روسيا تنفي محادثات مع أوكرانيا لإقامة «منطقة عازلة»

استغربت موسكو تصنيف الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال خطابه في الأمم المتحدة، روسيا كواحدة من الأخطار التي تهدد العالم.

وقال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف للصحافيين أمس إنه «عندما يذكر الرئيس الأميركي ما سماه بالعدوان الروسي في أوروبا من بين التحديات التي تواجه الأمن الدولي، مثل حمى إيبولا وأعمال الإرهابيين، يمكن القول إنني لا أتذكر أياً من أسلافه كان قد وصف مكانة روسيا ودورها في الشؤون الدولية على هذا النحو»، مشيراً إلى أن خطاب أوباما «يبدو غريباً إلى حد كبير».

ولفت أوشاكوف إلى أن أوباما وضع روسيا في المرتبة الثانية على قائمة الأخطار بعد فيروس إيبولا وقبل الإرهابيين من تنظيمات مثل تنظيمي «الدولة الإسلامية» و»القاعدة» اللذين يمارسان نشاطهما بحرية في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما «في تلك الدول التي قامت الولايات المتحدة بالتدخل فيها بصورة غير شرعية وبشكل يخرق القانون الدولي».

وأشار مساعد الرئيس الروسي إلى أنه يوافق على تعليق وزير الخارجية سيرغي لافروف على خطاب أوباما، والذي لا يخلو من السخرية، حيث كان لافروف أكد أن أوباما شدد في خطابه يعكس «رؤية أميركية للعالم شدد فيها مراراً على استثنائيته هو وبلاده. رؤية بلاد سجلت في عقيدتها للأمن القومي حقها في استخدام القوة بحسب هواها، بغض النظر عن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والقوانين الدولية الأخرى».

وفي سياق متصل، قال أوشاكوف إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو بحثا إمكان عقد اجتماع بينهما، إما على انفراد أو بحضور رئيسي ألمانيا وفرنسا.

ولم يحدد يوري أوشاكوف موعداً للاجتماع المقترح، مشيراً إلى إن هذا اللقاء يمكن أن يعقد في إطار ثنائي أو دولي، موضحاً أن الإطار الدولي يعني إطار «رباعية النورماندي»، أي بمشاركة رئيسي ألمانيا وفرنسا.

وأكد المسؤول الروسي أن بلاده تدعم بقاء أوكرانيا خارج أية أحلاف، وذلك تعليقاً على تصريحات الرئيس الأوكراني، التي أعلن فيها إمكان تغيير الوضع الحيادي لأوكرانيا.

من جهة أخرى، أكد أوشاكوف أن الرئيس الروسي بعث رسائل إلى عدد من الرؤساء الأوروبيين بشأن انعكاسات تنفيذ الاتفاق حول الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.

ونفت وزارة الخارجية الروسية أمس، عقد اجتماع بين أي من مسؤوليها العسكريين ومسؤولين في الجيش الأوكراني لوضع تفاصيل منطقة عازلة في شرق أوكرانيا.

وكان مسؤولون عسكريون أوكرانيون قالوا في وقت سابق من يوم أمس إن مسؤولين كباراً من القوات المسلحة الأوكرانية والروسية التقوا لترسيم «منطقة عازلة» مقترحة في شرق أوكرانيا تسحب منها القوات الحكومية والقوى الانفصالية أسلحتها الثقيلة.

وقال المسؤولون إن مجموعة مكونة من الأطراف الثلاثة وتضم أيضاً 76 من المسؤولين العسكريين الروس وممثلي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا اجتمعت في منطقة من مدينة دونيتسك في شرق أوكرانيا.

وكان مبعوثون من أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد اتفقوا خلال اجتماع عقد في مينسك عاصمة روسيا البيضاء في 19 أيلول على إقامة منطقة عازلة بطول 30 كيلومتراً وسحب الأسلحة الثقيلة منها لتعزيز وقف إطلاق النار الذي أعلن في الخامس من الشهر الجاري.

وقال أندري ليسينكو المتحدث باسم الجيش الأوكراني «ستعمل هذه المجموعة على تحديد خطوط الفصل وترسيم ما يسمى بالمنطقة العازلة»، في حين قال مسؤول عسكري آخر: «إن المجموعة «ستراقب الالتزام باتفاقات مينسك والفصل بين الأطراف المتحاربة ومراقبة المنطقة العازلة التي تمتد 30 كيلومتراً».

وفي السياق، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية أمس إن برلين ليس لديها علم بخطط لاجتماع يضم المستشارة أنجيلا ميركل مع رؤسااء روسيا وأوكرانيا وفرنسا، مضيفاً أن ألمانيا ستكون على استعداد للانضمام لهذه المحادثات إذا كانت مفيدة.

وقال شتيفان زايبرت المتحدث باسم ميركل: «لا شيء يمنع حدوث ذلك مجدداً إذا كان سيساعد في تحسين الوضع في أوكرانيا والمساهمة في إرساء الاستقرار على الأرض».

من جانبها، قالت وزارة الخارجية الألمانية أمس إن خطط «الانفصاليين» الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا لإجراء انتخابات محلية في شهر تشرين الثاني ستقوض اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في مينسك.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية سوسن شبلي «إعلان الانفصاليين خطط لإجراء ما يسمى بانتخابات برلمانية في الثاني من تشرين الثاني يعد انتهاكاً صارخاً لاتفاق مينسك الذي جرى التوصل إليه يوم الخامس من أيلول ويضر بعملية السلام الهشة»، وأشارت إلى أن ألمانيا لا ترى سبباً لتخفيف العقوبات على روسيا ما دام اتفاق مينسك غير مطبق بالكامل.

من ناحية ثانية، أكد المندوب الروسي الدائم لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أندريه كيلين استمرار الهدنة في أوكرانيا وانخفاض كثافة القصف هناك بشكل ملحوظ، مشيراً إلى أن الهدنة لا تزال قائمة على مدى 20 يوماً، مؤكداً أن ذلك يزيد من فرص استمرارها ووقف إراقة دماء المدنيين.

وأشار المندوب الروسي إلى أن كثافة القصف في شرق أوكرانيا انخفضت ضعفين أو ثلاثة أضعاف بعد توقيع مذكرة مينسك، لافتاً إلى أن الوضع في أوكرانيا بعد أشهر من الحرب عاد إلى ما كان عليه قبلها، وأضاف أن مسائل الحكم الذاتي ووضع اللغة الروسية والإصلاح الدستوري مطروحة من جديد.

وحمل الدبلوماسي الروسي واشنطن مسؤولية ما وصلت إليه أوكرانيا، مضيفاً أن المعلومات الواردة من هناك تؤكد قيام القوات الأوكرانية باستفزازات وبإطلاق النار، مشيراً إلى أن قوات «الدفاع الشعبي» تحرص فقط على إسكات مصادر النيران التي تهدد المدنيين.

من جهة أخرى، أكد كيلين أن مراقبي المنظمة لا يملكون أية أدلة جدية على وجود قوات روسية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الجانب الروسي مستعد للنظر في مسائل محتملة بهذا الشأن في المؤسسات المعنية.

في السياق ذاته، أكد كيلين أن أربع طائرات من دون طيار تابعة لمراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ستصل إلى أوكرانيا، لافتاً إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق بين الأطراف كافة بما فيها «قوات الدفاع الشعبي» حول استخدام هذه الطائرات.

وأعلن كيلين أنه لا يعرف ما هي خطط مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية، مشيراً إلى أن المجموعة تقوم حالياً بتوضيح تفاصيل بنود بروتوكول مينسك، خصوصاً في ما يتعلق بسحب القوات الثقيلة من المنطقة العازلة، مشيراً إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن عقد اجتماع جديد لمجموعة الاتصال.

من جانب آخر، قال المسؤول الروسي إن الوضع حول التحقيق في تحطم الطائرة الماليزية في شرق أوكرانيا بات أكثر تعقيداً لأن الخبراء الهولنديين المعنيين لا يتوجهون إلى منطقة سقوط الطائرة على رغم أن قوات «الدفاع الشعبي» مستعدة لتهيئة الظروف لعمل المحققين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى