«وتلتقي الثورتان»… سيمبوزيوم يجمع إيران وفلسطين على أرض جنوب العزّ
عبير حمدان
يحقّ للأرض التي تُنبت الثوّار أن تزهو بألوانها، حيث تصبح الريشة روح الحكاية الناطقة بما تختزنه تلك التلال المشرفة على فلسطين، والتي تتهيّأ حصاها لملاقاة أيادي الأطفال الذين كبروا قبل أوانهم، علّها تصنع نصرهم الموعود.
«حديقة إيران» في مارون الراس جمعت ثمانين نحّاتاً فناناً تشكيليّاً، لبنانيين وعرباً، للاحتفال بذكرى انتصار «الثورة الإسلامية» في إيران، ولإحياء ذكرى الشهداء تحت عنوان «وتلتقي الثورتان»، السيمبوزيوم الذي نظّمه «منتدى كلّ الألوان» والمستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت، برعاية اتحاد بلديات بنت جبيل.
رمزية المكان منحت التظاهرة الفنّية بُعداً مختلفاً، إذ امتزجت ألوان الثورتين الإيرانية والفلسطينية بدماء الشهداء والمقاومين على أرض الجنوب، بما تختزنه من قصص الصمود والتصدّي والصبر. هو الفنّ الذي يُلغي حُدوداً رسمها المستعمرون، ويبعث الأمل الذي يصبح خطوطاً من نسيج اللوحة، وفي اللون ثقافة وجود وهويّة واضحة للتأكيد على التمسّك بالمقاومة بأشكالها كافة، الاجتماعية والثقافية والفنية والإبداعية.
السمبوزيوم تميّز بالتنوّع الفنّي والإبداعي، وبالتفاعل الحيوي بين الفنانين المشاركين، واستمرّ منذ الصباح حتى ما بعد الظهر في مرسم الحديقة، ثمّ نُقِلت اللوحات إلى قاعة في مدينة بنت جبيل، حيث أقيم الحفل الختامي الذي قدّم له الدكتور مصطفى بزّي وحضره حشد من رؤساء البلديات ومخاتير المنطقة والفاعليات الثقافية والاجتماعية.
وكانت الكلمة حاضرة في هذا اليوم الفنّي الطويل، إذ أقيمت أمسية شعرية شارك فيها كل من الوزير السابق الدكتور طراد حمادة، والشعراء: أسيل سقلاوي، جوزف عون، وهدى ميقاتي.
البندر: يوم مميّز
الزميل محمد البندر رئيس «منتدى كلّ الألوان»، نوّه بالدور الثقافي الذي تلعبه إيران لإرساء دعائم الثورات الفنية والإبداعية حيت قال: أتوجّه بالشكر إلى من رعى هذه الاحتفالية، وإلى كلّ من شارك فيها، من دون أن ننسى الدور الثقافي الذي تضطلع به الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لارساء دعائم الثورات الفنية والثقافية والإبداعية لدى الشعوب بشكل عام. إن هذا اليوم الفنّي المميّز سيصار إلى نقل نتاجه لإقامة معرض خاص به في العاصمة الإيرانية طهران، ومن هنا أدعو الجميع إلى المشاركة في افتتاح معرض الكاريكاتير الذي ينظّمه المنتدى مع المستشارية الثقافية الإيرانية في قصر الأونيسكو في بيروت، وذلك يومَي الثلاثاء والأربعاء في 21 و 22 شباط الحالي.
بدوره، شكر رئيس اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل عطا الله شعيتو «منتدى كلّ الألوان» والمستشارية الثقافية الإيرانية والفنانين على مشاركتهم الفاعلة في إنجاح فعاليات هذه المناسبة، مؤكداً على التعاون في المجالات الثقافية والفنية في المناسبات المختلفة.
أما المستشار الثقاقي الإيراني محمد مهدي شريعتمدار، فقد ألقى كلمة أدبية نافس بها الشعراء بفصاحتها وسلاستها، واعتبر أنّ هذه الأنشطة الفنية والأدبية هي في صميم العمل المقاوم.
بزّي: صدى الثورة
اختارت الفنانة جنان بزّي الحرف والأشكال التعبيرية لتقدّم رؤيتها الفنية المرتبطة بالثورة على الظلم. وعن مشاركتها تقول: هذا السمبوزيوم الذي أقيم في الجنوب اللبنانيّ، وتحديداً في مارون الراس، كان عبارة عن خليّة نحل جمعت أطيب الناس لإظهار جمال ألوانهم و نضوج أفكارهم التي تُرجِمَت حروفاً وأشكالاً تعبيرية عن صدى الثورة في قلوبهم، ذلك أنّ الفنّ يترجم إحساس الفرد بشكل قويّ وواضح. في لوحتي تواصلت مع الحرف العربيّ والزخرف الإيراني في كلمة بسيطة هي «ثورة»، لأقول نعم للثورة في وجه الظلم أينما كان في العالم.
حوماني: أهمية الرموز
واعتبر عضو الهيئة الإدارية في «منتدى كلّ الألوان» الفنان مهدي حوماني أنّ لكل ثورة رمزها الذي يستحق الإضاءة عليه ويقول عن مشاركته في الإحتفالية الفنية: كان لي شرف المشاركة في هذا السيمبوزيوم الذي نظّمه المنتدى مع المستشارية الإيرانية، وحمل عنوان «وتلتقي الثورتان»، واخترت الإشارة إلى رمزين للثورة: الأول هو الإمام الخميني مشعل الثورة، والثاني يتمثل بالقدس، التي من أجلها نثور. ومن خلال ريشتي وألواني أحببت التعبير عن أهمية الرموز الكبيرة في كل الثورات التي تقود إلى تحرير الأرض من ظلم المحتل.
ريحانة: توثيق الصمود
الفنانة أسماء ريحانة رأت أن الصمود منقوش على اليد الممسكة بالحجارة. وعن مشاركتها قالت: حين تكون في الجنوب، وعلى تلة مارون الراس حيث «حديقة إيران» المطلّة على فلسطين المحتلة، لا يمكنك الخروج من إطار القضية المركزية التي ترتبط بقضايا المنطقة كلّها. من هنا، لا بدّ أن تعمل الريشة على توثيق صمود الشعب الفلسطيني. فرسمت اليد الطريّة الممسكة بحجارة المقاومة في وجه المحتلّ، كتعبير عن حقنا في الثورة، وسعينا إلى دحر الاحتلال عن أرضنا.
عبد الخالق: شوارع القدس
من ناحيتها، قالت الفنانة فيروز خويص عبد الخالق: نحن اليوم في مارون الراس للتعبير بالريشة واللون عن القضية الفلسطينية، هذه القضية الإنسانية المحقّة. وكل فنان مشارك في هذه التظاهرة يعبّر عنها بأسلوبه. أتينا إلى أرض الكرامة والشهداء الحقيقيين لتكريمهم في هذه المناسبة وفي كل لحظة. هؤلاء الرجال الذين يمشون إلى موتهم بلا وجل، لتحيا أوطانهم ولتخرج القيم والمفاهيم من صناديق اللغة الرثة. رسمت بريشتي شوارع القدس العتيقة التي أثق أنها ستعود إلى أهلها لأنهم يستحقّون.
فحص: التعبير باللون
وشدّد المهندس والفنان التشكيلي عبد الله زين فحص على دور الفنان في التعبير عن أحقية القضية. وعن السمبوزيوم قال: «وتلتقي الثورتان»، هو عنوان السمبوزيوم الذي أقيم في مارون الراس المطلّة على فلسطين المحتلة. أبدع الفنانون في محاكاتهم القضية الفلسطينية والقدس بشكل خاص. الفنان التشكيلي هو أكثر الناس تعبيراً من دون كلام. يعبّر بقلمه وريشته لوناً وقصة، فعبّرنا عن معاناة الشعب المقهور في فلسطين رسماً ولوناً، وكان النتاج غضباً لونياً خرج من قلب كلّ فنان. شارك في هذا المرسم الثوريّ الرائع الذي فيه نبض الثورة الإيرانية، التي لا تتوانى في خدمة كلّ من يساهم في إعطاء الثورة من مجهوده على الأصعدة كافة. ولن أنسى توجية التحية إلى الفنان الفلسطيني الذي يعاني من الهيمنة الصهيونية، ما يجعله منعزلاً عن محيطه العربي، إلا قليلون منهم خارج فلسطين، لتكون بارقة الأمل بالفنان العربي، خصوصاً الذين أبدعوا رسماً ولوناً ومواضيع تحاكي الثورتين الإيرانية والفلسطينية. فنانون رسموا القدس من القلب، وفي القلب فلسطين، رسموا الثورتين في إيران وفي قلب العالم العربي الثورة الفلسطينية، ولنا محطات مقبلة في مراسم تحاكي معاناة الشعوب العربية.
من ناحيته، اعتبر علي حوماني أن اتحاد القضية الفلسطينية بالثورة الإيرانية يساهم في خلع المحتل. وعن لوحته قال: تقصّدت في اللوحه التعبير عن اتحاد إيران وفلسطين، وخلع الكيان الصهيوني بهمّة المقاومة. هي تظاهرة فنية ترسّخ مفهوم المقاومة بأسلوب إبداعيّ جميل وراقٍ.
يذكر أنه في ختام هذه الفعالية الفنية، تم توزيع الدروع والشهادات التقديرية على الشعراء والفنانين المشاركين.