خوري: المساعدات الدولية غير كافية وعلى البلديات تحمُّل مسؤولياتها
عقد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري مؤتمراً صحافياً حول تأثير النزوح السوريّ على الاقتصاد اللّبناني، خصوصاً في ما يتعلّق بالمؤسسّات غير الشرعيّة وغير المرخّصة.
استهلّ الوزير خوري المؤتمر بعرض أرقام وإحصاءات حول النازحين في لبنان مصدرها البنك الدولي والمجتمع الدولي، مشيراً إلى أنّ الناتج المحلي انخفض من 8 عام 2011 الى 1 عام 2017.
ولفت إلى أنّ الأزمة كلّفت الاقتصاد اللّبناني 18 مليار دولار.
وأكد خوري أنّ الوضع الاقتصاديّ لم يعد يحتمل، مضيفاً أنّ «شكاوى كثيرة وصلت إلى وزارة الاقتصاد والتجارة حول مؤسسّات غير شرعيّة وغير مرخّصة في مختلف الأراضي اللّبنانيّة وهي تعود لغير لبنانييّن، خصوصاً لنازحين سورييّن. وقد قامت الوزارة باحصاء تبيّن من خلاله أنّ معظم هذه المؤسسّات تعمل في لبنان كلّه وفي مختلف القطاعات وهي تؤثّر على الاقتصاد اللّبنانيّ بشكل كبير خصوصاً أنّها لا تدفع الضرائب ولا رسوم الضمان وهي تبيع السلع والخدمات بأسعار رخيصة جداً تنافس الأسعار التي يعتمدها اللّبنانيّون أصحاب المؤسسّات المرخّصة والتي تدفع الضرائب المتوجّبة عليها. كلّ ذلك يؤدّي إلى زيادة البطالة وإلى إقفال عدد من المؤسسات وانقراض عدد من القطاعات الصناعيّة».
وأوضح: «أنا لا أشمل المؤسسّات الشرعيّة المرخّصة المملوكة من أجانب. نحن نشجع الاستثمار الأجنبي وإخواننا السورييّن وغير السورييّن على الاستثمار في لبنان وصناعاته وخدماته ولكن بالطريقة الشرعيّة والقانونيّة».
وتابع: «نحن نتمنّى للنازحين العودة الآمنة والكريمة إلى بلادهم، خصوصاً في ظلّ وجود مناطق آمنة في سورية، لكن وفي انتظار عودتهم، المطلوب منّا كدولة تنظيم العلاقة الاقتصاديّة بين لبنان والنازحين السورييّن. المطلوب تطبيق القوانين والتشريعات اللّبنانيّة فقط لا غير، فالعمّال السوريّون يحقّ لهم وفقاً للقانون القانون العمل فقط في 3 قطاعات هي البناء، الزراعة والنفايات ولكنّهم يعملون في قطاعات مختلفة خلافاً للقانون».
الخطوات الإجرائية
وتطرق إلى الخطوات الإجرائيّة التي اتّخذتها وزارة الاقصاد والتجارة في هذا الإطار، مشيراً إلى أنّه «أمام هذا الوضع الشاذ والصعب وفي غياب شبه تامّ للدولة البنانيّة كلها، قمت بالخطوات التالية: في شهر حزيران دعيت نحو 25 رئيس بلديّة من مختلف المناطق اللّبنانيّة، إيماناً منّي بأنّ السلطات المحليّة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً لا بل الدور الأكبر في معالجة هذا الوضع كونها موجودة على الأرض وهي تملك المعلومات الأدقّ عن وضع المؤسسّات غير الشرعيّة وفي صلب صلاحيّاتها تطبيق القانون وتنظيم الوضع».
وكشف عن معلومات أدلى بها رؤساء البلديات في الاجتماع المذكور منها مثلاً برج حمود التي فيها 34 ألف نازح سوريّ، صور التي يتواجد فيها النازحون السوريّون على مدخل المخيّمات وهم يعملون في مختلف القطاعات حتّى كسائقي تاكسي. في العاقورة مثلاً تسجّل البلديّة كلّ النازحين وتتشدّد في المراقبة. في قبّ الياس 75 من السكان هم من النازحين السورييّن وقد أرسلت البلدية كتباً عدّة إلى المحافظ لإقفال هذه المؤسسّات من دون أن يحصل التجاوب المطلوب. في محافظة عكّار مثلاً عدد السورييّن في بعض القرى أكثر من عدد اللّبنانيّن، منها مثلاً قرية فيها 3000 سوريّ مقابل 300 لبنانيّ. في جونيه، عدد النازحين كبير وهم يعملون في مختلف القطاعات، بعلبك أيضاً أطلقت صرخة بسبب تزايد عدد النازحين».
وفي المقابل، تحدث عن بلدية الحدث كونها «تطبّق القانون وتمنع العمالة للنازحين والأجانب في غير القطاعات التي يجيز القانون العمل فيها وقد أقفلت المؤسسات غير الشرعية فيها تقريبا بالكامل».
وتابع خوري: «في أيلول الماضي، عقدنا اجتماعاً للمحافظين لأنّهم السلطة المحليّة، اثنان منهما لم يحضرا الاجتماع، أحدهما لم يردّ على مكالماتنا والثاني قال إنّه غير قادر على فعل شيء في هذا الإطار. لقد طلبنا من البلديّات والمحافظين إقفال المؤسسّات غير الشرعيّة فوراً. من جهتنا أعطينا توجيهات للمراقبين في الوزارة بمراقبة وإحصاء المؤسسّات غير الشرعيّة، وبما أننا لا نملك صلاحيّة كوزارة بإقفال هذه المؤسسّات، أرسلنا الكتب إلى المحافظين لإقفالها والعودة إلينا بتقرير يظهر الاجراءات التي اتّخذوها».
ورأى أنّ على المواطنين مطالبة البلديات «بالتحرّك وإذا لم يجدوا آذاناً صاغية فليقدّموا شكوى بذلك إلى وزارة الاقتصاد ونحن سنفضح المهملين وكلّ من لا يقوم بواجباته ومن يستخفّ بمصلحة المواطنين».
دور المجتمع الدولي
وتحدّث الوزير خوري عن دور المجتمع الدولي قائلاً: «للمجتمع الدوليّ مسؤوليّات في هذه القضيّة لأننّا لسنا المسؤولين عن الحرب في سورية. في اجتماعاتي الأخيرة في واشنطن مع البنك وصندوق النقد الدوليّين، شدّدت على موضوع النزوح السوري وزوّدتهم بالأرقام وقلت أنّ لا دولة في العالم تستطيع تحمّل هذا العدد من النازحين، حتّى الولايات المتّحدة إذا استقبلت 120 مليون نازح من المكسيك، ينهار اقتصادها بسرعة. اقتصادنا قويّ وبكل رحابة صدر نستقبل إخواننا السورييّن لكن لم يعد بامكاننا تحمّل الوضع».
ولفت خوري إلى «أنّ المجتمع الدوليّ يقدم بعض المساعدات والقروض لكنّها غير كافية وقد لمسنا تجاوباً منه وننتظر كيف سيترجم»، مشيراً إلى أنّ المجتمع الدولي طالب، بدوره، الدولة اللبنانية بـ»إجراء إصلاحات وقلنا أننّا بدأنا بها وقد حصل استقرار سياسي بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهوريّة وانتخاب حكومة وحدة وطنيّة واقرار قانون للانتخابات، وإصدار قانون الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ وأطلقنا في مجلس الوزراء أمس الجمعة خطّة اقتصاديّة. كما تحدّثنا عن قرار الحكومة الاستثمار في موضوع البنى التحتيّة بحوالي 14 مليار دولار».
وفي موضوع الخطوات الإجرائيّة المطلوبة من الدولة ككلّ، قال الوزير خوري: «كلّ ما تفضّلنا به لا يعفي السلطة المركزيّة والحكومة والدولة مجتمعة من واجباتها ومن مسؤوليّاتها. قضيّة النازحين هي قضيّة كبيرة وصعبة والمسؤولية جماعية، مسؤوليّة الوزارات المعنيّة، المحافظين، البلديّات، المخاتير، القوى الأمنيّة والمواطنين، متحدّثا عن اللجنة الوزاريّة التي تشكلت لشؤون النازحين»، قائلاً: «للأسف ليست فعالة حتّى الآن، لكنّ الرئيس سعد الحريري جددّ التزامه في جلسة مجلس الوزراء في هذا المجال، مؤكداً إعادة تفعيل هذه اللجنة وكانت مداخلة للرئيس عون حول هذا الموضوع، وهناك جدّية ونيّة حقيقيّة للدولة بأن تضع خطّة شاملة حول هذا الموضوع. اليوم لا وزارة، لا بلدية ولا محافظ قادر لوحده أن يحلّ المشكلة ككلّ. نحن نتحدّث عن أعداد فاقت المليون ونصف وهي بحاجة إلى جهوزيّة تامّة من قبل كلّ الدولة اللّبنانيّة، وفي غياب خطّة شاملة لن نصل إلى أيّ حلّ».