شادي المولوي من «ضيف حكومي» إلى «أمير لطرابلس» كبارة والأحدب يقودان وساطة «تهريب» «داعش التبانة»

كتب المحرر السياسي:

الطريق لتمديد ولاية المجلس النيابي يبدو سالكاً، بعدما أدى الإعلان الرسمي لتيار المستقبل عن قرار مقاطعة الانتخابات النيابية في حال إجرائها، إلى تذليل عقبة اعتراض الرئيس نبيه بري على التمديد، على قاعدة ميثاقية يتلوها لزواره، لن أذهب إلى انتخابات يقاطعها مكوّن أساسي بين اللبنانيين، على رغم أنّ المناقشات تدور دستورياً، بين صيغتين للتمديد، واحدة وفقاً لما اعتاد عليه اللبنانيون منذ عام 1976، بموجب قوانين تعدّل مدة ولاية المجلس المنتخب بمفعول رجعي، وصيغة تتحدث عن قوة الاستمرار منعاً للفراغ عملاً بمبدأ تسيير المرفق العام، علماً أنّ حجة هذا المخرج تبدو ضعيفة دستورياً، في ظلّ النص والعرف، والاجتهاد الفرنسي، بتولّي الحكومة في حال حلّ المجلس وتعذر انتخاب بديل منه لصلاحياته، فتصير الحكومة منافية حكماً لمبدأ فصل السلطات، ويصير الفراغ واحداً من اثنين، إما أن يشكل بسبب درجة شذوذه عن المقبول حافزاً لتسريع إعادة تكوين السلطات، أو يصير بقوة العادة وتحوّل الموقت إلى دائم، نموذجاً جديداً للفرادة اللبنانية.

من حسنات إغراء التمديد، كانت الحملة الباهتة التي نظمها قادة فريق الرابع عشر من آذار على عملية المقاومة في مزارع شبعا، على رغم محاولاتهم النيل منها، بينما بقيت ردود الأفعال «الإسرائيلية» تتركز على محاولة فهم فحوى الرسالة التي أرادتها المقاومة من عملية بهذا الحجم وبهذه العلنية وبسرعة التبنّي وإعلان المسؤولية، بما يعادل الذهاب إلى الحرب، واكتفت المصادر الحكومية «الإسرائيلية» بمفردة الاحتفاظ بحق الردّ.

بقيت عملية مزارع شبعا تزرع في جمهور المقاومة ومسانديها روحاً معنوية عالية، لم تفتّ من عضده ولا تنال من قوته التصريحات، وانعكس في بيئة المقاومة تصاعداً وحماسة في التطوّع والتسابق على جبهات القتال مع الإرهاب التكفيري، حيث شهدت جبهات القلمون وخصوصاً في محاور الجبة تقدماً مهماً للمقاومة، فقد تمكن المقاتلون من السيطرة على موقع أم خرج الذي يبعد بضعة كيلومترات عن عين الساعة التي استهدفها هجوم «جبهة النصرة» يوم الأحد الفائت، ويقع على ارتفاع 2500 متر ويُعتبر موقعاً استراتيجياً مهماً في الإطلالة على سائر مواقع جبال القلمون، بينما كانت العيون تتجه نحو الشمال وما يجري في مدينة طرابلس، بعد فشل المساعي السلمية التي قادها مشايخ ووجهاء حي التبانة، لتفادي دخول الجيش اللبناني بمداهمات بحثاً عن المطلوبين، الذين باتوا يشكلون فرع «داعش» في الشمال ويتزعّمهم شادي المولوي وأسامة منصور، وتعقدت مساعي المشايخ الذين انسحب بعضهم احتجاجاً على عدم تقيّد المولوي ومنصور بالاتفاق على التواري الإعلامي والسياسي والأمني، تمهيداً لمخرج ينهي الأزمة.

المجموعة مكوّنة من قرابة الثلاثين شخصاً منهم أكثر من عشرين من جماعة «داعش» من السوريين الفارّين والمختبئين في لبنان، وزعيمها شادي المولوي، وشادي المولوي الذائع الصيت بعدما أوقفه الأمن العام اللبناني بناء على مراسلة دولية، تفيد بتصنيفه إرهابياً خطيراً وأفرج عنه بقرار حكومي قاده الرئيس نجيب ميقاتي، وانتهى بنقل المولوي بطلاً فاتحاً إلى طرابلس بسيارة الرئيس ميقاتي ورعاية وحضور نواب تيار المستقبل وجمهوره والوزير محمد الصفدي، هو شادي المولوي نفسه الذي يعلن نفسه أميراً لـ«داعش» الشمال وربما لبنان، من دون أن يتوقف أحد ليسأل أحداً عن ممارسة هذا النأي بالنفس، أو هذا التطاول على المؤسسات الذي ترجمه يومها تيار المستقبل، بحملة شعواء للمطالبة بإقالة اللواء عباس إبراهيم باعتباره يخوض حرباً تستهدف طرابلس والشمال على أساس مذهبي وسياسي، خارج ما قالوا يومها أي شبهة تورّط بالإرهاب تبرّر التوقيف، فهل ثبتت صحة الحسابات والمواقف وتبيّن أنها تنطلق من مصلحة وطنية، وتعبّر عن حرص على أمن البلد، أم أنها بأحسن الأحوال والحسن من النوايا، انسياق غرائزي أعمى وراء مسايرة لشارع يسيطر عليه التكفيريون، ويرسمون فيه لمن يسمّون أنفسهم قادة الاعتدال مواقفهم فيورّطون ويتورّطون ويضعون لبنان في عين العاصفة؟

آخر المحاولات للحلّ السلمي يقودها ثنائي نواب طرابلس محمد كبارة ومصباح الأحدب، وتقوم على تهريب المطلوبين تحت جنح الظلام بواسطة مركب بحري، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، ليبدو اختفاؤهم مخرجاً مناسباً، ويبدو أن المولوي لا يزال يرفض هذا المخرج ويصرّ على البقاء في باب التبانة، مراهناً على خوض معركة، تقول أوساطه أنها ستشعل طرابلس وتغيّر معادلات الشمال.

ورصدت مساء أمس تحركات مريبة للجماعات الإرهابية على أطراف بلدة نحلة البقاعية في السلسلة الشرقية، وذلك بعد الهجوم الفاشل الذي كانت شنته تلك الجماعات يوم الأحد الماضي على جرود بريتال.

في غضون ذلك، تابع فريق «14 آذار» وعلى رأسه تيار «المستقبل»، وبلسان رئيسه وكتلته النيابية، كلامياً ما كانت بدأته «إسرائيل» عسكرياً رداً على عملية المقاومة ضد دورية «إسرائيلية» في مزارع شبعا المحتلة التي سادها الحذر أمس.

وإن كان حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري أهملا تلك المواقف المتوقعة، اكتفت مصادر مقربة من الحزب بالقول لـ«البناء» إن هذه المواقف «تعكس أن تيار المستقبل لا يزال يفكر بالعقلية ذاتها، وهذا ما يظهر في ممارساته ومواقفه»، فيما أكد مصدر نيابي في حزب الله لـ«البناء» أن «من حقنا الرد على كل خرق واعتداء يقوم به العدو، لا بل أن من حقنا أيضاً استمرار العمل المقاوم بكل أشكاله وفي كل وقت هذا العدو الذي لا يزال يحتل مناطق لبنانية ويهدد سيادتنا وكياننا».

وقال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش إنه «إذا كان هناك من ينزعج من قيام المقاومة بممارسة حقها المشروع، فذاكرة البعض كأنها أصيبت بحالة من الوهن، لأنهم نسوا أن شبعا أرض لبنانية»، وأوضح أن «كل هذه الخروق «الإسرائيلية» يتناساها البعض، وعندما تقوم المقاومة بممارسة حقها المشروع بردع العدوان، نبدأ بسماع المواقف التي باتت غير مستغربة لأنّ البعض لا ينطلق من حسابات المصلحة اللبنانية».

أما بالنسبة لرفض بعض الأفرقاء الهبة العسكرية الإيرانية، فشدد فنيش على أن «هذا كلام هدفه تعطيل حصول الجيش على إمكانات لتمكينه من مواجهة الجماعات التكفيرية».

واستأثرت عملية شبعا بقسم من الحديث الذي تناوله الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي أمس، مؤكداً مرة أخرى وجوب السؤال أولاً حول الاعتداءات «الإسرائيلية» المستمرة.

ورفض التعليق على مواقف بعض الأطراف اللبنانية، معتبراً أن ما سمعناه وقرأناه في هذا المجال ليس جديداً بل هو متوقّع ومعروف.

وكان الرئيس سعد الحريري وصف العملية بأنها «مغامرة جديدة وخطوة في المجهول لا تضيف إلى لبنان أي مصدر من مصادر القوة».

القطري يعاود لم يعاود وساطته

وعلى صعيد قضية العسكريين المخطوفين من قبل «داعش» و«جبهة النصرة» تضاربت المعلومات في شأن مصير الوساطة القطرية. ففي حين قالت مصادر مطلعة إن هذه الوساطة انطلقت من جديد وفق الأصول مشيرة إلى أن الأمور تبقى في إطار السرية بحيث أن ما يتم في هذا الشأن محصور برئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كما أوضحت أن فتح أهالي العسكريين طريق ضهر البيدر إنما أتى نتيجة وعود معينة من قبل وزير الصحة وائل أبو فاعور، أكد في المقابل عضو «هيئة علماء المسلمين» الشيخ حسام الغالي لـ«البناء» أن الوساطة القطرية توقفت «لأن هناك جهة سياسية في البلد ترفض المقايضة». واستغرب الغالي هذا الموقف قائلاً: «إن الموقوفين في سجن رومية الذين يطالب تنظيم «داعش» بإطلاق سراحهم، لن يبقوا في لبنان فهم سيذهبون إلى سورية. فلماذا لا يطلق سراحهم وإنهاء الواقع المأزوم الحاصل؟». وفي الوقت عينه، جدد الغالي دعوته المسلحين إلى تصحيح الخطأ الذي اعترفوا أنهم ارتكبوه بدخولهم عرسال، لافتاً إلى «أنه يؤيد قتالهم في سورية وضد حزب الله، إلا أنه لا يؤيد ما اقترفوه بحق الجيش اللبناني والقوى الأمنية»، معتبراً أن أسر الجنود خطأ كبير يجب تصحيحه.

وفي مسلسل الخطف المتواصل في بلدة عرسال خطف مسلحون أمس من البلدة المواطن توفيق وهبي واقتادوه إلى الجرد.

من جهة أخرى، أعاد أهالي العسكريين المخطوفين طريق ضهر البيدر بعد 16 يوماً من إقفالها والتسبب بأضرار فادحة للحركة الاقتصادية في البقاع ولا سيما القطاع الزراعي، لكن الأهالي الذين نقلوا اعتصامهم إلى ساحة رياض الصلح وقطعوا شارع المصارف، توعدوا الحكومة «بخطوات تصعيدية مؤلمة ومفاجئة للحكومة في العاصمة وجبل لبنان» لم يحددوا طبيعتها، في حال استمر رفض المقايضة.

وجاء قرار فتح الطريق بعد لقاء الوزير أبو فاعور الأهالي في ضهر البيدر. وأكدت مصادر مطلعة أن القرار أتى نتيجة وعود معينة من قبل أبو فاعور، لم تفصح المصادر عن ماهيتها.

وعلم أن تصعيد الأهالي قد يطاول طريق المطار والسفارة التركية في الأيام المقبلة على أن يصبح اعتصام رياض الصلح مركزياً، فيما طوقت القوى الأمنية هذه المنطقة من كل الاتجاهات بعد تداول معلومات عن أن الأهالي سيغلقون كل الطرق المؤدية إلى المجلس النيابي اليوم.

لا انتخاب نعم تمديد

على صعيد آخر سيكون مصير جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقرّرة ظهر اليوم كسابقاتها، وبالتالي سيدعو الرئيس بري إلى جلسة أخرى في موعد لاحق.

ولفت وزير العمل سجعان قزي إلى أن «حظ حصول الانتخابات الرئاسية لا يزال منخفضاً»، مؤكداً «أننا لا نزال نؤيد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، حتى الوصول إلى مرشح يجمع كل قوى 14 آذار ويحصل على أصوات من قوى أخرى أيضاً».

أما بالنسبة للتمديد للمجلس النيابي فقد أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الأكثرية الساحقة من القوى السياسية باتت تؤيد التمديد، والاتجاه هو إلى إقرار القانون مع تقصير مهلة توقيعه من جانب مجلس الوزراء مجتمعاً، في ظل شغور رئاسة الجمهورية، إلى خمسة أيام بالاستناد إلى المادة 56 من الدستور في شأن القوانين التي يستعجل المجلس إصدارها. وعلمت «البناء» أن الجلسة التشريعية الخاصة بالتمديد من المرجح أن تنعقد في أواخر هذا الشهر أو الأسبوع الأول من الشهر المقبل، ولا سيما أن الرئيس بري لن يذهب إلى إجراء انتخابات نيابية في غياب مكون أساسي بعد إعلان الرئيس الحريري أن تيار «المستقبل» سيقاطع الانتخابات.

وقال مصدر سياسي مطلع إن موقف الحريري وعلى رغم أنه يعلن رفضه المشاركة في الانتخابات قبل انتخاب رئيس للجمهورية، سببه الأساسي هو ما يواجهه «المستقبل» في مناطق نفوذه من تمدد للتيارات السلفية والمتطرفة.

من ناحية أخرى، أكد الرئيس بري «أنه سيعالج سلسلة الرتب والرواتب بأسرع وقت، وأن مساواة التعليم الرسمي بالتعليم الخاص أمر محسوم وجرى بتها ولهذه الغاية سيترأس نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري جلسات اللجان المشتركة قبل ظهر الاثنين المقبل، بتكليف من بري للبحث في ملف السلسلة انطلاقاً من مبدأ المساواة في الحقوق على أن تعقد جلسة عامة لإقرارها إذا تم التفاهم بين الكتل السياسية، قبل نهاية الشهر الجاري.

وأعلن بري إن موضوع المهل المتعلقة بالانتخابات النيابية سيكون على جدول أعمال الجلسة المذكورة، مشيراً إلى أن الوقت سيكون متاحاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى