سيناريو اغتيال الأب يتكرّر مع الإبن سياسياً
حسين حمّود
«لبنان ليس أوكرانيا أو جورجيا إنه حالة فريدة في هذا العالم» … إذا كان البعض يتصوّر أنه يمكن أن يسقط الدولة والأمن والاستقرار والخيارات الاستراتيجية للبنان، بعلاقاته ومواقفه وببعض التظاهرات وبعض الهتافات وبعض وسائل الإعلام فهو مخطئ».
هذا الكلام قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في آذار 2005 في ختام مظاهرة ضخمة لمناصري سورية والمقاومة في وسط بيروت.
هذا الكلام وجد ترجمته العملية لاحقاً من خلال فشل «قوى 14 آذار» التي جمعت الأحزاب المؤيدة للغرب والولايات المتحدة الأميركية والسعودية، في تظاهرة بوسط بيروت أيضاً بعد التظاهرة الأولى وذلك بغية إطلاق «ثورة» على حكم رئيس الجمهورية آنذاك إميل لحّود وجرّ لبنان بالتالي إلى المعسكر الأميركي الغربي – الخليجي وفي ثناياه الخفية «إسرائيل»، تمهيداً لنزع سلاح المقاومة ولو بالقوّة المسلحة وإنهاء كل حركات المقاومة في لبنان والتي تقف في وجه المخططات الأميركية – «الإسرائيلية» المشبوهة للمنطقة وأبرز بنودها إعادة تقسيمها دويلات طائفية ومذهبية ضعيفة حول الكيان الغاصب لفلسطين المحتلة.
لكن هذا المشروع أُحبط، فأعيد إحياؤه الآن، مع استخدام السعودية رأس حربة لتنفيذه. لكن أيضاً أُحبط هذا المسعى بعد الفشل الفادح والفضيحة، لأميركا و«إسرائيل» والسعودية في سورية والعراق واليمن. المشروع أعيد إحياؤه مجدداً أيضاً لكن هذه المرة في لبنان وبوجه سعودي سافر من خلال الهجوم المتصاعد في اللهجة ضد حزب الله، ثم رفع درجة التوتر مع لبنان بنصب كمين لرئيس حكومته سعد الحريري في الريّاض الذي استدعي إليها ليؤخذ مخفوراً إلى فندق «ريتز كارلتون» من ضمن حملة مزعومة ضد الفساد قادها ولي العهد السعودي محمّد بن سلمان بمباركة من والده الملك.
وأتبعت المملكة هذا التصرف بخطوات تصعيدية أخرى، كاستقالة الحريري المفاجئة من رئاسة الحكومة وسلسلة مواقف هجومية ضد حزب الله لتأليب الرأي العام اللبناني ضده وهزّ الحكومة وفرطها لتعمّ الفوضى وتُسفك الدماء في حلقات حرب جنونية للقضاء على لبنان ومن فيه إذا لم تستسلم المقاومة وتجرّد من سلاحها، لعلّ ذلك يُضعف أيضاً إيران ويخفّف من ثقلها في المنطقة.
إلاّ أن المشروع السعودي فشل مرة ثالثة أخرى وفي لبنان بالذات لجملة أسباب، تراها اوساط سياسية، أبرزها الالتفاف الداخلي حول الحريري المقيّد الحركة في السعودية. ثم قيادة رئيس الجمهورية ميشال عون حراك داخلي وإقليمي ودولي لإبقاء قضية الحريري في الواجهة والسعي لتحريره وعدم فرض أي وصاية على لبنان ونهج الحكم فيه. الأمر الذي لاقاه فيه معظم اللبنانيين ما عدا قلة قليلة من المؤتمرين بحكّام الريّاض. وكذلك الرفض الدولي للمخطط السعودي، لسببين: الأول هو أن حكّام السعودية ساروا في مشروع ينطلق من الحقد على إيران ولبنان وهو يخدم المصالح السعودية فقط أو هكذا ترى الرياض. والثاني هو أن أي مشروع تفجيري في لبنان سيجعل النازحين السوريين إلى لبنان، وعددهم يناهز المليوني نازح، في اليوم التالي، على شواطئ أوروبا وهذا أكثر ما يخشاه الغرب.
سيناريو الثورة السعودية فشل في لبنان، لأنه ليس أوكرانيا ولا جورجيا إنه بلد فريد من نوعه في العالم. هذا ما قاله السيد نصرالله غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 والذي حاولت دول عدّة استغلاله في لبنان والمنطقة من خلال افتعال الفتن التخريبية في المنطقة، وسيقت الاتهامات في الاغتيال ضد سورية، لكن برئت لاحقاً ولم تُعرف حتى الآن الجهة التي تقف وراء الجريمة.
في 2017 أٌجبر سعد رفيق الحريري على الاستقالة، فيما حمّلت السعودية حزب الله المسؤولية عمّا آل إليه مصير الحريري.