصوت الواحد؟

كتب المحرّر السياسي

شكّل الإنذار الأميركي لإيران على خلفية تدمير الجيش اليمني للمدمّرة السعودية، كرمز للصناعة الأميركية المتطورة، إذ تتهم واشنطن طهران بالوقوف وراءه، وخلفية التجارب الصاروخية الباليستية التي تُجريها إيران، محور الاهتمام الدولي وسط التساؤلات عن مدى جدية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الذهاب في هذا الإنذار حتى النهاية، خصوصاً في ملف الصواريخ الباليستية الذي حاولت إدارة الرئيس السابق باراك اوباما إدماجه في مفاوضات الملف النووي وفشلت، وفي ضوء كلام الرئيس ترامب في محادثته الهاتفية مع الملك السعودي عن السعي لتطبيق صارم للاتفاق النووي مع إيران بدلاً من الحديث عن تعديله أو إلغائه كما كان يتضمن الخطاب الانتخابي لترامب ولهذا كان التركيز الأميركي في التحذير أو الإنذار الأميركي على ما لا يمكن محاسبة إيران عليه إلا إعلامياً وسياسياً باتهامها بالوقوف وراء تدمير «ساعر السعودية»، كما يصفها اليمنيون، تشبيهاً بالمدمّرة «الإسرائيلية» التي فجّرها صاروخ للمقاومة خلال العدوان «الإسرائيلي» على لبنان في تموز 2006، لكن بدأت ثمار الإنذار تحسّن صورة إدارة ترامب في الشارع الأميركي في ضوء الانحدار الذي أصابها مع عشوائية قرار منع رعايا سبع دول من دخول أميركا.

قبل صدور الإنذار الأميركي الذي خطف الأضواء والاهتمام الإعلامي كانت التحضيرات لمحادثات جنيف الخاصة بسورية في المقدّمة إقليمياً ودولياً، مع كلام تصعيدي لهيئة تفاوض مؤتمر الرياض للمعارضة السورية وبيان للفصائل المشاركة في أستانة، يلتقيان على رفض أي مشاركة في محادثات جنيف ما لم يُحصَر الوفد السوري بهيئة التفاوض لمؤتمر الرياض، وما لم يكن سقف المحادثات تشكيل هيئة حكم انتقالي، وهما شرطان بات من الصعب تمريرهما، كما يقول المتابعون لمرحلة ما بعد معارك حلب ومؤتمر أستانة، ويضعان الفصائل والائتلاف أمام مخاطر تخطّيهما تفاوضياً في جنيف، بعدما خسرا الوجود العسكري من جهة والدعم التركي من جهة مقابلة، بينما كانت مصر تعلن استعدادها للمساعدة في التحضير لجنيف من جهة وفي تشجيع آليات وقف النار المنبثقة عن أستانة من جهة مقابلة.

لبنانياً، لا تزال دوامة البحث عن توافق على قانون انتخاب جديد مستمرة دون بلوغ نتيجة، وباتت الأيام الخمسة عشر الباقية قبل بلوغ جدار تشكيل هيئة الرقابة التي نص عليها القانون تمهيداً لدعوة الهيئات الناخبة وفقاً لقانون الستين، حداً فاصلاً بين الانفراج المأمول او تحوّل الأزمة السياسية إلى أزمة وطنية في ضوء رفض رئيس الجمهورية أي دعوة للانتخابات على أساس قانون الستين ولو كان البديل هو الفراغ.

في سياق هذا السعي الحثيث تستعرض الأفكار المحتملة كلها وتعود بعض المشاريع التي كان تمّ صرف النظر عنها مجدداً إلى الطاولة، وفي طليعتها تلك التي تعتمد النسبية، لكن في سياق النقاش والتداول حضر على طاولة العديد من المعنيين التساؤل عن صدقية رفض تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي للنسبية بدواعٍ عدم سلاسة التطبيق، فهل يقبلان بانتخابات على أساس تقسيمات قانون الستين وتوزيع المقاعد الطائفي والنظام الأكثري، لكن بشرط تصويت كل ناخب لمرشح واحد وليس للائحة كاملة، وهو ما يضمن تمثيلاً عادلاً نسبياً ومنصفاً للمكوّنات الطائفية والسياسية بصورة أقل من النظام النسبي ولا يحقق أيضاً إصلاحاً للنظام الانتخابي وضخّ الحياة في شرايين النظام السياسي، لكنه أفضل بكثير من قانون الستين وسهل التطبيق ويوفر سلاسة عالية للناخب، ويقطع طريق المحادل ومصادرة أصوات الناخبين.

بري: أفكار جديدة قيد النقاش

بعد أن دفن قانون رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الـ 66 في المئة نسبية، قبل أن يُبصر النور، وفيما أقفلت بورصة اللجنة الرباعية خلال اجتماعها الأخير في وزارة الخارجية على تراجع حظوظ الصيغ المختلطة، انطلقت التساؤلات في الأوساط السياسية والشعبية عن البدائل: هل هو قانون الستين معدلاً أم قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي عاد الى الواجهة؟ أم أننا أمام أزمة وطنية جديدة قد تقود البلاد الى الفراغ النيابي الذي بات خياراً قائماً في حسابات رئيس الجمهورية في حال لم تتفق القوى السياسية على قانون جديد؟ أم تشكل فرصة جدية لتطبيق اتفاق الطائف بإنشاء مجلسي النواب والشيوخ؟

وفي حين ضخ أركان الدولة جرعات الدعم لتسييل الدم المتجمّد في شرايين اللجنة بعد ارتفاع منسوب التشاؤم حيال التوصل الى اتفاق بين أعضائها، مؤكدين أن المشاورات لم تصل الى طريق مسدود وأن الوقت لم ينفذ بعد، كشف رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن هناك أفكاراً جديدة هي الآن قيد النقاش. ونقل النواب عنه في لقاء الاربعاء النيابي أن «الاتصالات والنقاشات مستمرة حول الاتفاق على قانون جديد للانتخاب، وقال إننا مازلنا في مرحلة جوجلة هذه الأفكار ولم نصل بعد إلى حائط مسدود، مؤكداً مرة أخرى وجوب الاعتماد على معيار واحد وأنه لن يسير بأي قانون لا يحظى بالتوافق».

وأشاد بري ببيان اجتماع المطارنة الموارنة الشهري، الذي رحّب باستعادة حركة التشريع في المجلس النيابي حيويتها، وثمّن «المساعي الجارية للاتفاق على قانون جديد للانتخابات»، مجدداً تأكيد «ضرورة الإسراع في وضع قانون يستلهم الميثاق والدستور، فلا يقع البلد في مراوحة جديدة أمام كل استحقاق دستوري، على أن يحقق القانون تمثيلاً صحيحاً لجميع أطياف المجتمع اللبناني. فيكون ذلك منطلقاً لتعزيز الشراكة الوطنية ولتوطيد العيش معاً، على أن تُحترم المهل الدستورية لانتخاب مجلس نيابي جديد».

قانون ميقاتي إلى الواجهة

وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن اقتراح الوزير باسيل سقط بعد المعارضة الواسعة له وتمّ الاتفاق في اجتماع اللجنة الرباعية على استمرار البحث عن اقتراحات أخرى من الصيغ المطروحة ما بين النسبي والأكثري تكون أكثر مقبولية من الجميع وإعادة توزيع المقاعد والدوائر»، مشدّدة على أنّ «جميع الأطراف باتت مُحرجة وملزمة بالتوصل الى قانون جديد ولا يستطيع أي طرف الهروب منه». ولفتت الى أننا عدنا الى المربع الأول في النقاش أي الى قانون الوزير مروان شربل أو قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بالنسبية على أساس 13 دائرة الذي يتوافق مع روح اتفاق الطائف، ووافق عليه جميع مكونات الحكومة آنذاك باستثناء وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي الذين أبدوا حينها تحفظات عليه، لكن لم يرفضوه».

وأشارت المصادر الى أنّ «حزب الله لا يزال يتمسك بالنسبية على أساس الدائرة الواحدة، الذي يعتبره القانون الوحيد الذي يراعي المعايير الموحّدة ولا يستثني أحداً ويفسح بالمحال أمام تمثيل كل الشرائح، ولو أنه يؤدي الى خسارة كتلة الوفاء للمقاومة مقعداً أو اثنين، لكنه يحقق الاستقرار السياسي والوطني».

وأكدت أن «تفاصيل قانون حكومة ميقاتي سيبحث في اللجنة الرباعية التي ستكثف تواصلها واجتماعاتها أكثر من أي وقت مضى، وهناك إصرار من أعضائها على إيجاد صيغة توافقية وهناك متسع من الوقت»، مرجحة «التوصل الى صيغة خلال أسابيع قليلة إذا صدقت النيات وتوافرت الإرادة السياسية»، مستبعدة الوصول الى الفراغ النيابي، فهناك وقت طويل حتى موعد إجراء الانتخابات النيابية».

وعن هواجس رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لفتت المصادر الى أنّ «قانون ميقاتي يبدّد هذه الهواجس»، مؤكدة أنّ «قانون الستين بصيغته الحالية سقط الى غير رجعة ولا أحد يفكر به».

وبحسب مصادر إعلامية، فقد أكد الوزير السابق وائل أبو فاعور للرئيس سعد الحريري خلال لقائهما الأخير أن «صيغة قانون الانتخاب المطروحة دُفنت وشبعت موتاً». ولفت في تصريح الى أنّ «الاشتباك السياسي بدأ وربما نصل إلى أزمة وطنية».

وأوضح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض في تصريح أنّ «الحلول في ما خصّ قانون الانتخاب الجديد يجب أن تأخذ الحقائق الانتخابية الكبيرة وضرورة أن تأتي بقانون انتخابي متطور يعالج الخلل في قانون الستين».

وشدّد على أنه «لن نألو جهداً في سبيل إدخال النسبية الحقيقية في أيّ قانون جديد سيُعتمد»، لافتاً إلى انّ «الموقف الاعتراضي على النسبية يأتي من جهتين، من الحزب التقدمي الاشتراكي ومن تيار المستقبل الذي وافق على القانون المختلط الذي يتضمن بعض النسبية وبالحوار نحاول أن نقنعه». ورأى فياض اننا «أمام 10 أيام حاسمة وننتظر كي نرى إذا كنا سنتفق أو لا».

بينما ترفض مصادر مستقبلية قانون ميقاتي لأسباب غير مبرّرة وتؤكد لـ«البناء» أنها «متمسّكة بالقانون المختلط وأقصى ما يمكن أن تذهب إليه هو المختلط الثلاثي الذي قدّمه التيار مع حزبي القوات والاشتراكي، أما قانون الرئيس بري فيحتاج الى كثير من التعديلات». ولفتت المصادر إلى أنّ المستقبل لا يزال على موقفه الذي أبلغه لكلّ الأطراف السياسية بالرفض المطلق للنسبية الكاملة، وأنه مستعدّ للنقاش في صيغ تجمع ما بين النسبية والأكثري وإبداء الملاحظات إذا أخذ بها».

عون: النسبية باب الإصلاح

وتؤكد مصادر مقرّبة من رئيس الجمهورية لـ«البناء» أن «العماد عون لا يريد قانون انتخاب تجري على أساسه انتخابات الـ2017 فقط، ومن ثم العمل على إقرار قانون آخر، بل هو يرفض القانون المؤقت». وتشير المصادر إلى أن رئيس الجمهورية أبلغ المعنيين أنه سيوقّع على أي قانون يجري التوافق عليه بين القوى السياسية وإلا فإنه سيفرض النسبية بمعزل عن الدوائر».

وجدّد العماد ميشال عون تأكيد أن إقرار قانون انتخابي قائم على أساس النسبية «يشكل باباً للإصلاح ويؤدي الى تحقيق العدالة بين الأكثرية والأقلية»، لافتاً الى أنّ «الجدال الكلامي لا يوصل الى نتيجة لأنّ الأزمة السياسية مرفقة بأزمة اقتصادية، وبالتالي فإنّ التأجيل من شأنه أن يضاعف حجم الأزمة، بينما المطلوب هو إيجاد حلّ فعلي».

وأكد عون، أنه «التزم إحداث التغيير المنشود، الذي يتوق إليه اللبنانيون»، لافتاً الى أن «ذلك لن يكون بعصا سحرية، لأن المطلوب بداية هو وضع الأرض وتجهيز البنية للانطلاق في ما بعد بالسرعة اللازمة». واضاف: «سنسير في نضالنا حتى الوصول إلى تمثيل شعبي صحيح وإلى حكم متجرد من المصالح الشخصية، لنبني الدولة ونوجد نظاماً قوياً لا يقوى عليه بعد اليوم الأفراد بمصالحهم الشخصية فيصبحون أقوى منه».

أزمة القانون في مجلس الوزراء

اجتماعات اللجنة وأزمة قانون الانتخاب، حضرت على طاولة مجلس الوزراء التي عقدت أمس، في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية، وشدّد مصدر وزاري في تيار المستقبل لـ«البناء» على أنّ «تيار المستقبل ثابت على موقفه من المختلط وأنّ قانون الستين غير وارد، ويمكن التوافق على قانون يحظى بإجماع القوى السياسية كافة»، وإذ أشار المصدر الى أنّ «التوافق بين الوزراء على مختلف بنود جدول الأعمال أمر إيجابي، لفت في قانون الانتخاب الى ضرورة مراعاة هواجس بعض القوى لا سيما النائب جنبلاط وأن تؤخذ بعين الاعتبار في دراسة أيّ قانون انتخاب إذ لا يمكن استثناء أيّ فريق سياسي من التوافق على القانون».

وأكد رئيس الحكومة سعد الحريري أنّ «التباين في وجهات النظر بين مختلف المكوّنات السياسية حيال قانون الانتخاب لا يعني الوصول الى الطريق المسدود، لا بل أرى انه يشكل دليل عافية»، مضيفاً: «يجب ألا نيأس من التوصل الى قانون جديد ويجب أن نملك القدرة على التضحية لبلوغ قانون لا يثير المخاوف لدى أي مكوّن من المكوّنات السياسية والطائفية».

وتابع: «أنا في هذا المجال على خط واحد مع فخامة الرئيس وأريد أن أطمئن الغيارى الذين يراهنون على تخريب العلاقة بين أهل الحكم، الى أنّ شيئاً من ذلك لن يحصل وأنّ التفاهم على حماية الاستقرار السياسي راسخ ومتين وأقوى من أن تهزه دعوات النافخين في رماد الماضي».

وإذ واظب مجلس الوزراء في جلسته على سياسة الحياد حيال الملفات الساخنة والخلافية كموضوع التعيينات الأمنية والاتصالات والإنترنت ومناقصة الميكانيك والموازنة وغيرها، أقرّ جميع بنود جدول الأعمال وقرر الالتزام بتطبيق خطة النفايات التي أقرتها الحكومة السابقة.

وقالت مصادر وزارية لـ«لبناء» إن «الجلسة منتجة وأقرت بنود جدول أعمال الجلسة»، ولفت الى أن «الحريري لن يقبل خلال رئاسته للحكومة أن تعود النفايات الى الشارع مهما كلف الأمر»، مشيراً الى أن «هناك خطة تدرس من قبل خبراء واختصاصيين لمعالجة الأزمة بطريقة متطورة لإيجاد حلول تشبه الموجودة في الدول الغربية تراعي البيئة والصحة»، من دون أن تحدد المصادر «إمكانية الذهاب الى إنشاء المحارق في مختلف المناطق»، وأشارت الى أنه حتى لو أقفل مطمر الكوستابرافا بعد أربعة أشهر، فإن النفايات لن تعود الى الشارع».

وأشار الحريري خلال الجلسة الى أن «هناك اجتماعاً للجنة الوزارية المعنية بمسألة النفايات ولن نسمح من جديد بإغراق لبنان بالنفايات»، وشدد على ضرورة العمل لتنفيذ الخطة الموضوعة سابقاً لمعالجة مشكلة النفايات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى