هل حان موعد التسويات الكبرى في المنطقة؟
نور الدين الجمال
عزا مصدر سياسي دخول أردوغان والحكومة التركية على خط الأزمة السورية مباشرة، إلى أنّ تركيا ترفع سقفها في الموضوع السوري نتيجة توتر علاقاتها مع كل من مصر والسعودية، إضافة إلى أن هناك حرباً شعواء على الإخوان المسلمين في تونس، ومصر تساعد الأطراف التي تحارب الأخوان في ليبيا، ولذلك تعتبر تركيا أن كلما أصبح تنظيم «داعش» يشكل خطراً على سورية والعراق كلما أصبحت الفرصة مهيأة لها داخلياً ودولياً وميدانياً للتدخل في سورية على وجه التحديد، وهذا يتقاطع مع المسعى التركي الدائم منذ بداية الحوادث في سورية إلى إقامة شريط حدودي ومنطقة عازلة في الشمال السوري، وخلفية كل ذلك حجز مقعد لتركيا في أية تسوية تحصل في سورية.
ويضيف المصدر: الطرف السوري يستفيد من عمليات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وإن لم يكن جدياً بصورة كاملة، فهذه العمليات بدأت تسفر عن حصول بلبلة داخل صفوف التنظيمات الإرهابية «الإسلامية» من خلال التصفيات والاغتيالات المتبادلة والتي أدت في بعض المراحل إلى استسلام المئات من هذه المجموعات الإرهابية إلى الجيش السوري وهذا الواقع ينطبق على عدرا العمالية وعدرا البلد اللتين سقطتنا بيد الجيش السوري بزمن قياسي.
ويوضح المصدر بأن الوزير وليد المعلم بعد عودته من اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة واللقاءات التي أجراها مع وفود عربية وأجنبية أكانت بصورة علنية أو بعيدة من الأضواء، رسم انطباعاً مريحاً وإيجابياً عن هذه اللقاءات، خصوصاً لناحية أن كل الوفود التي التقى معها حتى التي كانت لها مواقف سلبية من سورية ومما يحصل فيها من إرهاب، اعترفت بأن القيادة السورية كانت محقة عندما أعلنت منذ بداية الحوادث فيها بأن ما تشهده من أعمال تخريبية وتدمير للبنى التحتية وارتكاب للمجازر هو نتيجة مؤامرة دولية وإقليمية وعربية لتدمير الدولة الوطنية السورية وإلغاء دورها المحوري في المنطقة، وليس هدف هذه الأعمال الإرهابية الإصلاح السياسي والديمقراطية والحرية، كما كان يدّعي الغرب ومن معه في المنطقة، ولذلك فإن الموقف الروسي كان ولا يزال وخصوصاً بعد إعلان قيام تحالف دولي لمحاربة الإرهاب أحادي الجانب ومن دون تغطية من مجلس الأمن الدولي، بأن الطريقة التي يتبعها التحالف في شن الغارات على أهداف ومواقع لتنظيم «داعش» أكان في العراق أو سورية لن تؤدي إلى شيء، بل على العكس ستزيد من مخاطر الفوضى في المنطقة ويمكن أن تخرج عن السيطرة في أي لحظة.
ويكشف المصدر عن مدى أهمية التعاون الأميركي ـ الإيراني في معالجة ملفات كثيرة في المنطقة إذا كانت النيات الأميركية صادقة، فمثلاً في أفغانستان حصل مثل هذا التعاون والذي ترجم بوصول رئيس جمهورية مدعوم أميركياً ورئيس السلطة التنفيذية مدعوم إيرانياً، وإذا انسحبت ملفات أخرى في المنطقة والعالم على هذا المستوى الأفغاني، فيمكن عندها حصول تسويات كبرى لن يكون الروسي بعيداً منها، بل سيكون الطرف الأساسي في وجود تركيبة ونظام عالمي جديد يقوم على تعددية الأقطاب.
ويقول المصدر: إن الجمهورية الإسلامية في إيران هي في مرحلة إعادة تقييم سياستها بعد الذي حصل في العراق وبعد إعلان التحالف لمحاربة الإرهاب، وبعدما تبيّن لها أن البنية العسكرية في العراق ليست متينة، وهي لذلك تسعى في محاولة لتدوير الزوايا وخلق مناخات أكبر لتخفيف التوتر السنّي ـ الشيعي في المنطقة، ومن هنا يرى المصدر بأن الحوار الأميركي ـ الإيراني ـ السعودي يتوقف نجاحه على ملفين أساسيين، الأول سورية والثاني النووي. وفي هذا السياق تأتي أهمية الموقف المصري الذي يلعب دوراً إيجابياً في تواصله مع الطرف السعودي لكي لا يكون لتركيا أي دور على الساحة العربية بما فيها سورية والعراق. وفي حال نجحت مصر في جعل السعودية توافق على الحل السياسي في سورية بوجود ورعاية الرئيس الأسد لهذا الحل، فهذه تعتبر خطوة متقدمة يمكن أن تحرج الإدارة الأميركية من دائرة الإحراج.
وكشف المصدر أخيراً عن أن تركيا تسعى إلى فتح خطوط تواصل بين «داعش» والإدارة الأميركية كما حصل في تواصل حركة طالبان مع أميركا عبر دولة قطر.