بريطانيا تبدأ بريكست بفرح «الاستقلال»
تضاربت تعليقات الصحف البريطانية على إطلاق عملية «بريكست»، ففيما عبّرت بعضها عن فرحتها واعتبرتها «تحرراً» من الاتحاد الأوروبي، رأتها أخرى «قفزة في المجهول» قد تهدّد وحدة المملكة المتحدة.
وتلقى دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي أمس، رسالة إخطار من السفير البريطاني لدى الاتحاد، جرى تسليمها بوجود صحافيين لتفعيل عملية العدّ التنازلي لخروج بريطانيا من التكتل بمقتضى المادة 50 من معاهدة «لشبونة» التابعة للاتحاد. وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إنّ «بريطانيا بدأت رسمياً عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي».
وعنونت صحيفة «دايلي مايل» البريطانية صفحتها الأولى بكلمة «حرية!»، فيما رأت صحيفة الـ»غارديان» أنّها «قفزة في المجهول» إلا أنّ الصحف البريطانية اتفقت جميعها على نقطة واحدة هي «الطابع التاريخي لعملية بريكست» التي انطلقت أمس.
وأعربت الصحف الأوروبية عن الأسف لـ«الانفصال الأليم» وتوقعت «ورشة عمل ضخمة» وسنوات طويلة من «الشكوك وعدم وضوح الرؤيا».
ووصفت صحيفة «ذي تايمز» عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي بأنّها «أكبر تغيير سياسي منذ الحرب العالمية الثانية».
كما كتبت الصحف المعادية لأوروبا عناوين متباينة كـ»الصن» التي قالت: «أوفر آند آوت» ما يعني أنّ الأمر انتهى، وأوردت هذه العبارة فوق صورة لمنحدرات بيضاء في مدينة دوفر التي يبدو وكأنّها تتحدّى القارة الأوروبية في الجهة المقابلة.
وكسائر الصحف أوردت «دايلي مايل» دعوة تيريزا ماي للوحدة المقدّسة حول بريكست، في الوقت الذي تهدّد فيه طموحات اسكتلندا الاستقلالية والأزمة السياسية في إيرلندا الشمالية وحدة المملكة المتحدة.
واعتبرت «الغارديان» أنّ بريكست «سيضعف الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وقد يجرُّ البلاد إلى حالة من عدم الاستقرار تستمر لعقد على الأقل».
أمّا الصحيفة الألمانية المحافظة «دي فيلت» فكتبت «نقول للشعب البريطاني العزيز إنّ الباب لا يزال مفتوحاً».
بدورها تصوّرت صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية اليسارية سيناريوين لبريطانيا بعد خمس سنوات على عملية بريكست، السيناريو الأول «في أحسن الأحوال تسير الأمور بشكل جيد، تنجح عملية بريكست في لندن ويُعاد انتخاب ماي في العام 2020 ويستمرّ النمو وتبقى بريطانيا موحّدة». والثاني «في أسوأ الأحوال تنهار الأوضاع فتُضطر لندن التي تجد نفسها مخنوقة اقتصادياً في غياب إيرلندا الشمالية واسكتلندا، لأنّ تطلب مجدداً الانضمام إلى اتحاد أوروبي مزدهر».
وقالت ماي للبرلمان «عملية المادة 50 جارية وستترك المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي تماشياً مع رغبة الشعب البريطاني». وأضافت «أنّ بريطانيا ستسعى للاتفاق على شراكتها في المستقبل مع التكتل». فبعد تسعة أشهر على التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، باشرت بريطانيا رسمياً أمس، عملية «بريكست التاريخية» للانفصال عن التكتل الذي انضمت إليه بتحفظ قبل 44 عاماً، على أن تمتدّ لعامين من المفاوضات الصعبة قبل الانفصال التام في ربيع 2019.
وتقول ماي «عندما سأجلس إلى طاولة المفاوضات في الأشهر المقبلة، سأمثل كلّ الناس في المملكة المتحدة، الشباب والمسنين، الأثرياء والفقراء، وأيضاً المواطنين الأوروبيين الذين اتخذوا من هذا البلد موطناً لهم»، وأيضاً «نريد جميعاً أن نعيش في بريطانيا عالمية تبني علاقات مع أصدقائها القدامى وحلفائها الجدد في مختلف أنحاء العالم».
ولا تزال بريطانيا تشهد انقساماً كبيراً بين مؤيدي ومعارضي خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي الذي أيّده 52 من السكان في 23 /06/ 2016.
ونشرت الحكومة البريطانية صورة للحظة توقيع تيريزا ماي على الرسالة التي ستغيّر مصير بريطانيا، وقال مصدر أوروبي «إنه عندما تسلّم رئيس المجلس الأوروبي توسك الرسالة باليد، اعتبر ذلك التفعيل الرسمي للمادة 50 من معاهدة لشبونة، وستكون بريطانيا الدولة الأولى في الاتحاد الأوروبي التي تخرج منه طواعية، بينما يطمح كثيرون للانضمام إليه.
من جهته، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أنّ «خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل الدول الأخرى في الاتحاد أكثر تمسكاً بالوحدة»، مؤكداً أنّ «بروكسل ستعمل على تخفيف عواقب البريكست».
وقال توسك في مؤتمر صحافي في بروكسل إنّ «لندن وبروكسل لن تربحا شيئاً نتيجة المفاوضات المقبلة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي»، مؤكداً: «هدفنا يتمثل في تقليص الأضرار التي ستلحق بالمواطنين وقطاع الأعمال والدول الأعضاء». وأضاف: «سنفعل كل ما بوسعنا من أجل تحقيق هذا الهدف». ووعد رئيس المجلس الأوروبي بتقديم اقتراحاته بشأن المفاوضات بين بروكسل ولندن يوم غدٍ الجمعة.
وأكد توسك أنّ «بريطانيا تبقى دولة كاملة العضوية في الاتحاد الأوروبي قبل خروجها رسمياً منه»، مضيفاً: «لم يتغيّر شيء اليوم».
قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس، إنّ «خروج لندن من الاتحاد الأوروبي «سيكون مؤلماً للبريطانيين»، معتبراً أنّ بريكست «سترغم أوروبا على المضي قدماً من دون شك بسرعات متباينة».