عوض: جودة العمل المسرحي تضمن استمراريته
رنا صادق
«العيشة بالمخيم ما كنتش زي هلّق، كانت الناس ساكنة بشوارع، كل بيت بلزق التاني، وأحياناً كان في حيط مشترك بين البيوت، على أساس بيرجعوا بعد أسبوع، ما رجعوش!».
مشهدٌ من «أيّوبة»، المسرحية التي تحمل اسم بطلتها، والتي تعرض على خشبة مسرح المدينة. «أيوبة»، اللاجئة الفلسطينية التي عانت التهجير، الفقر ومعاناة العيش. تتجسّد الحبكة باقتباس عن قصص حقيقية لثلاث نساء فلسطينيات من مخيمَي الرشيدية وبرج البراجنة، جُمعت في قصة «أيّوبة» ضمن حوار دار بين النساء الثلاث عن مراحل حياة «أيّوبة» في بيت والد زوجها «جابر».
«الحمدلله»، كلمة لطالما واست «أيّوبة» التي عانت اللجوء في ظلّ مجتمع يهمّش المرأة ويهدر حقوقها، ومعاناة الزواج التقليدي الذي حرمها من أبسط سبل الحرية، وحرمها معه رؤية والدتها. رافقها حلم «أيّوبة» بحق العودة. بين مأساة اللجوء ومأساتها الفردية يتمثّل اختصار للقضية الفلسطينية من جهة، وقضية المرأة العربية من جهة أخرى، وتمكّنت «أيوب»» من إيجاد مخرج لها من ظلم حياتها.
بطلة المسرحية «أيّوبة» تحمّلت وصبرت على معاناتها. وموازةً لذلك سمّيت «أيّوبة»، واكتفت بتربية أطفالها وحدها رغم احتكار زوجها لحقوقها، والعنف الذي تعرّضت له، ولأبشع أنواع الظلم من زوجها وأهله مع مرارة اللجوء.
ولم يكتفِ الكاتب والمخرج المسرحي عوض عوض بذلك، بل توسّع إلى القهر الذي تتعرّض له النساء من النواحي الاجتماعية والحياتية في ظل الفقر والجوع والحرمان.
أدّت دور «أيوبة» في مراحلها العمرية المتقدمة الممثلة والمخرجة والأستاذة في مسرح «الجامعة اللبنانية الأميركية» عليّة الخالدي، الحائزة على ماجستير في الإخراج المسرحي ودكتوراه في المسرح العربي من جامعة لندن. ويذكر أن الخالدي أخرجت «الهلافيت»، «أيام بيروت»، «المخلوطة»، «80 درجة»، و«عنبرة»، التي اختيرت لتمثل لبنان في مهرجان أيام قرطاج المسرحية نوفمبر 2016 . أدّت إلى جانبها المخرجة والممثلة الفلسطينية ميرا صيداوي دور «أيّوبة» بعقدها الثالث، التي أخرجت فيلمها الوثائقي الأول تحت عنوان «مخيم ع دواليب أربعة»، وشاركت في عدد من المسرحيات، من أهمها مسرحية «سيستيماتيكال» لبديع أبو شقرا، و«قفص» من إخراج لينا أبيض. ومثلّت في أفلام قصيرة وطويلة مثل: «ترخيص»، «بدل عن ضائع»، و«نفسي». وشاركت الممثلة تالا النشّار بدور «أيوبة» في مرحلة الصبا، وتجدر الإشارة إلى أن النشار شاركت بمسرحية «بورديلّو»، وعملت كمديرة خشبة المسرح مع المخرجين لينا خوري، روان حلاوي وجاك مارون.
جاءت المسرحية ضمن كادر درامي كوميدي مع لمسة فنية خاصة من الممثلين أنتجت تجاوباً ملحوظاً مع الجمهور. وفي هذا الصدد أشار الكاتب والمخرج المسرحي عوض عوض إلى أنّ «أيّوبة» استمرت كتابتها حوالى سنة، والنصّ مبنيّ على مقابلات مع لاجئات فلسطنيات كثيرات. وتجسّدت القصّة بامرأة واحدة من تمثيل ثلاث ممثّلات. تتطرّق المسرحية إلى قضية المرأة بشكل خاص، هي مسرحية نسوية لها منحى سياسي إنساني فلسطيني من قضية اللجوء. وأكّد عوض أن كتابة السيناريو تتنازل في تركبيتها لصالح الناحية الإخراجية، ويأتي هنا الفصل بين الكتابة والإخراج. وأكد أن ثمة نظرة سلبية خاطئة عن الشعب الفلسطيني أنه محبّ للحرب، والقتل والدمار، بل على العكس الشعب الفلسطيني يحب الفنون، والغنى والإبداع، وهذه المسرحية هي رسالة للناس لتثبت عكس هذه النظرة.
وأخيراً، أشار عوض إلى أن الشعوب كلّها تحتاج إلى المسرح، لأنه يطرح القضايا المعاشة بشكل مباشر، مع التواصل بالجمهور عن قرب، على اختلافه. والعمل الجيد يصل صداه إلى الناس، وجودة العمل المسرحي تضمن استمراريته.
وتجدر الإشارة أن هذه المسرحية هي العمل الخامس لعوض، ومنها «أولن في حلّ»، «صدور العمّات»، «سفرجل»، و«بورديلّو» التي عرضت قضايا اجتماعية وسياسية.