أوباما يهاجم الإرهاب وبلاده تتحالف مع القاعدة في «اليمن السعيد»!!

تتفاقم الأحداث في اليمن على وقع عاملين:

الأول: انتقاد أميركي ـ سعودي لدور الحوثيين المتصاعد، وثانياً الهجمات الانتحارية التي تشنها منظمة «القاعدة» الإرهابية على المدنيين في اليمن.

أما العامل الثالث المواكب فهو محاولات الإعلام الغربي والعربي الموالي له والتركي، تصوير الحوثيين كمرتزقة آتين من إيران لتدمير اليمن.

ويشعر المتتبّع للإعلام الغربي في محاولاته لشيطنة الحوثيين كما يشعر بحجم التآمر الآثم على هذا البلد، لم تلفظ محطة تلفزة اسم الحوثيين إلا ومقرونة بالصفة الإيرانية والتآمر «الصفوي»، والمضحك أنّ الحوثيين جزء من الزيديين الذين يحكمون اليمن الشمالي منذ ألف عام تقريباً.

وهم عرب عاربة ينتمون إلى مذهب وسطي في الإسلام يختلف عن الحنبلية والإثني عشرية في آن معاً. يميل تارة إلى هذه ويرتدّ تارة أخرى إلى تلك.

… الحوثيون يجنحون إلى الفهم الإثني العشري للإسلام منذ ثورة الإمام الخميني كوسيلة للاحتجاج على النفوذ السعودي في بلادهم. وهذا النفوذ الذي غزا القبائل والعشائر والعائلات والأحزاب فضرب هذه بتلك ودعم المعارضة والموالاة في آن معاً، له في حاشد أكبر قبائل اليمن غير حليف ومتعامل، وله في بكيل أيضاً وغيرها من عصبيات اليمن، يلعب بالشافعيين ويحرّضهم، ثم يتآمر عليهم مع الزيديين، يحرك أهل الجنوب أحياناً ويشجعهم على الانفصال ويقف فجأة مع رؤساء الشمال الزيدي في وجه الجنوب.

وهكذا تطبّق الرياض ما أورثها إياه عبد العزيز بن سعود في مطلع القرن الماضي، قال لأولاده وأحفاده: عليكم أن لا تدعوا اليمن يستقرّ فهو خطر على ملككم، وكذلك العراق هزّوه وخضوه دائماً.

وهذا ما يفعله الأحفاد وما تبقى من الأبناء يرسلون دولاراتهم لتدمير الوحدة الداخلية في كلّ من العراق وسورية واليمن، يشترون الناس بعد إفقارها. وإذا كانت هذه هي أهداف السعوديين، فماذا تريد واشنطن من اليمن؟

آل سعود يفكرون مذهبياً وطائفياً وقبلياً فبماذا يفكر البيت الأبيض؟ بوغت الأميركيون بأنّ اللعبة التقليدية بالتشجيع على التجزئة والتقسيم في اليمن لم تعدْ في مصلحتهم القوة الأساسية في الجنوب أصبحت للماركسي السابق علي سالم البيض المتحالف مع إيران!

لذلك انكفأت واشنطن عن لعبة تفجير الكيان السياسي إلى لعبة تفجير التضامن الاجتماعي الداخلي بين الشافعيين والزيديين وهما أكثر المذاهب تقارباً في الإسلام.

وشجعت عبر حلفائها في الرياض والدوحة وأنقرة تنظيمات «القاعدة» ومثيلاتها، و»الإخوان المسلمين»، هذه التنظيمات تشنّ منذ أسبوع تقريباً عمليات انتحارية تعلن أنها ضدّ الحوثيين لكنها تشمل المدنيين بالمئات وتقتلهم وتتلقى التهاني من محطات «العربية» و»الجزيرة» التي تقدم أخبارها على أنّ المعارضة اليمنية «هاجمت موقعاً للحوثيين وقتلت أفراده». وهذا قمة الإسفاف الإعلامي لمحطات أميركية وبريطانية وفرنسية وعربية و»إسرائيلية» وتركية، كلّ هؤلاء اجتمعوا على شيطنة الحوثيين، وللإنارة لا بأس من القول إنّ جدّ الحوثي من الأشراف الهاشميين استوطن اليمن منذ ألف عام.

فلماذا يشجع البيت الأبيض «القاعدة» في اليمن؟ يمكن الاستنتاج بسرعة أنّ لليمن أهميتين: جوارها للسعودية، وهو جوار جغرافي حدودي واجتماعي، والثاني سيطرتها على باب المندب، لذلك يمكن القول إنّ أميركا بتدميرها الدور السياسي للحوثيين في اليمن، تعتقد أنها تدمّر النفوذ الإيراني في أعالي اليمن على مقربة من الحدود السعودية حيث يسيطر الحوثيون وتحاول منع إيران من السيطرة على باب المندب، أو فتح مرفأ لها في البحر الأحمر يكون بديلاً لطهران عن التسهيلات التي كانت تحظى بها في السودان، قبل تحوّل الخرطوم نحو الحلف الأميركي ـ السعودي.

وباب المندب يربط مضيق هرمز قبالة إيران بقناة السويس في مصر وصولاً إلى مضيق جبل طارق وهو أهمّ خط بحري تجاري نفطي في العالم.

لكن الاهتمامات الدولية لا تلغي الانتماءات القومية فالحوثيون يمنيون وهم جزء من الزيديين لن يستطيع أحد اقتلاعهم من أرضهم، ولم تمنحهم إيران نفوذاً في بلادهم انتزعوه من المتعاملين مع السعودية ويحاولون بناء يمن جديد يترفّع عن ابتزاز الدولار النفطي، ولا يقبل بدور لتركيا التي ترعى «الإخوان المسلمين» في اليمن وتسلّحهم وتموّلهم.

ولا أحد يزعم أنّ الحوثيين يحملون مشروعاً ديمقراطياً لتطوير اليمن، لكنهم محاولة على المستوى الوطني لإنقاذ اليمن من الهيمنة الأميركية السعودية والتركية، فهل ينجح الحوثيون في مشروعهم؟ تبدو موازين القوى الداخلية لمصلحتهم. فهم أقوى من مؤسسات الدولة اليمنية وتحتاج أميركا لاجتياح حتى تغيّر المعادلات، ولن تفعل بسبب العلاقات الدولية.

اليمن في أزمة وأهله هم الوحيدون القادرون على إنقاذه فهل يفعلون؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى