عين العرب… على عينك يا تاجر

«توب نيوز»

بصورة لا تتناسب مع كلّ الكلام الأميركي والتركي عن المواجهة مع قيام إمارة «داعش»، والاستعداد لقتالها وصولاً إلى إسقاطها، يتمدّد مقاتلو «داعش» نحو عين العرب المعقل الكردي على الحدود السورية التركية، ويصير أمر سقوطها شبه محتّم بعدما تُركوا يحشدون تحت ضوء الشمس كلّ السلاح الثقيل من دبابات وصواريخ ومدفعية غنموها من الجيش العراقي خصوصاً ومن مستودعاته، كما تُركت حشودهم البشرية تتحشّد من العراق لتشكل تفوّقاً بنسبة عشرة لواحد مقابل المقاتلين الأكراد في عين العرب.

ما يجري في عين العرب يطرح مصداقية حلف الحرب على «داعش» على محك أقوى من محك أساسي معلوم، وهو الدور الأصلي لمكوّنات هذا الحلف من السعودية وتركيا، كما قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن رغم الاعتذار عن الأذى الذي تسبّب به كلامه من دون التراجع عن كلمة أو حرف منها، ومثلها تتمة الحديث بسؤال عنوانه: هل تمّ ذلك الذي تحدّث عنه بايدن من دون معرفة ورضى أميركيّين؟

لكن بعدما أعلن حلف الحرب، يمكن القول أو الافتراض أنّ ما جرى كان سوء حساب، وانّ المراجعة تمّت وتتمّ، وبالتالي وعى الحلفاء متأخرين خطورة ما فعلوا ويسعون إلى تصحيح المسار، فهل هذا صحيح وقابل للتصديق؟

قبل الذي يجري في عين العرب يقول مسار تشكيل الحلف نفسه، أنّ الأسئلة تبقى بلا أجوبة بل تستجلب المزيد من الأسئلة، فمن يريد حلفاً لحرب تطال مصير الإنسانية وتتخطى الخلافات والانقسامات كما قال الرئيس الأميركي يتوجه نحو روسيا والصين وإيران وسورية، أيّ الخصوم التقليديّين والذين يشكل وجودهم في الحلف قيمة مضافة تغيّر الموازين كلها ولا يكشف الوجوه عن حلفاء معلوم أنهم حلفاؤه ظالماً أو مظلوماً.

ذهب الأميركي إلى حلفه بالتحالف مع السعودية وجرجرت تركيا ببطء ذيلها للقول أخيراً لا بدّ من الدخول للحلف، واكتملت العدة نظرياً وقانونياً بالقرارات الصادرة عن البرلمانات والحكومات.

جاءت معركة عين العرب لتكشف صدق النوايا، وحقيقة السياسات، فالبلدة الكردية تقاتل منذ شهرين وحدها، وطائرات التحالف التي فعلت المستحيل لحماية أربيل من السقوط لا تحرك ساكناً، والقوات التركية البعيدة عشرات الأمتار تتخذ الإجراءات للتضييق على المقاتلين الأكراد الراغبين بالالتحاق للدفاع عن عين العرب، وتضع تركيا في المفاوضات مع قادة القوات المدافعة عن عين العرب شروطاً للسماح بمرور المقاتلين فقط وليس لتقديم الدعم الناري والعسكري لمنع سقوطها، والشروط مذلة يصعب قبولها من عيار الالتحاق بالقيادة التركية والمشاركة في القتال ضدّ الجيش السوري.

يستطيع ايّ مراقب أن يسجل مذبحة عين العرب ويكتب أنها مجزرة أوباما وأردوغان بحق الأكراد، وأنها تسليم باليد لـ»داعش» لخط الحدود مع تركيا لتنظيفه من القوات الكردية غير المنضبطة بقيادة مسعود البرزاني، الذي لم يرفّ له جفن أو يعلن انّ بيشمركته ستهبّ لنجدة كوباني، الاسم الكردي لعين العرب.

من ضمن السيناريوهات المتداولة أن يقوم الجيش التركي باسترداد عين العرب من «داعش» بعد سقوطها من يد الأكراد ليد «داعش»، بمسرحية عسكرية تشبه مسرحية خطف الرهائن الأتراك والإفراج عنهم من قبل «داعش».

حلف الحرب على «داعش»، حليف لـ»داعش» حيث تقتضي المصلحة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى