الممثل السينمائيّ هادي أبو عيّاش: الأدوار القيادية التاريخية تستهويني
رنا صادق
حين تتعدّى الموهبة الآفاق، تتنامى مع الحلم للوصول إلى المبتغى، وتتأرجح بين الطموح والموهبة، وتنتج فنّاً جاذباً مؤثّراً ذا مستوى رفيع. ووسط زحمة الأعمال الهابطة، يبقى للعقل متنفّس ضيق ينتج عنه شيء من الفنون الخلّاقة، عبر مرشّحين جدد، مؤهلين للدخول في عالم التمثيل، الغناء والأعمال المسرحية.
التمثيل مهمة صعبة تحمل في طيّاتها رسالة مجتمعية، حسّية انفعالية، أو علمية اكتشافية. اختار هادي أبو عياش أصعبها. عمد بشتّى الوسائل في تجربته الأولى في فيلم «اسمعي» على الحسّ والإحساس لدى المشاهد.
هادئٌ نوعاً ما، مخيفة قدراته في جذب المُشاهد، راق إحساسه، برزت موهبته مع فيلم «اسمعي» وأنتج حالة جعلت منه والفيلم حديثَ البلد، منذ بداية عرض الفيلم في دور السينما.
أيام المدرسة كانت جميلة، إذ تركت ذكرياته أثراً في جوّانيته. كان مشاغباً بدرجة دكتوراه، تنقّل من مدرسة إلى أخرى، لكنّه طُرِد في نهاية سنة دراسية لأسباب عدّة منها الاستقلالية والنضوج المبكر، الشغب المسالم، والروح الثورية التي لم تناسب قوانين مدرسته. ترك جميع أصدقاء الطفولة والتحق بمدرسة قرب بيته في عرمون حيث تعرّف إلى أصدقاء عمره.
أفكاره المجنونة الخيالية أقلعت به نحو الأفق في إثبات موهبته، إلى جانب موهبته في التمثيل، يملك أبو عيّاش موهبة العزف على الغيتار وتقسيم الألحان.
مشاهدة أعمال الممثلين دفعته نحو التمثيل في الأعمال السينمائية، كما أن الأدوار في الأفلام تسمح له أن يكون ما يريد، من محقّق أو شرطيّ إلى رئيس جمهورية في كوكب المريخ، إلى كائن غريب، الجار الثقيل، المجرم، المضحك.
«اسمعي» كان تجربة أبو عياش الأولى، واحتاج إلى خبرة في التمثيل في علم السينما الذي يتطلّب أسلوباً معيّناً، وخاصةً في ظل مخرج مخضرم مثل فيليب عرقتنجي. صُمّم الفيلم على نضوج في الحواس وخاصةً السمع، بما أن الشخصية مهندس صوت التي كان يؤديها، ويعبّر عنها من خلال تسجيل الأصوات والإحساس بها.
يعتبر أبو عياش أنّ الشهرة الجميلة تقوم على محبة الناس المبنيّة على العمل المتعب الشاق، والإيمان بالعمل السينمائي. فالسينما فنّ رائع وجمهورها غالباً ما يكون مميّزاً. «اسمعي» أعطى أبو عياش بطاقة الدخول إلى عالم السينما في لبنان والعالم، إلى أن بات اسمه موجوداً في هذا المجال الذي يرى لنفسه مستقبلاً شيّقاً فيه.
تشارك هادي أبو عياش الشخصية التي كان يؤديها في عدد من الصفات كحبّ الطبيعة واعتبارها مصدراً للالهام، الرومنسية، الوفاء للشريك، الحبّ والجهد في العمل.
يشير أبو عياش إلى أنه سوف يدخل عالم الدراما التلفزيونية هذه السنة، بعد أن شهدت المسلسلات تطوّراً لافتاً، وبدأت تتّخد طابعاً سينمائياً وهذا أمر ممتاز بحسب رأيه.
علاقة حبّ في التعبير عن المشاعر والمكنونات مع ما حوله في قصة مليئة بالصدق تربطه والتمثيل، بهدف مشاركتها مع عدد كبير من الناس، بصدق ونيّة صافية بعيداً من الادّعاء. وهي كما يرى أنها رحلة لاكتشاف نفسه أكثر وأكثر، ومحاولة التطوير المستمرّ للذات والشخصية، والمساهمة في التغيير إلى الأفضل، يتشارك مع هذه الخصائص العقل والجسد بحواسه وروحه والمرح أيضاً. ويحتاج التمثيل إلى مخرجين شباب، كتّاب نَفَسهم طويل يكتبون بهدف تطوير المجتمع وسوق العمل وتحسينهما، كما يحتاج الواقع الفني إلى ممثلين شغوفين، إضافة إلى منتجين مستقلّين هدفهم فنّي أكثر من مادي، وجمهور يقدّر الأعمال الفنية ويدعمها، وأخيراً إلى دعم جهات رسمية للممثلين أو الأعمال فنية، وتؤمّن لهم مساحة ملائمة للتطوّر والتفاني، وتأمين طرق لتبادل الخبرات مع الخارج.
وعن سؤاله عمّا إذا كانت إضافة مشاهد حميمة على الفيلم تعطيه قيمة عاطفية أو تضعه في خانة المحرّمات، يقول: تعطي الحالتين معاً، وخاصةً في المنطقة العربية، يعود الأمر إلى طريقة الإخراج وذكاء المخرج في الحصول على ما يحتاجه عمله من أجل إيصال فكرته وقصّته بطريقة فنية. غير أن فكرة المحرّمات فكرة متفاوتة ويختلف معناها بالنسبة إلى كل فرد. بالنتيجة، إن العمل الفني الحقيقي هو العمل الذي يعيد تركيب مفهوم المحرّمات في المجتمع ويفتح آفاقاً جديدة للتفكير.
يعطي التمثيل لأبو عياش لذة اكتشاف النفس، محبة الناس، القدرة على التعبير عن أفكار جوهرية وإيصالها إلى الكثيرين، والتعرّف إلى قيمة الأشياء ومعانيها حين يعيشها الفرد. كما يطمح دائماً إلى تأدية أدوار مميزة مثل القادة من التاريخ ودراسة حياتهم.
هادي أبو عياش الممثل الطموح، قادر على ترجمة ما في داخله عبر الفنّ، ولديه أهداف ضمن المجالين التمثيلي والإخراجي بعيدة المدى. كما يعمل الآن على مشروع بيئيّ في لبنان.