تحضيرات روسية إيرانية تركية لأستانة ـ 2 لترتيبات الفصل عن النصرة عون سيستخدم صلاحياته الدستورية وبري متفائل بالوصول لتوافق
كتب المحرّر السياسي
فيما يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفجير قنابله يميناً ويساراً وتبدو العلاقة بإيران محور الاهتمام الأميركي بما يتخطّى عشوائية ترامب ليكشف عن خطة رمي بالونات اختبار تساعد في رسم خطط الإدارة الجديدة تمهيداً للقاء الرئيس الأميركي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث ستطرح الملفات كلها على الطاولة، خصوصاً خرائط المصالح والنفوذ في الشرق الأوسط.
تحاول إدارة ترامب بحسابات أجراها مايكل فلين مستشار الأمن القومي الجديد استكشاف مدى إمكانية خوض معركة إخراج حزب الله من سورية، كثمن يسدّد لـ«إسرائيل» من جهة ويعوّض السعودية خسائرها من جهة أخرى، ويضعف نفوذ إيران من جهة ثالثة، مقابل عرض شراكة أميركية روسية تكون تركيا أحد أجنحتها، في الحرب على تنظيم داعش وجبهة النصرة، بينما تسعى روسيا لجذب واشنطن إلى رعاية نظام إقليمي جديد يحفظ الاستقرار في الشرق الأوسط لا يمكن قيامه من دون دور وازن لإيران يبدأ من الشراكة برعاية التسوية في سورية تمهيداً لتسويات مشابهة على واشنطن أن تجذب إليها السعودية، وتشكل اجتماعات أستانة بداية نواة هذا النظام الإقليمي الجديد، الذي جاء تكريسه من جانب موسكو في اجتماع يعقد الإثنين المقبل على مستوى خبراء أمنيين وعسكريين ودبلوماسيين لوضع خطط مشتركة لآليات وقف النار من جهة، ورسم خرائط الفصل بين الفصائل المنضوية في عملية استانة وجبهة النصرة من جهة أخرى، فيما يبدو الأمين العام للأمم المتحدة الجديد أنطونيو غوتيريس أقرب للرؤيا الروسية، عبر دعم ورعاية التحول الذي جرى على موقف المبعوث الأممي في سورية ستيفان دي ميستورا بدءاً من تحذير المعارضة من عدم توسيع وفدها ليكون شاملاً لجميع الأطياف، وإلا أخذت الأمم المتحدة منها هذه المهمة، وفقاً لغوتيريس.
لبنانياً، مع مراوحة المساعي لبلورة قانون جديد للانتخابات النيابية، بدأ الحديث عن مهلة أوسع مدى من دعوة الهيئات الناخبة مع الكلام عن رفض رئيس الجمهورية توقيع مرسوم دعوتها، واستعداده لانتظار المساعي حتى قبل أسبوع من نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي لإقرار قانون جديد، ومعه تمديد تقني لبضعة شهور، فيما قال الرئيس العماد ميشال عون أمام زواره أنه سيستخدم صلاحياته الدستورية لمنع ثنائية الستين والتمديد، بينما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يتوافق مع كلام رئيس الجمهورية عن رفض ثنائية الستين والتمديد ليضيف مسحة تفاؤلية على قرب وصول المساعي لصيغة قابلة للتوافق حول قانون الانتخاب.
الرباعية إلى المربَّع الأول
بعد أن أطاحت «الفيتوات» و«الفيتوات» المضادة بصيغ القانون المختلط المطروحة على بساط البحث، عاد النقاش في اللجنة الرباعية الى المربع الأول بعد عجزها خلال الاجتماعات الثلاثة التي عقدتها في بعبدا ووزارتي المالية والخارجية عن إحداث ثغرة في جدار الخلاف حول قانون الانتخاب، وبذلك فإن اللجنة التي زُوِّدت بقوة دفع رئاسية، ستجد نفسها في لقائها الذي سيعقد الأسبوع المقبل، بحسب ما علمت «البناء»، أمام عملية خلط أوراق جديدة وجولة مشاورات رابعة علها تفضي الى صيغة توافقية قبل أن يطلّ الفراغ برأسه على المجلس النيابي.
وإذ أصرّت «القوات اللبنانية» على أن القانون المختلط بصيغته النهائية ما زال حياً، بعد أن نعاه الوزير السابق وائل أبو فاعور من السراي الحكومية، وأنها ترفض فرض النسبية الكاملة، برز الحديث عن صيغة مختلطة جديدة الـ 75 أكثري و53 نسبي، وهي مدار بحث بين القوى السياسية. وفي المقابل يتمّ التداول باتجاه العودة الى النسبية 13 الى 15 دائرة».
وفي حين تضغط المهل الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة على الجميع، فإنّ ما بات محسوماً هو أنّ رئيس الجمهورية لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة عندما يرسله وزير الداخلية إلى بعبدا قبل 21 الحالي، ما يعطّل الانتخابات وتبقى القوى السياسية في حالة تشاور دائمة حتى إقرار قانون جديد.
وقالت مصادر مقرّبة من بعبدا لـ«البناء» إنّ «موضوع قانون الانتخاب بالنسبة للرئيس ميشال عون يخضع لمسلمات ومبادئ ومعايير معينة لا يتنازل عنها، أولها أن لا انتخابات على قانون الستين حتماً، كما رفض التمديد للمجلس الحالي تحت أيّ ذرائع، والرئيس عون يريد قانوناً تتفق عليه القوى السياسية وأن يعطي كلّ المكوّنات حقها وأن لا يعتدي أيّ مكوّن على حقوق الآخرين»، ولفتت الى أنه «حتى لو تمّ الاتفاق على قانون في أيار المقبل يصار الى إجراء تمديد تقني لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر ضمن القانون». وجزمت المصادر بأنّ عون لن يسمح بإجهاض العهد في مهده بفرض قانون انتخاب يخالف الإرادة الشعبية ويمدّد للأزمات الحالية، وبالتالي سيتعامل مع موضوع قانون الانتخاب حتى النهاية، كما تعامل مع مسألة رئاسة الجمهورية».
وحذرت المصادر من محاولات بعض القوى تضييع الوقت وإيهام الرأي العام، بأننا نعمل على التوافق على حل في اللجنة الرباعية للوصول الى موعد الانتخابات من دون قانون جديد وحينها يتمّ فرض الستين على اللبنانيين كأمر واقع، لكن رئيس البلاد سيشهر صلاحياته الدستورية أمام هذه المحاولات، ولن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساس الستين».
ولفتت مصادر سياسية مطلعة لـ«البناء» الى أنه «بعد رفض القوى السياسية المشاريع ذات المعايير الحقيقية كالنسبية الكاملة والتأهيل على مرحلتين وغيرها من الصيغ التي تراعي صحة التمثيل، دُفع الثنائي المسيحي للذهاب الى صيغ أخرى لصالح الحفاظ على المكوّن المسيحي واستعادة النواب المستولدين من مكوّنات أخرى، وتساءلت: ماذا يريدون؟ أن نصل الى مرحلة تتدخل فيها الولايات المتحدة ودول أوروبية لفرض انتخابات على لبنان كيفما كان؟ وأشارت الى أنّ هذه الأطراف نفسها التي أجهضت أكثر من صيغة انتخابية، رفضت أيضاً القانون الأرثوذكسي وبالتالي لم توافق على الديمقراطية داخل طائفتها».
ولفتت الى أنّ «نقاشات ومقايضات في التقسيمات والتوزيع النيابي على الدوائر دار في اجتماعات اللجنة الرباعية للوصول الى صيغة وهذا الاحتمال قائم وجدي في غضون أسبوعين، لكن هناك محاولات للأخذ من جيبة المسيحيين».
ودعا رئيس الجمهورية المعنيين مباشرة بإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية إلى «الاتفاق على قانون لا يكون مفصلاً على قياس أحد، بل يضمن المساواة واحترام صوت الناخب وروح العدالة عبر إعطاء أصحاب الحق حقهم، بحيث لا يسرق أحد تمثيل طائفته وتمثيل غيره». وأضاف: «إذا لم يقتنع هؤلاء بالوصول إلى حلّ قريب فلدينا صلاحياتنا الدستورية وسنستخدمها كي لا يُنتهك الدستور».
وقال عون إنه «لا يمكنه أن يرى الخطأ في عدالة التمثيل ويبقى صامتاً تجاهه»، متسائلاً: «كيف يمكننا تحقيق الاستقرار في الوطن والثقة بالدولة إذا أنشأنا عقوداً لا يحترمها من يقوم بها، وكيف يمكننا أن نصل إلى دولة المواطنة إذا لم نحرّر الإنسان من أمور عدة كي ينتمي إلى وطنه لا إلى جزئيات على حساب الانتماء إلى الوطن؟».
بري: التمديد والستين سيان
وفي غضون ذلك، حافظت عين التينة على تفاؤلها حيال الوصول الى قانون جديد، ونقل زوار رئيس المجلس النيابي بري عنه لـ«البناء» «تفاؤله بقرب إيجاد قانون انتخاب جديد وأن طروحات جديدة تبحث بجدية والتوصل الى صيغة توافقية ليس بالأمر المستحيل، إذا توفرت الإرادة السياسية وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الانتخابية والسياسية». وعن موقف رئيس المجلس من الفراغ النيابي، لفتت الى أنه «بالنسبة لبري فإن التمديد والستين سيان».
هل يخرق ريفي المستقبل؟
وغمز المكتب السياسي لـ«تيار المستقبل» أمس، من قناة وزير الخارجية جبران باسيل، وأعلن رفضه قانون انتخابات يحجب المنافسة في مناطق معينة ليحصرها في مناطق أخرى، ولا يكون عرضة للطعن بعد دورة انتخابية واحدة، وأكدت أوساط مستقبلية لـ«البناء» أن «المستقبل مع أي قانون مختلط موحد في كل المناطق من دون أي استنسابية»، وأشارت الى أن «التسوية حول قانون الانتخاب يتقصّد طرف معيّن دون الأطراف الأخرى، فكلّ القوانين الانتخابية التي طرحت حتى الآن في الرباعية تهدف الى تقليص حجم كتلتي المستقبل واللقاء الديمقراطي وتبقي أو تزيد من حجم كتل الآخرين، وهذا ما لا نقبل به».
ولفتت المصادر إلى أنّ «طرح باسيل جوبه برفض من ثلاثي أمل، حزب الله، المستقبل، في اللجنة الرباعية، فتقرّر تجاوزه والبحث عن صيغة أخرى تراعي الجميع. وفي الوقت نفسه تأخذ بعين الاعتبار وحدة المعايير وتمثيل أكبر للشرائح الشعبية»، وأوضحت أنّ «اللجنة تدرس بشكلٍ جديد كلّ الصيغ من جديد، مرجحة أن تصل الى صيغة توافقية في وقت قريب، لكن التمديد التقني بات أمراً محسوماً في أيّ وقت أقرّ القانون الجديد في المجلس النيابي».
وأعلنت المصادر موافقة التيار على أيّ صيغة توازن ما بين الأكثري والنسبي ومعايير موحدة، وأحد هذه الصيغ قانون 75 أكثري و53 نسبي الذي طرح في اجتماع اللجنة الأخير الذي ربما يتمّ التوافق عليه بعد دراسة معمّقة لتوزيع الدوائر».
وعن تخوّف المستقبل من أن تسمح النسبية لأخصام التيار الأزرق الوصول الى الندوة البرلمانية في أكثر من دائرة، لا سيما وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي، لفتت الى أنّ «النسبية ليست وحدها التي تسمح بأن يفوز ريفي، بل حتى على القانون الأكثري فإنه سيفوز في طرابلس ويخرق لائحة المستقبل، لأنه يملك حيثية شعبية في طرابلس لكن لن تفوز لائحته».
قواعد جديدة للتقسيمات
وقالت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» إن «حزب الله حريص على إجراء انتخابات في موعدها وعلى النسبية الذي هو أفضل الطروحات ويحقق الإرادة الشعبية الحقيقية»، وأوضحت أنه «لا مانع من تعديل في التقسيمات الإدارية، لكن على أساس النسبية الكاملة»، ولفتت الى أن «الحوار مستمر في اللجنة الرباعية وعلى المستوى الثنائي بين القوى كافة لمحاولة التوصل الى اتفاق، وهناك أخذ وردّ واتفاق على دوائر وخلاف على دوائر أخرى ولا يوجد تشبّث في المواقف»، مشيرة الى أنّ «حزب الله لديه ملاحظات عدة على اقتراح الوزير باسيل، وقالها في اللجنة وبالتالي خرج من التداول لرفضه من قوى عدة».
العقدة الجنبلاطية عند التيارين
ولفتت الى أنّ «اللجنة تعمل على إيجاد قواعد جديدة للتقسيمات الإدارية وعدد النواب ما بين الأكثري والنسبي، لكن ما يعترض ذلك هو أنّ بعض الأطراف تعمل على طرح قواعد معينة لحصد أكبر عدد ممكن من المقاعد». وأوضحت أنّ «رفض النائب وليد جنبلاط للقوانين النسبية إحدى العقد التي تواجه اللجنة. فهو يعتبر أنّ النسبية تشكل خطراً عليه وعلى الطائفة الدرزية، ولذلك تمّ الاتفاق داخل اللجنة الرباعية بأن تستمرّ بنقاشها وحوارها للوصول الى صيغة توافقية للقانون، ومن ثم التوجه الى جنبلاط لتبديد مخاوفه وإجراء تعديلات على الصيغة إذا طلب جنبلاط ذلك». وبيّنت المصادر أنّ «العقدة الجنبلاطية محدودة فقط في جبل لبنان أيّ مع التيار الوطني الحر والمستقبل ويجب أن يفتح حوار مع الطرفين لإراحته، إنْ كان في التقسيمات أو في التحالفات. وهذا يشكل مدخلاً للحلّ».
وأكدت المصادر أنّ «اللجنة مصمّمة على إيجاد حلّ لأزمة قانون الانتخاب قبل 21 شباط الحالي».
وأكدت كتلة الوفاء للمقاومة أنّ «التوافق على اقتراح قانون جديد للانتخاب ينبغي أن يستجيب لمحدّدات وثيقة الوفاق الوطني والدستور، سواءٌ لجهة المناصفة والشراكة وتعزيز العيش المشترك، أم لجهة تأمين صحة التمثيل وشموليته وفاعليته».
وإذ جدّدت الكتلة رفضها للتمديد، وتأكيدها إنجاز قانون انتخاب جديد، شدّدت على وجوب إجراء الانتخابات في موعدها المقرّر، وكرّرت موقفها الثابت بأنّ النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة هي الصيغة المتلائمة مع الدستور والخالية من الاستنساب.
وفد «الاشتراكي» في بنشعي
وحطّ وفد الحزب التقدمي الاشتراكي في بنشعي والتقى رئيس تيار «المرده» النائب سليمان فرنجية، وأوضح النائب أكرم شهيّب أنّ «ما شاهدناه في المرحلة الأخيرة فيه نظرة إلغائية لفريق واسع من اللبنانيين، وإذا أردنا حلاً وطنياً علينا أن نعود إلى اتفاق الطائف ونحن نسعى إلى حل يرضي الجميع ولا يستثني أحداً».
وأكد فرنجية أنّ «هناك فريقاً سياسياً دخل إلى السلطة بشعار تقوية نفسه على حساب الآخرين، تحت شعار إعادة حقوق المسيحيين. وهذا الفريق يحاول خلق حالة شاذة في المناطق التي هو فيها كي يربح ويظهر أنه الأقوى». وشدّد على أننا «مع أيّ قانون عادل ينصف الجميع، لكن لسنا مع قانون معقد كالذي وضعوه بهدف الانتقام من بعض الأشخاص». وشدّد على أنّ «حقوق المسيحيين تكون حين يكونون آمنين وليس حين يكونون موضع استفزاز في المناطق التي يشكلون أقلية فيها».