أرسلان: لن نقبل بأي قانون انتخاب يشوّه النسبية
شكلت الأوضاع العامة في البلاد، والاتصالات القائمة من أجل الاتفاق على قانون انتخابي محور استقبالات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، حيث شدّد أمام زواره على ضرورة التوصل إلى قانون انتخابي يحقق التمثيل الأفضل والمتوازن لكل الطوائف، مركّزاً على أهمية الوحدة الوطنية وعلى المضي في مكافحة الفساد في الإدارات والمؤسسات العامة وسائر القطاعات.
واستقبل عون وزير المهجرين طلال أرسلان وأجرى معه جولة أفق تناولت الأوضاع السياسية العامة ومواقف الأطراف من قانون الانتخابات النيابية.
وأكد أرسلان بعد اللقاء، تمسّك الحزب الديمقراطي بأي قانون انتخابي يقوم على مبدأ النسبية الكاملة وغير المجتزأة، ولا نقبل بأي مشروع قانون يعرّض العيش المشترك إلى الانقسام أو يعرّض العائلات الروحية اللبنانية إلى الانقسام والتباعد وبأي قانون انتخاب يشوّه النسبية، لأننا نعتبر أن الضمانة الحقيقية لبلورة أحجام الجميع في شكلها الطبيعي هو القانون النسبي، ليس لأنه يعطينا أكثر من الآخرين على الساحة السياسية اللبنانية، بل لأن عبر اعتماده نكون قد انتهينا نهائيًا من الأحجام «المنفوخة» على مستوى قوانين الانتخاب، وتعطي مجالاً للتنوّع في التمثيل النيابي بين الفئات والمرجعيات والأحزاب اللبنانية كلها، ونكون بذلك قد فتحنا مجالاً جدياً للتنافس الديموقراطي على قاعدة توسيع مروحة التمثيل بين اللبنانيين في الطوائف والمذاهب كلها».
وشدّد على أن لا صحة تمثيل بتكريس الاحتكار عند أحد، بغضّ النظر مَن يكون. هذا في ما خصّ وجهة نظرنا في قانون الانتخاب، اما في ما خصّ ما يطرح من مسألة مجلس الشيوخ، فنحن لا نقبل على الإطلاق الدخول بسجال حول رئاسة مجلس الشيوخ مع أحد، وإنما نقول، أنه يجب أولاً أن نتفق حول هذا المجلس وتأسيسه ومهامه، وعلى المساواة المذهبية بين كل الفئات الطائفية والمذهبية، وليس النسب في التمثيل، وإلا عندئذ يصبح من غير اللزوم تأسيس مجلس للشيوخ، خصوصاً إذا كان ذلك سيتم على قاعدة النسب المذهبية الموجودة في المجلس النيابي الحالي. فنحن لا تنقصنا مجالس مذهبية في لبنان على أساس 6 و6 مكرر، إذ يكفي وجود مجلس وزراء ومجلس نواب».
وقال: «نحن نقبل بمجلس الشيوخ، كطرح إنقاذي إصلاحي لتخفيف جديّ من حدة الانقسام المذهبي والطائفي وليس ليكون مجلساً يكرّس الانقسامات المذهبية والطائفية أكثر وأكثر».
وأوضح ارسلان أنه أطلع الرئيس عون على تفاصيل ملف المهجّرين، وكشف عن «اقتراحات جدية وعملية سيقدّمها، برعاية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، التزاماً بالبيان الوزاري الصادر عن تشكيل هذه الحكومة، وتقضي بتحضير مشروع قانون، بمثابة برنامج سيُعتمد، من بعد تحديد المبالغ المالية المطلوبة، وسيقسّم على أربع أو خمس سنوات، كي يصار إلى طي هذا الملف بشكل أساسي، ما يعتبر خطوة جدية باتجاه الحل النهائي لهذا الاستنزاف الحاصل في مسألة المهجرين».
ورداً على سؤال إذا كان يلعب دوراً في التقريب في المواقف بين النائب وليد جنبلاط وبعبدا حول قانون الانتخاب، قال: «لا أعتقد بوجود أي أمر عالق بين الوزير جنبلاط وبعبدا، ويجب ألا يكون ولا أعتقد أنه موجود، ولكن هناك تبايناً في مقاربة مسألة قوانين الانتخاب، وهذا التباين موجود بين كل اللبنانيين».
وأضاف: هناك طريقتان لإنجاز قانون الانتخاب إما عن طريق إعداد قانون انتخاب قائم على صحة وعدالة التمثيل وتكون كل القوى السياسية في لبنان تحت سقف هذا القانون النسبي الكامل، بغضّ النظر عن حجم الدوائر التي نتحدّث عنها لاحقاً، ويكون التنافس مفتوحاً أمام كل اللبنانيين، وإما عن طريق الاتفاق على الحصص قبل القانون، ونحن كطرف سياسي نحذّر من ذلك، فإذا فتحنا مجالاً للاتفاق على الحصص، فكل طرف في لبنان سيطالب بحصة قبل وضع قانون، وهذا يعني البدء بنسف الحياة السياسية اللبنانية والعلاقة الوطيدة القائمة على مبدأ العيش المشترك والتمثيل الصحيح بين كل اللبنانيين.
أضاف: لا نستطيع ابتكار طريقة ثالثة، مبدياً خوفه من أن يكون كل هذا التأخير في الصياغة والوصول إلى قانون انتخاب أن كل طرف يعمل على تأمين حصته وعلى ضوئها يتم تركيب القانون الذي سيضمن له الحصة قبل إقراره، وهذا سيدخل البلد في مهاترات المجهول، ويضرب مصداقية القوى السياسية والدولة.
وحضرت المواضيع الوطنية والسياسية في لقاء الرئيس عون ووفد الهيئة الإدارية لـ»تجمّع العلماء المسلمين في لبنان» وتحدّث باسمه رئيس مجلس الأمناء الشيخ أحمد الزين الذي أكد أهمية الوحدة الوطنية اللبنانية والعمل من أجل تعزيزها.
كما تحدّث رئيس الهيئة الإدارية الشيخ حسان عبد الله لافتاً إلى أن التجمّع يطالب بقانون انتخابي عادل يحقق التمثيل الحقيقي من خلال اعتماد النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة. كما أعلن عن دعم التجمّع لمواقف الرئيس عون في مكافحة الفساد ودعم المقاومة، منوّهاً بدور الجيش اللبناني في مكافحة الإرهاب، داعياً إلى «وضع حد للفلتان الإعلامي».
وردّ عون مرحباً بالوفد وأعرب عن أمله في التوصل إلى قانون انتخابي يحقق التمثيل الافضل والمتوازن لكل طائفة. واعتبر أن الوصول إلى نظام المواطنة مرتبط بالثقافة الوطنية، لافتاً إلى أن تطوير القوانين يؤدي إلى الوصول إلى الوحدة بشكل طبيعي.
ورأى رئيس الجمهورية أن الانتساب إلى الوطن لا يكون أضعف من الانتساب إلى الدين، مشدّداً على أن لا وحدة في لبنان من دون وحدة المسلمين ووحدة المسيحيين، لأن هذه الوحدة تحقق وحدة للجميع.
واستقبل عون السيدة نادين ضاهر على رأس وفد من جمعية «لبنانيون»، شرح له أهداف الجمعية وفي مقدمها محاربة الفساد، متمنياً على رئيس الجمهورية دعمها باعتباره رمزاً لذلك.
وردّ عون مرحباً بالوفد، ومؤكداً تصميمه على مواصلة مكافحة الفساد حيثما وجد في الإدارات والمؤسسات ومختلف القطاعات، لافتاً إلى العمل بالتوازي على تنفيذ مشاريع إنمائية في مختلف المناطق اللبنانية، ومن بينها المشاريع المائية والسدود.