فيليب روث الخاسر الأبرز والدائم في نوبل
صعّدت الكاتبة البريطانية إما بروكس الجدال حول تحيّز لجنة جائزة نوبل للآداب، واتهمتها بتعمد منح الجائزة لكتاب غير معروفين، في مقال نشرته أول من أمس الخميس صحيفة «الغارديان»، وقالت بروكس ان الاعلان عن الفائز بجائزة نوبل للآداب باتت المناسبة السنوية التي يتحسر عليها كبار الكتاب المتحدثين بالإنكليزية، وبينهم الأميركي فيليب روث، الذي دأب الوسط الأدبي على تلقيبه بـ»الخاسر»، رغم ان كتاباته حافظت على الصدارة لأكثر من خمسين عاماً. وحملت الكاتبة على لجنة منح الجائزة قائلة إن السويديين، بعد منح الجائزة الأشهر في العالم للكندية أليس مونرو عام 2013، واعتبر فاتحة خير على أميركا الشمالية، اختاروا الابتعاد عن المنطقة مرة أخرى بمنح الفرنسي باتريك موديانوا نوبل هذا العام.
في تشرين الأول 2012 أعلن الكاتب الأميركي فيليب روث اعتزاله الكتابة، بعد أكثر من خمسين عاماً من «اعتناقه» المهنة التي وصفها بأنها «طريقته في الحياة». وعبّر روث عن قراره وهو يتحدّث عن الصعوبة القصوى للكتابة، والمعاناة الذي تولّدها، وعمّا سلبته إيّاه طوال حياته. لكنّ مؤلّف «الراعي الأميركي» و»الوصمة البشرية» -في وصفه العذاب الذي جعل الكتابة تبدو أقرب إلى اللعنة أو العقاب- أدخلَ عن غير قصد تلك المساحة المفتوحة للتساؤل عن العلاقة السادو/مازوشية مع الكتابة. وأنتج روث 29 عملاً أدبياً ونجح في إثارة الدهشة لدى قرّاءه مرّة تلو الأخرى جعل القارئ يتساءل: ما الذي يجبر كاتباً على الاعتزال؟ ورغم تصدّر اسمه بورصة الترشيحات سنوياً، لم يحصل روث على الجائزة الأرفع، فيما اعتبره البعض تجاهلاً متعمّداً لأعماله. وتدور أحاديث حول «تحيّز» لجنة نوبل للآداب في اختيارها الأسماء الفائزة، وأنها تفضل اختيار كتاب مغمورين لم تترجم أعمالهم الى لغات أجنبية ولم يسمع عنهم القراء في الغرب قبلاً.
يبدو أن اتهام لجنة اختيار الفائزين بجائزة نوبل للآداب بالتحيّز لأسباب عرقية أو سياسية، لا يقتصر على العالم العربي فحسب، بل صدر أخيراً عن أصوات غربية، مثل بروكس الناقدة والروائية البريطانية المعروفة.
الفائز موديانو معروف في فرنسا، لكنّ كتبه مع حصول بعضها على جوائز مرموقة لم تترجم إلى لغات كثيرة، وتسبب فوزه بنوع من الصدمة التي تتكرر مع كل كاتب يفوز بأهم جائزة أدبية من دون أن يعرفه الجمهور العالمي على نحو أوسع. وأعلنت الأكاديمية السويدية في بيان أن موديانو كرّم بفضل «فن الذاكرة الذي عالج من خلاله المصائر الإنسانية الأكثر عصياناً على الفهم»، ويبلغ الكاتب الفرنسي المكرم 69 عاماً، ويتركز نتاجه الأدبي على مدينة باريس خلال الحرب العالمية الثانية، مع وصف لتداعيات حوادث مأسوية على مصائر أشخاص عاديين. ويتميز أسلوبه بالوضوح والبساطة، ما جعل منه أديباً في متناول الجمهور العام والأوساط الأدبية على حدّ سواء.
ورغم ذلك واجه منح موديانو الجائزة الأرفع عالمياً انتقادات واسعة.
تقول الكاتبة البريطانية إن الحكام «المتغطرسين» الذين عيّنتهم الأكاديمية الملكية السويدية لاختيار الإسم الفائز بالجائزة لا تهواهم على ما يبدو المدرسة الخلاّقة للكتاب الأميركيين. وثمة اتهامات للجائزة عامة بأنها باتت منصة لمحاربة هيمنة الثقافة الأميركية، وأن حكام اللجنة لا يفضلون في الحقيقة أن يمنحوا الجائزة للكتاب الذين تعتبر كتبهم الأكثر مبيعاً. ووصف الناقد الأدبي في صحيفة «نيويورك تايمز» دوايت كارنر في وقت سابق ما أسماه «منطقة حكام نوبل المظلمة» في الآداب باتت أمراً مثيراً للسخرية.
لكن الكاتبة بروكس تدلّ أيضاً على التركيز على فشل روث في الحصول على الجائزة، رغم أن ثمة كتاباً أميركيين آخرين، تصفهم بـ»العمالقة» يستحقون كذلك الفوز بنوبل، مثل توماس بينكون ودونالد ريتشارد ديليلو.وترجّح الكاتبة هذا التركيز لكون فيليب روث تمكن من حصد جميع جوائز الكتاب الرفيعة في العالم، وفي مقدمها جائزة «بوكر» الدولية وجائزة بوليتزر والجائزة القومية الأميركية للكتاب، ما منحه موقع الهيمنة الذي يؤهله بسهولة للترشح لنيل نوبل.
رغم تنوع الكتابات الأميركية وغزارتها، فإن كاتبة أميركية واحدة فحسب كانت بين المرشحين لنيل الجائزة وهي جويس كارول أوتيس. لكن بروكس ترى أن ثمة كاتبة أميركية أخرى أفضل، هي مارلين روبينسون، وآخر أعمالها رواية «ليلى» وكان ينبغي إدراج اسمها ضمن المترشحين. وتضيف الكاتبة البريطانية أن موديانو هو الفائز الآن، لكن يبقى السؤال: من سيكون فيليب روث المقبل كي يخسر كل عام ونقف لندعمه؟